في تطور مناخي خطير يهدد سلامة ملايين المصريين، تشهد البلاد منذ صباح اليوم ظاهرة جوية استثنائية حيث انخفضت الرؤية الأفقية إلى 2.9 كيلومتر فقط - وهي مسافة لا تكفي لرؤية برج القاهرة من ميدان التحرير! جدار أبيض كثيف من الضباب يحاصر الوجه البحري والمناطق القريبة من المسطحات المائية لمدة 9 ساعات متواصلة، في مشهد يذكرنا بضباب لندن الكثيف الذي غيّر وجه المدينة في القرن التاسع عشر.
وسط هذا الجدار الأبيض المرعب، حذرت الأرصاد الجوية المصرية من خطورة بالغة تهدد حركة المرور منذ ساعات الليل المتأخرة وحتى الساعة 9 صباحاً. "توخى الحذر والقيادة بهدوء وترك مسافات آمنة بين السيارات حفاظاً على سلامة الجميع"، جاء في البيان الرسمي للأرصاد. أحمد محمود، سائق تاكسي من الجيزة، يروي لحظات الرعب: "لم أستطع رؤية السيارة أمامي رغم أنها على بُعد مترين فقط! كان الأمر كالقيادة داخل سحابة بيضاء".
الظاهرة ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تضافر عوامل جوية معقدة تشمل ارتفاع الرطوبة وانخفاض درجات الحرارة ليلاً مع وجود المسطحات المائية الواسعة في دلتا النيل والسواحل الشمالية. د. محمد الخياط، أستاذ الأرصاد الجوية، يوضح: "هذه الظاهرة طبيعية لكن خطورتها تزداد مع الكثافة المرورية الحالية والسرعات العالية على الطرق". والمفاجأة أن تفاوت درجات الحرارة اليوم يصل إلى 26 درجة مئوية بين أبرد وأدفأ المناطق - كالفرق بين القطب والصحراء في بلد واحد!
تأثير الضباب الكثيف لا يقتصر على المرور فحسب، بل يمتد ليشل الحياة اليومية بالكامل. فاطمة أحمد، موظفة من المنصورة، تصف صدمتها: "استيقظت لأجد نفسي لا أرى منزل الجيران على بُعد 10 أمتار! اضطررت لتأجيل ذهابي للعمل". المطارات تواجه تحدياً حقيقياً مع احتمالية تأخير أو إلغاء الرحلات، بينما تشهد الطرق السريعة حركة مرور بطيئة جداً قد تتسبب في اختناقات مرورية تمتد لساعات. الجانب الإيجابي الوحيد هو الطقس المعتدل المتوقع نهاراً مع درجات حرارة مريحة تتراوح بين 19-24 درجة في معظم المحافظات.
مع توقعات انقشاع الضباب تدريجياً بعد الساعة 9 صباحاً، تؤكد د. سمية حسن خبيرة الأرصاد أن "تحذيراتنا المبكرة والدقيقة منعت كوارث محققة على الطرق السريعة". النصيحة الذهبية للمواطنين: تأجيل أي سفر غير ضروري حتى تتحسن الأحوال الجوية، واستخدام الأضواء الأمامية وترك مسافات أمان مضاعفة عند الضرورة القصوى للخروج. السؤال الحاسم اليوم: هل ستخاطر بحياتك وحياة الآخرين، أم ستنتظر حتى ينقشع هذا الضباب القاتل؟
