الرئيسية / تقارير وحوارات / المعاكسات.. طيش شباب.. أم استهتار فتيات؟!
المعاكسات.. طيش شباب.. أم استهتار فتيات؟!

المعاكسات.. طيش شباب.. أم استهتار فتيات؟!

23 نوفمبر 2012 12:01 مساء (يمن برس)

كثيراً ما نسمع عن تحرش الشباب بالفتيات في الشوارع والمتنزهات وهذه ظاهرة سيئة ومزعجة تتنافى مع أخلاق وعادات وتقاليد مجتمعنا.. اتخذت هذه المعاكسات أشكالاً عديدة وأساليب كثيرة عند الفتيات بحثاً عن عريس الغفلة المختبئ وراء سماعة الهاتف أو النت أو الفيس بوك أو بما يسمى خدمة البلوتوث الأسرع والأضمن والأكثر تطوراً لما يرسل من كلمات غرامية ومقطوعات غنائية وصور خلاعية.

 

في بداية جولتنا استطلعنا آراء عدد من المدرسين والطلاب عن ظاهرة المعاكسات وأضرارها.

 

ـ الأستاذة منيرة محمد عمر ..قالت: المعاكسات انعكاس لعملية التربية والتنشئة الاجتماعية وعند وجود خلل في دور الأسرة التربوي يؤدي إلى اكتساب الشباب عادات وأساليب سيئة من الشارع وهذه دون شك لها أضرار ومفاسد كثيرة ودور التربية الأسرية هي الحصن الحصين للأبناء والبنات بتربيتهم على الفضيلة والأخلاق والغيرة على الأعراض والحرص على عدم السماح للفتيات الذهاب لوحدهن إلى الأسواق والأماكن المختلطة؛ لأنها سبب لتعرضهن للمعاكسات.

 

وأضافت الأستاذة منيرة أن عامل الفقر والبطالة يؤديان إلى الإحباط والكبت ويظهران على شكل سلوكيات غير صحيحة في تفريغ الطاقات الجسمية والفكرية..ونوهت إلى وجود عوامل بيولوجية تدعو بعض الشباب إلى ممارسة هذه التصرفات غير المسئولة.

 

ظاهرة سلبية.. وأخلاق مشينة

 

أما الأخ .طارق عبدالعزيز العليمي ـ طالب جامعي فيقول: تحرش الشباب بالفتيات ظاهرة سلبية لا يقبلها من كان عنده ذرة مروءة أو كرامة أو شرف.. ومن أسباب تفشي هذه الظواهر السلبية في مجتمعنا تعود للتربية في المنزل وضعف الوازع الديني وغياب التوجيه والتربية ولهذه الأسباب تنمو الظواهر السيئة والأخلاق المشينة، لا سيما في مرحلة الشباب أو المراهقة وإذا غفل الوالدان عن توجيه الأبناء والبنات فإن العواقب ستكون وخيمة؛ ولذا لابد من تكاتف الجهات الأمنية لوضع حد لهؤلاء الشباب الذين يحتاجون إلى رادع قوي من أجل التوقف عن ممارسة هذه السلوكيات السيئة التي لا تمت بصلة لما تربينا عليه من المحافظة على الأخلاق الحميدة.. وأود أن أورد لك قصة تضحك وتبكي في آن فهي التي أخبرني إياها صديق أعرفه تماماً اسمه “أ.ع” أنه رأى فتاة جميلة على كورنيش الساحل الذهبي بعدن فأعجبته فأراد التعرف عليها فمشى وراءها في وضح النهار يعاكسها بتباه ويتلفظ عليها ألفاظا سخيفة بالكلام والسلوكيات غير اللائقة مما دفع الفتاة إلى أن أمسكته في يديه وصفعته على وجهه أمام الناس دون أي اعتبار لكونه رجلاً ومضت بطريقها غير آبهة لما فعلت مما دفع الشاب إلى الهروب.

 

دخيلة على مجتمعنا

 

وقالت الطالبة “هـ. م” جامعة تعز: إن ممارسة المغازلة للفتيات دخيلة على مجتمعنا ومرتبطة بالتنشئة الأسرية للشباب ما ينعكس على سلوكهم السلبي وتشعر الطالبة “هـ.م” بالمضايقة عندما تسمع تعليقات سخيفة من الشباب معتبرة أنها في مجتمع مسلم تحكمنا فيه عادات وتقاليد وقيم أخلاقية.

