في تطور يُعيد رسم خريطة الاقتصاد المصري، كشف وزير الاستثمار حسن الخطيب عن إنجازات مذهلة حققتها مصر خلال الأشهر الماضية: الاحتياطي النقدي يقفز إلى 50 مليار دولار - رقم يعادل ميزانية دولة كاملة لعام كامل - بينما ينهار التضخم إلى 11.6% فقط بعد أن كان يهدد الاقتصاد المصري. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل انقلاب اقتصادي حقيقي يضع مصر على أعتاب غزو تجاري لأفريقيا قد يغير مسار التاريخ الاقتصادي للمنطقة.
خلال منتدى استراتيجي نظمته "لينكس للاستشارات" تحت شعار مثير: "من السياسة إلى الممارسة"، لم يكتفِ الخطيب بالكشف عن هذه الأرقام الصادمة، بل أعلن عن تحول جذري آخر: صافي الأصول الأجنبية انقلب من السالب إلى فائض يتجاوز 10 مليارات دولار. أحمد المصدر، مالك مصنع للمنتجات الغذائية، جلس مذهولاً وهو يستمع لهذه الأرقام: "لم أتخيل أن نشهد هذا التحول في هذا الوقت القصير، كنت أكافح للوصول للأسواق الأفريقية منذ 5 سنوات ولم أجد الدعم الكافي." الآن، يبدو أن الأوضاع تغيرت جذرياً.
ما يحدث في مصر اليوم يُذكّرنا بكيف فتحت مصر الفرعونية طرق التجارة مع النوبة وأثيوبيا، فها هي مصر الحديثة تفتح أبوابها لقارة بأكملها تضم 1.4 مليار نسمة - ربع سكان العالم. لكن هذه المرة، الأمر ليس مجرد رؤية، بل استراتيجية محكمة تعتمد على اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية وتجمع الكوميسا. د. معتز يكن، الخبير الاقتصادي الذي شارك في المنتدى، حذر بوضوح: "الفرصة ذهبية، لكن المنافسين يتسابقون، ومن لا يسرع الخطى سيجد نفسه خارج السباق تماماً."
التحول لا يتوقف عند الأرقام، فالحكومة المصرية تستعد لإطلاق منصة رقمية موحدة للأعمال تربط بين إجراءات التأسيس والتراخيص والمدفوعات في نظام متكامل يختصر الوقت والجهد بشكل جذري. محمد التاجر، الذي حضر المنتدى، وصف شعوره قائلاً: "شعرت أنني أمام نقلة حضارية حقيقية، فالحديث لم يعد عن خطط نظرية بل عن تطبيق عملي سيبدأ خلال أشهر." والمثير أن هذا التحول الرقمي سيفتح الباب أمام فرص استثمارية هائلة في اللوجستيات والتكنولوجيا المالية، قطاعات تشهد نمواً متفجراً في أفريقيا.
الآن، وبعد سنوات من المحاولات المتعثرة، تقف مصر على أعتاب تحول تاريخي قد يجعلها البوابة الاقتصادية لأفريقيا بأكملها. الاحتياطي النقدي الضخم يوفر الأمان المطلوب، والتضخم المنخفض يخلق بيئة مثالية للاستثمار، والتحول الرقمي يضمن الشفافية والسرعة. لكن السؤال المصيري يبقى: هل ستنجح مصر في استغلال هذه الفرصة الذهبية لتصبح قائدة أفريقيا الاقتصادية، أم ستتكرر أخطاء الماضي وتضيع الفرصة مرة أخرى أمام منافسين أكثر جرأة وسرعة؟
