الرئيسية / تقارير وحوارات / صالح يفتح حصن السلطان «عفاش» بقرية بيت الأحمر بسنحان لأول مرة ويتحدث عن تفجير دار الرئاسة
صالح يفتح حصن السلطان «عفاش» بقرية بيت الأحمر بسنحان لأول مرة ويتحدث عن تفجير دار الرئاسة

صالح يفتح حصن السلطان «عفاش» بقرية بيت الأحمر بسنحان لأول مرة ويتحدث عن تفجير دار الرئاسة

01 فبراير 2013 02:01 مساء (يمن برس)
لم تكن زيارتي لقرية بيت الأحمر، بمديرية سنحان، مسقط رأس الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح عادية بكل المعايير، خاصة أن الزيارة تمت بناء على دعوة شخصية منه، حيث اقترح زيارة القرية بمرافقة شقيقه اللواء علي صالح، للاطلاع على حصن عفاش الذي يعتبر معقل أسرة صالح، إذ سمحت لي هذه الزيارة بمعرفة جوانب أخرى في شخصية الرئيس السابق صالح الذي أدار شؤون اليمن لأكثر من 3 عقود.

لقد ارتبط لدى البعض أن لقب «الأحمر» يعتبر لقبا لصيقا لمسمى الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وهذا غير صحيح، لأن قصة تسمية «قرية الأحمر»، حسب رواية شقيق الرئيس اليمني السابق الذي رافقنا في الزيارة، جاءت عندما توجه أحد الأشخاص لعفاش وهو جد صالح، الذي سمي الحصن باسمه، وطلب منه مساعدة، واستقر بالقرية التي سميت باسم الأحمر نسبة للشخص الذي قدم إليها.

وأعتقد أن ثورة الربيع العربي التي اجتاحت عددا من الدول العربية ووصلت إلى اليمن جعلتني أكثر شوقا لزيارة قرية بيت الأحمر التي أصبحت ذكرى لرئيس حكم اليمن 33 عاما.

توجهنا صباحا لقرية بيت الأحمر، وتحديدا لحصن عفاش، الذي يقع أعلى قرية بيت الأحمر بمديرية سنحان، موطن ولادة ونشأة الرئيس السابق صالح، التي تبعد قرابة 45 كيلو متر جنوب شرق العاصمة صنعاء.

قادتنا سيارة صالون مزودة بحراسات برفقة اللواء علي صالح شقيق الرئيس السابق.

قطعت السيارات المسافة بقرابة ساعة واحدة ونحن نتجاذب أطراف الحديث الجاد والمازح، مع شقيق الرئيس السابق طوال الرحلة، الذي حكى لنا قصة القرية.

لم تكن قرية الأحمر مثل القرى اليمنية الأخرى التي شاهدتها، حيث فوجئت أن «بيت الأحمر» قرية، ولكن على شكل مقاطعة نموذجية قديمة، وتذكرت حيث شاهدت القرية بأطرافها الواسعة، مزرعة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن في كروفورد بتكساس، التي زرتها قبل سنوات، لما تمتلكه من مميزات تفتقر لها أحياء العاصمة صنعاء من ناحية سفلتة شوارعها أو الخدمات التي وصلت إليها حتى للأزقة بين المنازل، إضافة إلى الطرق الواسعة التي تربطها بالعاصمة صنعاء من جهة ومأرب لكونها تحتضن حصنا كبيرا، إضافة إلى أنها كانت ممرا مألوفا للرئيس اليمني السابق، وبالتالي فإن جمال الشوارع المؤدية لقرية بيت الأحمر كان متوقعا.

حصن عفاش الذي كان جاثما على مساحة كبيرة في قمة تلة صغيرة تحيط بها قرى متنوعة بها مبان طينية قديمة وفلل كبيرة وفاخرة، وما أن عبرت سيارتنا البوابة الأولى للحصن الذي لا يزال يحظى بحراسة مشددة وكاميرات مراقبة، لنصعد من وسط قرية بيت الأحمر إلى البوابة الثانية، وندلف إلى ردهة الحصن الذي شاهدنا قرب بوابته مسجدا صغيرا بمنارة عالية، ومبنى من الأحجار اليمنية الفاخرة، ومبنى كبيرا آخر يقع منزل الرئيس السابق في قمته.