 

وقالت: إن الأفلام والأغاني لها تأثير على طريقة تفكير الشباب ما ينعكس على سلوكهم فيجدون المغازلة وسيلة للتباهي أمام أصدقائهم.

 

ونوهت الطالبة “هـ. م” إلى أن بعض الفتيات يتعمدن ارتداء ملابس ضيقة تثير الشباب ويستمتعن بالمغازلة ويعتبرنها وسيلة للتباهي أمام الفتيات كما تتعمد بعضهن إلى القيام بتصرفات تثير الشباب للتعليق عليهم حتى يرضين غرورهن متناسيات العادات والتقاليد ومثل هذه التصرفات تدل على بعد الوازع الديني في شخصية بعض الشباب والفتيات..

 

وفي نفس الإطار تحدث الأستاذ فؤاد نعمان البعداني ـ مدرس التربية الإسلامية في مدرسة الشعب الثانوية عن ظاهرة المعاكسات ورأيه من الجانب الديني والتنشئة الأسرية والأسباب وكذا العلاج.

 

عجائب في زمن الغرائب

 

يعتقد البعض أن المعاكسة مرض تخطاه الزمن، ولكن المتابع يعلم أنه عاد بقوة إلى شوارعنا وأسواقنا، وانتشر بين شبابنا وبناتنا انتشار النار في الهشيم، حتى صار ظاهرة في مجتمعاتنا وشيئاً يملأ الأسماع والأبصار، تروى فيه وقائع تثير العجب، وتدمي القلب، وتستوقف الحريص الغيور.

 

فالمعاكسات تعتبر واحدة من أعظم وسائل جلب الفساد وانتشار الفاحشة، بتيسير اللقاء الحرام، وما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما، وهي وسيلة من وسائل دمار الأسر وتضييع مستقبل الفتيات.. فكم من فتاة عرف عنها ذلك السلوك المشين فأغلقت على نفسها باب الزواج، وعن أخواتها، وربما عن إخوانها أيضاً. وكم من زوجة وقعت فريسة للمعاكسات فعلم زوجها فطلقها، وضاعت وضاع أولادها معها. والمعاكس لا يحسن الظن بأهله وزوجته فيما بعد، فكل حركة سيظنها تعاكس وكل كلمة أو مكالمة سيظنها مع رجل، كما كان يفعل هو بغيرها؛ فيضيع الاستقرار من الأسر وكأنها عقوبة من الله تعالى على فعلة السوء والتسلط على أعراض الناس.

 

ومن تتبع ما وقع من جراء المعاكسات من حوادث أليمة، فواحش عظيمة، تحسر أيما تحسر على أحوال بنات المسلمين، وأدرك أن هذه المعاكسات وسيلة تغرير، وشباك صيد، يستهدف عرضهن ويسود وجوههن، ويتركهن ضحايا في الزوايا، أو بائعات هوى ومنحرفات، سوساً ينخر في جسد الأمة.

 

تفنن وتنوع

 

وقد تعددت طرق المعاكسات وتفنن فيها الشباب ـ بنوعيه ـ أيما تفنن، فبين غمز بالعين، أو همز ولمز باللسان، أو ابتسامة ناعمة، أو نكتة طريفة، أو تعليقة يظنها صاحبها ظريفة، وبين نظرة ناعسة، أو تسريحة ساحرة، أو عباءة لافتة، أو مشية متكسرة متغنجة، أو ابتسامة موحية، أو عطر يسحر القلب قبل الأنف.

 

وأما الهواتف فهي البلاء المبين والخطر العظيم، فاتصالات عشوائية تبحث عن فريسة، أو إلقاء رقم من طرف ليلتقطه الآخر، لتبدأ رحلة العصيان والتي لا تنتهي على خير في أكثر وقائعها.

 

وقد استعيض عن الأخير بما يسمى خدمة “البلوتوث” الأسرع والأضمن والأكثر أمناً وتقدماً وتطوراً، علاوة على ما يرسل مع الرقم من لقطات فكاهية أو كلمات غرامية أو مقطوعات غنائية أو حتى صور إباحية وخلاعية.

