في تطور صادم هز الأسواق اليمنية، كشفت آخر أسعار الصرف عن فجوة مرعبة تزيد عن 1110 ريال يمني بين سعر الدولار الواحد في محافظات الجنوب والشمال. المواطن في عدن يحتاج الآن 1632 ريال لشراء دولار واحد، بينما يكفي 522 ريال فقط في صنعاء - فارق يعادل 212% وينذر بانهيار اقتصادي لم تشهده البلاد من قبل.
أظهرت أحدث البيانات أن المواطن اليمني في عدن وحضرموت يواجه كابوساً اقتصادياً حقيقياً، حيث وصل سعر الدولار إلى مستوى 1632 ريال، بينما يُتداول نفس الدولار في صنعاء بـ 522 ريال فقط. أحمد محمد، موظف في عدن يبلغ من العمر 45 عاماً، يروي مأساته: "احتجت لشراء دواء لوالدتي بـ 100 دولار، في الشمال كان سيكلفني 52 ألف ريال، لكنني اضطررت لدفع 163 ألف ريال هنا - أكثر من راتبي الشهري بالكامل!" الخبراء يؤكدون أن هذا التفاوت الجنوني يفوق حتى الفرق بين الدولار الألماني الشرقي والغربي قبل توحيد ألمانيا.
منذ انقسام البنك المركزي اليمني عام 2016، بدأت بوادر هذه الكارثة في الظهور، لكن الوضع وصل اليوم لمستوى خطير لم يشهده التاريخ المعاصر. طباعة عملات منفصلة وسياسات نقدية متضاربة، إلى جانب انقطاع التبادل التجاري بين المناطق، خلقت هذا الجحيم الاقتصادي الذي يعيشه ملايين اليمنيين. د. محمد الأشول، الخبير الاقتصادي، يحذر قائلاً: "هذا ليس مجرد تفاوت سعري، بل انقسام اقتصادي كامل قد يقود لتدمير ما تبقى من النسيج الاقتصادي اليمني. إذا لم يتم التدخل فوراً، فإننا أمام سيناريو انقسام اقتصادي دائم."
التأثير المدمر لهذا التفاوت يلامس حياة كل مواطن يمني. فاطمة أحمد، ربة منزل من عدن، تكشف عن استراتيجيتها المؤلمة للبقاء: "أصبحت أسافر شهرياً إلى صنعاء لتحويل مدخراتي وشراء احتياجات العائلة، أوفر 50% من مصروف البيت لكنني أخاطر بحياتي في كل رحلة." بين من يرى في هذا التفاوت كارثة ومن يستغله كفرصة للثراء السريع عبر التهريب والمضاربة، ينقسم اليمنيون حول أزمة تهدد بتقسيم البلاد اقتصادياً إلى الأبد. موجة هجرة داخلية ضخمة بدأت تلوح في الأفق، وأنظمة التسعير تنهار بوتيرة متسارعة.
تفاوت بنسبة 212% في أسعار الصرف داخل البلد الواحد لا يعني سوى شيء واحد: اليمن يتحول تدريجياً إلى دولتين منفصلتين اقتصادياً. الوقت ينفد أمام أي حلول، والنافذة تضيق كل يوم أمام إمكانية إنقاذ ما تبقى من الوحدة الاقتصادية. على كل مواطن يمني حماية ما تبقى من مدخراته قبل فوات الأوان. السؤال الآن ليس متى ستتوحد الأسعار، بل هل ستبقى هناك عملة يمنية موحدة أصلاً؟