وبقرب البوابة شاهدنا مبنى طويلا آخر، أوضح لنا شقيق الرئيس السابق أنه المنزل القديم الذي تم ترميمه والذي ولد فيه صالح وإخوانه وفي جنباته مزارع للعنب.

وشاهدنا على الطرف الآخر فرقا عسكرية تقوم بزراعة إحدى الحدائق القريبة للحصن.

وفي معرض شرحه للموقع، أوضح أن الحصن يطلق عليه حصن السلطان علي عفاش، الذي شيده وسكنه قبل 1200سنة، مبيناً بأن جده الذي شيد المبنى «عفاش» قدم من مأرب مثله مثل النازحين الذين سكنوا في عدد من المناطق اليمنية عقب انفجار سد مأرب وبنى هذا الحصن.

وتابع قائلاً: «نحن خمسة إخوة ولدنا في هذا المبنى الذي بداخل الحصن، ومع مرور الأيام نزلنا إلى الوديان السفلى».

وعن طبيعة علاقتهم بلقب «الأحمر»، الذي ظل لصيقاً بهم طيلة الـ33عاماً، إبان العلاقة القوية التي كانت تربط صالح بزعيم قبيلة حاشد عبدالله بن حسين الأحمر، أفاد أنه أثناء وجود جده في الحصن قدم شخص يطلب المساعدة وتم السماح له بإنشاء سكن في الوادي لتتحول القرية بعد مرور الزمن إلى بيت الأحمر، وتواصلت الأيام لنتجاهل نحن اسمنا الحقيقي كعائلة عفاشية لنحتفظ بلقب «الأحمر».

الحصن الذي أعيد ترميمه بحسب يافطة على البوابة في عام 1999، يحده من الشرق وادي عفاش ومن الجنوب قرية الأحمر، أو بالأحرى مدينة الأحمر الحضارية، التي يتوسطها منزل قديم منهار، قيل إنه المنزل الأصلي للواء المنشق علي محسن الأحمر، ومن الجانب الغربي منزل شقيق الرئيس علي صالح، ومنزل آخر جديد بأحواش كبيرة وضخمة، قيل إنه يتبع علي محسن الأحمر، ومنزل آخر لقائد الدفاع الجوي سابقاً علي صالح الأحمر، ومن الجانب الشمالي تقع قرية مقولة ومركز المديرية «السلطة المحلية».

اللواء علي أوضح أن موقع الحصن شهد تدهورا في السابق، ولكن شقيقه عقب مجيئه لرئاسة اليمن أعاد ليس ترميمه فقط بل وترميم تاريخ اليمن بكامله، مبيناً بأن الرئيس السابق صالح كان يزوره بشكل يومي ويصلي كل جمعة فيه، كما أنه لا يزال يزوره مرتين في الأسبوع ويقابل أبناء قريته فيه.

وتابع قائلاً: «أخي صالح لم يبن حصن أجدادنا بل إنه بنى اليمن بكامله ونجح في تحقيق الوحدة، فاليمن لم يتوحد إلا في عهد الحميريين».

وأشار إلى أن صالح ولد في عام 1942م، في البيت القديم الواقع في حوش الحصن، مع خمسة من إخوانه، وهم: (أكبرهم محمد عبدالله صالح «متوفى»، وصالح والرئيس علي عبدالله صالح وعلي صالح ومحمد صالح)، ولا يزال على قيد الحياة ثلاثة إخوة فقط.

تجولنا في الحصن وكانت مضادات الطائرات والحراسة المشددة من الحرس الخاص «اللواء الأول» في كل جوانبه وبقيادة ضابط كتب على بدلته العسكرية علي مقولة، مع أن الحرس الخاص قد تم إلغاؤه ونقل اللواء ذاته إلى الحماية الرئاسية التابعة للرئيس الجديد لليمن عبد ربه منصور هادي، كما أن هناك مضادات طائرات في كل الجوانب قيل إنها تطلق أكثر من 300 طلقة بالدقيقة الواحدة.

