في صمت مهيب اجتاح قلوب ملايين المشاهدين عبر الوطن العربي، رحلت الفنانة الكبيرة سمية الألفي عن عمر يناهز 72 عامًا، بعد صراع مرير مع المرض امتد لسنوات طويلة. 12 مرة فقدت جنينها قبل أن تحتضن أحمد الفيشاوي، و7 عمليات جراحية في العمود الفقري لم تكسر إرادتها، لتنطفئ اليوم آخر شموع الجيل الذهبي للدراما العربية، تاركة وراءها إرثًا فنيًا يمتد لخمسة عقود من العطاء.
شُيّع جثمان "الأميرة نورهان" عصر السبت من أحد مساجد القاهرة، وسط حضور مهيب من الفنانين والمحبين الذين تجمعوا لتوديع من جسدت عبق المرأة المصرية الأصيلة في أعمال خالدة مثل "ليالي الحلمية" و"بوابة الحلواني". "كانت من الفنانات اللاتي قدّمن مسيرة فنية متميزة"، قال وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، بينما روت فاطمة السيد، 55 عامًا: "كانت بمثابة الأم الحنونة في كل بيت عربي، صوتها الدافئ كان يملأ بيوتنا بالدفء والحنان".
بدأت مسيرة الراحلة في سبعينيات القرن الماضي، لتصبح واحدة من أيقونات الدراما العربية التي لا تُنسى. ولكن خلف الأضواء، كانت تخوض معركة صامتة ضد المرض بدأت بوفاة شقيقتها سلوى عام 2005 من السرطان، ما دفعها للاعتزال تدريجيًا. مثل فاتن حمامة وسعاد حسني، رحلت سمية الألفي تاركة فراغًا لن يُملأ في قلوب محبيها، بعد أن أعلنت تعافيها من سرطان الثدي عام 2023، لكن القدر كان له رأي آخر.
لعل أكثر ما يؤلم القلب في رحيل سمية الألفي هو قصة حبها المعقدة مع فاروق الفيشاوي، التي قالت عنها: "لا مثيل له... ندمت لانفصالي عنه". كانت تتمنى أن ترعاه على مدار الساعة خلال مرضه الأخير، رغم الطلاق الذي فرّق بينهما. د. أحمد محمود، طبيب أورام، يؤكد: "واجهت المرض بشجاعة نادرة، وكانت مثالاً للصبر والمثابرة رغم 12 إجهاضًا عانت منها قبل إنجاب أطفالها". اليوم، يبحث الملايين عن طرق لدعم مرضى السرطان، مستلهمين من قصتها القوة والإصرار على الحياة.
رحلت "الأميرة نورهان" تاركة خلفها إرثًا فنيًا خالدًا وقصة حب لم تكتمل مع الفيشاوي، لكن ذكراها ستبقى محفورة في قلوب الأجيال. في زمن تسوده السطحية والأعمال التجارية، تطرح وفاتها سؤالاً مؤلمًا: من سيحمل راية الفن الأصيل والقيم النبيلة بعد رحيل الرعيل الأول؟ الإجابة تكمن في حفاظنا على إرثها وتعليم الأجيال الجديدة معنى الفن الهادف والحب الحقيقي.