في مشهد صادم يعكس حالة الكرة المصرية، تضم قائمة منتخب مصر لكأس الأمم الأفريقية 6 محترفين فقط من أصل 28 لاعباً - نسبة لا تتجاوز 21% مقارنة بـ80% في المنتخبات الأوروبية المنافسة. وسط هذا الواقع المرير، يقود محمد صلاح التشكيلة وهو يخوض أعنف صراع في مسيرته مع ليفربول، بعد اتهامه النادي الإنجليزي بجعله "كبش فداء" لتراجع النتائج. الساعات تتسارع نحو 21 ديسمبر، التاريخ الذي قد يحدد مصير أسطورة الكرة المصرية.
أعلن حسام حسن مدرب المنتخب المصري القائمة النهائية وسط عاصفة إعلامية لم تهدأ منذ جلوس صلاح على مقاعد البدلاء في تعادل ليفربول المخيب 3-3 أمام ليدز يونايتد، ثم استبعاده تماماً من مواجهة إنتر ميلان في دوري الأبطال. "أحمد الشيخ" مشجع مصري من القاهرة، يعبر عن قلقه قائلاً: "نخشى أن تؤثر هذه الأزمة على تركيز صلاح مع المنتخب، فهو يحمل آمال الملايين على كتفيه". بينما يبرز عمر مرموش جناح مانشستر سيتي كأمل جديد، إلا أن الاعتماد على صلاح يبقى الورقة الرابحة الوحيدة.
يذكرنا هذا المشهد بأزمة مارادونا مع نابولي قبل كأس العالم 1986، حين تحولت الضغوط إلى وقود إبداعي استثنائي. الصراع الأزلي بين مصالح الأندية الأوروبية والمنتخبات الأفريقية يتجدد، لكن هذه المرة الأمر شخصي تماماً. تراجع نتائج ليفربول في الدوري الإنجليزي دفع المدرب أرنه سلوت للبحث عن كبش فداء، فوقع الاختيار على نجم الفريق. د. محمد الدهراوي محلل كرة القدم يؤكد: "الضغط الشديد قد يحفز صلاح لتقديم أداء تاريخي مع المنتخب، فالعظماء يولدون من رحم المحن".
في المقاهي الشعبية والمجالس المصرية، تدور نقاشات حادة حول مستقبل الملك المصري. الجماهير تعيش حالة ترقب مؤلمة، بين خوف من تأثير الأزمة سلبياً وأمل في انتفاضة تاريخية. قرار الفيفا بانضمام اللاعبين قبل أسبوع واحد من البطولة أجبر على تأجيل المباراة الودية مع نيجيريا 48 ساعة، مما زاد التعقيدات. كريم فاروق المراسل في ليفربول، شاهد لحظات غضب صلاح الصامت على المقعد: "وجهه كان يحكي قصة انكسار وتحدٍ في آن واحد". مع مواجهة مصر لـجنوب أفريقيا وأنجولا وزيمبابوي في المجموعة الثانية، تزداد الضغوط على اللاعبين المحليين لسد الفجوة الفنية.
أزمة صلاح مع ليفربول، قائمة بـ6 محترفين فقط، وبداية البطولة خلال أيام قليلة - كل هذا يضع الكرة المصرية أمام اختبار تاريخي. الأيام القادمة ستحدد ما إذا كانت الأزمة ستحول صلاح لأسطورة أكبر أم ستكون بداية تراجع مؤلم. على الجماهير المصرية دعم منتخبها بغض النظر عن الخلافات، فالوطن أكبر من كل الصراعات. السؤال الذي يؤرق الملايين: هل سيثبت محمد صلاح أنه أكبر من كل الأزمات، أم أن عرش الملك المصري بدأ يتزعزع فعلاً؟