استمرت جولتنا في قرية الأحمر لقرابة ساعة ونصف لنعود من حيث دخلنا، ونجد عددا من كبار السن لا يتعدى عددهم أصابع اليد، حيوا اللواء لنغادر إلى العاصمة صنعاء بهدوء.

هذا الهدوء الذي لف قرية بيت الأحمر التي كانت يوما ما مكانا عاصفا بوجود علي صالح في الحكم.. حيث شهدت العديد من الأزمات.. ولكن كل شيء تغير.. هكذا بدأت قصة صالح في قرية بيت الأحمر.. واستمرت 33 عاما في الحكم لتنتهي في الحي السياسي بحدة.

"عكاظ" زارت متحف صالح  واطلعت على الهدايا التي تلقاها خلال 33 عاما
لم أكن أتوقع أن الفرصة التي سنحت لي لمشاهدة متحف الهدايا الخاصة التي منحها زعماء دول العالم للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي تم نقله من دار الرئاسة إلى جناح خاص بمسجد الصالح في صنعاء ستقودني لمشاهدة الشظايا التي اخترقت جسد الرئيس السابق صالح المحروق في حادثة تفجير دار الرئاسة في مسجد النهدين الذي نجا فيه بأعجوبة في الـ 3 من يونيو عام 2011م.

جناح المعرض الخاص احتوى على الهدايا القيمة التي تلقاها صالح طوال حكمه الذي استمر 33 عاما والذي تضمن مجسمات ودروعا وسيوفا ذهبية وشهادات وأوسمة، حيث وضع في وسط المعرض جناح خاص يعرض الساعة التي كان يرتديها لحظة التفجير، حيث وضع في برواز زجاجي مع ست شظايا في علب بلاستيكية مكونة من المسامير والقطع الحديدية التي اخترقت صدره وأذنيه وأماكن أخرى من جسده، والتي تم إخراجها في عمليات جراحية متعددة أجريت له بالمستشفى العسكري بمدينة الرياض خلال شهري يونيو ويوليو، بالإضافة لسجادته والساعة التي كان يلبسها لحظة التفجير .

«عكاظ» أثناء زيارتها للمتحف الذي يقع في الدور الثاني من مسجد الصالح الواقع في حي السبعين القريب من الرئاسة اليمنية والذي شيده صالح في العقد الأخير من حكمه لليمن بقيمة من 150 مليون دولار، وأطلق عليه مسمى جامع الصالح ومشاهدتها للمتحف شعرت بمدى التأثير الذي أحدثه التفجير على جسد الرئيس السابق، حيث يبدو أن التفجير أحرق الرجل اليمنى، مما يشير إلى أن تلك الرجل تعرضت لحروق شديدة وكسور إلى الفخذ، فيما لم تتأثر الرجل اليسرى كثيرا بالحروق وهذا يتضح من عدم التهام النار للرجل اليسرى.

قصة التفجير
وبحسب المصادر فإن سبع عبوات ناسفة شديدة التفجير تم إدخالها لدار الرئاسة في كرتون صابون ومنظفات أخرى، حيث تم دفع أحدها في منبر الخطيب فيما وزعت العبوات الست في الواجهة الأمامية للمسجد وربطت جميع العبوات بسلك مشترك خفيف وربطت هذه الأسلاك بشريحة جوال، حيث تم التفجير عبر الجوال من بعد.

وأشارت المعلومات إلى أن ضباطا كبارا في الحرس الخاص متورطون في عملية تفجير دار الرئاسة.
 وكشفت المصادر عن أن عبوة واحدة فقط انفجرت في المسجد وأحدثت هذا الدمار الشامل.
 وأشارت المصادر إلى أن سرايا الدفاع الموجودة داخل دار الرئاسة أطلقت قذائف وبشكل عشوائي على المسجد توقعا منها أن هناك قوات معادية دخلت المسجد ولم تؤكد مصادر رسمية صحة هذه المعلومات.

