في تطور اقتصادي صادم يهز أركان الوحدة اليمنية، تتسع الفجوة النقدية بين عدن وصنعاء إلى أرقام جنونية تهدد بتفكك البلاد اقتصادياً. 3 أضعاف! هذا ما يدفعه مواطن في عدن مقابل نفس الدولار في صنعاء، حيث وصل سعر الدولار إلى 1632 ريالاً في عدن مقابل 524 ريالاً فقط في صنعاء - فارق يصل إلى 212% يعكس انهياراً اقتصادياً لم تشهده المنطقة من قبل. بلد واحد، عملة واحدة، لكن قيمتان مختلفتان تماماً تنذر بكارثة مالية حقيقية.
تكشف أرقام الجمعة 12 ديسمبر 2025 حجم الانفصال الاقتصادي المرعب، حيث سجل الريال السعودي 428 ريالاً في عدن مقابل 139 ريالاً في صنعاء - فارق يساوي راتب موظف كامل شهرياً. "الوضع خارج عن السيطرة تماماً، كل دقيقة تأخير تعني خسارة أكبر للمدخرات"، يصرخ محمد الصرافي من عدن وهو يشاهد طوابير اليائسين أمام محله. أحمد المالكي، تاجر من تعز، يروي مأساته: "اضطررت لبيع بضاعتي بخسارة 70% بسبب تقلبات الصرف المجنونة، أصبح التنقل بين المحافظات كالمقامرة بالمدخرات."
جذور هذه الكارثة النقدية تمتد إلى انقسام المؤسسات المالية منذ 2014 وتعدد مراكز القرار المالي، مما خلق اقتصادين منفصلين في بلد واحد. الدكتور فائق الشميري، الخبير الاقتصادي، يحذر: "نحن أمام سيناريو مشابه لانقسام ألمانيا الشرقية والغربية، لكن اقتصادياً هذه المرة." تراجع تدفق العملة الصعبة والحصار المفروض على موانئ الحديدة عمّق الأزمة، بينما توقف إنتاج النفط قطع شريان الحياة الاقتصادي للبلاد تماماً.
في الشوارع اليمنية، تتجسد المأساة الإنسانية بوضوح مؤلم. فاطمة أحمد، ربة بيت من صنعاء، تصف معاناتها: "أشتري نفس كيلو الأرز بسعرين مختلفين حسب المنطقة، وأولادي لا يفهمون لماذا نفس النقود تشتري أقل في عدن." آلاف العائلات فقدت قيمة مدخراتها بين ليلة وضحاها، بينما توقفت التحويلات العائلية تماماً بفعل الفروقات الجنونية. الخبراء يتوقعون مجاعة اقتصادية حقيقية وهجرة جماعية جديدة إذا استمر هذا التدهور المرعب.
أمام هذا المشهد المأساوي، تتزايد التحذيرات من انهيار نقدي كامل خلال 6 أشهر قد يجعل اليمن أول دولة في التاريخ الحديث تنقسم اقتصادياً بالكامل. الحلول تتطلب تدخلاً عاجلاً من القوى الإقليمية والدولية لتوحيد النظام المصرفي قبل فوات الأوان. السؤال المصيري الآن: هل سيتمكن اليمن من إنقاذ وحدته الاقتصادية أم سنشهد ميلاد اقتصادين منفصلين في بلد واحد؟