وضع الشظايا في المتحف
من جهته، أفاد المسؤول عن المتحف أن صالح قرر وضع الشظايا والساعة والسجادة في المتحف لكي يشاهده الزائر ويرى بنفسه قصة التفجير، موضحا أن جميع الهدايا والتحف التي حصل عليها الرئيس السابق تم نقلها من دار الرئاسة وتم تسجليها في بيانات رسمية.

ويرأس مجلس إدارة مجلس الصالح نجل الرئيس السابق أحمد علي عبدالله صالح، ويديره ابن عمه طارق محمد عبدالله صالح وتقدر مساحة المعرض بحوالي مائة وخمسين مترا مربعا، وضع في بدايته مجسم لصورة صالح ولوحتين رسم على إحداهما شجرة توضح فيها حكام وسلاطين اليمن وأخرى توضح شجرة القبائل اليمنية.

كما اشتمل المعرض على هدايا من ملوك وأمراء المملكة من ضمنها مجسم للحرم المكي من إهداء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وآخر من المغفور له بإذن الله الملك فهد، ومجسم لأشجار النخيل من الذهب من الأمير سلطان (رحمه الله)، بالإضافة إلى رسالة وخنجر وسفينة وضعت في الأعلى كتب عليها الحوار الوطني. كما شاهدنا الدرع الذي قدمته «عكاظ» عام 2003 كإهداء للرئيس السابق صالح والذي تصدره صورة للعدد الأول من صحيفة «عكاظ» المرسوم على صفيحة ذهبية.

هدايا ودروع قيمة
واشتمل المعرض أيضا على هدايا مثل البندقية المحلية بالذهب وقلائد ذهبية وسيوف ذهبية من أمراء البحرين والإمارات وقطر وعمان الكويت والأردن والمغرب ورؤساء مصر والعراق وسورية وفلسطين والجزائر وتونس وعدد من مسؤولي الدول الأفريقية والآسيوية والأوروبية وأمريكا. كما شمل العرض مصاحف نادرة مكتوبة بالذهب.

المتحف الذي على ما يبدو أنه لا يزال مغلقا أمام الزوار كان أشبه بتحفة جميلة وراقية تشد الناظرين.

وأفاد المرافق الذي اصطحبنا في الجولة أن فكرة إنشاء المسجد بدأت في عام 1998 انطلقت الخطوات التنفيذية للمشروع في العام 2001 واستمر العمل سبع سنوات بمساهمة مجموعة من أشهر دور الهندسة المعمارية والمدنية في الداخل والخارج واعتمدت خبرات وقدرات وموارد ومواد يمنية محلية مائة بالمائة الأخذ بأربعة معالم إسلامية محلية وهي (الجامع الكبير، وجامع البكيرية بصنعاء، وجامع العامرية برداع، وجامع الروضة بصنعاء) مع استنباط أهم التقنيات الحديثة من أهم المعالم الإسلامية في العالم الإسلامي ودمجت الأصالة بالمعاصرة وشكلت بذلك من أروع وأجمل معلم إسلامي في العالم بعد الحرمين الشريفين.

وأوضح مدير المشروع علي بن علي مقصع أن صالح كان يتابع عملية الإنشاء بشكل يومي ويدخل التعديلات عليها بما في ذلك تحديد حجم الجامع وسعته وارتفاع المآذن واستخدام الحجر كعنصر أساسي لبناء الجامع واستخدام الياجور الأحمر الطبيعي، وتغليف الأعمدة بالجرانيت، وأهمية الزخارف الخشبية في تلبيس الأسقف، وأهمية النقوش الخشبية للجدران والأسقف والقمريات وعلى أن تكون مستوحاة من الطراز اليمني وطابعها الأصيل في التنسيق والتلوين.

ويبقى مسجد الصالح شاهدا على تاريخ مضى يحكى للأجيال قصة اليمن الذي يسير نحو الاستقرار. لتبقى قصة محاولة اغتيال صالح غامضة مثلها مثل بقية قصص الاغتيالات التي وقعت لزعماء في دول أخرى والتي لم يكشف عن مرتكبيها حتى الآن.
شارك الخبر