 

والبنات أيضاً يعاكسن

 

والعجيب في الأمر أن نسبة ليست بالقليلة من تلك المعاكسات تصدر عن فتيات يعاكسن الرجال، وبنات يشاغلن الشباب في الهواتف بمعسول الكلام وعبارات الغزل والتهتك، والغرض في البداية اللعب والتسلي أو تمضية وقت فراغ، أو سماع بعض كلمات الحب المحرومة من سماعها، أو حتى كلمات ماجنة لتفريغ شحنة كامنة، أو حتى بحثاً عن عريس الغفلة المختبئ وراء سماعة الهاتف أو النت، ولكن النهاية ـ في أغلب الأحيان ـ هي كما تحكي إحدى المعاكسات.

 

المعاكسات الهاتفية

 

وعن المعاكسات الهاتفية تقول: جاء في أحد البحوث أن الهاتف الجوال يستهلك ربع رواتب الشباب.. وكانت المعاكسات أحد أسباب هذه المشكلة وفي أحد البحوث، وجد أن المعاكسات الهاتفية هي الوسيلة المفضلة للإناث بدرجة تفوق الذكر، الهاتف هو مكان هذه الأسرار.

 

إذا تتبعنا ظاهرة المعاكسات فإننا نلاحظ أنه في السنوات الأخيرة ومع تطور وسائل الاتصال والمعلومات تطورت القضية؛ فظهرت العديد من الأجهزة التي تعمل على منع وصول المعاكسات إلى الهاتف الثابت مثل أجهزة الرقم السري وجهاز الكاشف، ولكن انتقلت حمى المعاكسات الهاتفية إلى الهاتف الجوال ومع ظهور تقنية البلوتوث وتبادل المعلومات لاسلكياً، استخدمت هذه التقنيات في المعاكسات وتبادل الأرقام والصور الفاضحة بين الشباب والفتيات.

 

ثم انتقلت المعاكسات إلى شبكة الإنترنت. بدأت بالحوارات المكتوبة في المنتديات، ثم تطورت إلى الحوارات الصوتية في الغرف الصوتية أو عن طريق الماسنجر، حتى وصلت الآن إلى التواصل بالصوت والصورة عن طريق الكاميرا الرقمية.

 

عاطفة المرأة وأثرها في المعاكسات

 

أنوثة المرأة وعاطفتها المرهفة أمر لا ينكر...ولهذا مثلها النبي صلى الله عليه وسلم بالقارورة فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله في بعض أسفاره، وغلام أسود يقال له أنجشة يحدو، فقال له رسول الله: “ رويداً يا أنجشة، لا تكسر القوارير” يعني النساء ومن المحزن أن نرى بعض شبابنا الذين لا هم لهم سوى ملاحقة الفتيات في الشوارع والأسواق ..يرمي إليها رقم الهاتف ويلقي عليها كلمات الإعجاب والإغراء وربما تستجيب له بسبب ضعفها وقوة عاطفتها.

 

وقد تأخذ الفتاة الرقم وتتصل به لمجرد العبث.. فيبدأ الشاب بالتلاعب بعواطفها.. يا عيوني ..يا حياتي ..يا .. يا.. الحب من أول نظرة.. الحياة بدونك عذاب, وتنخدع المسكينة بهذا الكلام المعسول.. فتنحرف عن المسار.. وتنجرف مع التيار...

 

انهيار الأسرة

 

واستطرد فؤاد يقول: كثير من الخلافات الأسرية وحالات الطلاق تقع بسبب بلاء المعاكسات.

 

يتصل المعاكس وقد تكون الزوجة ممن تتساهل في الرد أو تحب العبث فتبادل ذاك المعاكس الكلام، حتى يبلغ الخبر إلى زوجها فيحدث الطلاق!!

 

وفي بعض الحالات تقع الفتاة في المعاكسات قبل الزواج، فإذا انتبهت لخطئها قام الشاب بتهديدها بشريط مكالمته معها...فإن استجابت وإلا انتقم منها.. حتى إن بعضهم يهدي الشريط لزوجها في أول أيام الزواج انتقاماً منها.

 

حتى النزيهات العفيفات لم يسلمن من أذى المعاكسين بسبب سوء فهم الزوج؛ فهذه امرأة كادت أن تفقد حياتها الزوجية بسبب أحد الشباب المعاكسين.. تقول: قام الشاب بالاتصال بزوجي وأخبره أنه على علاقة بي وأنه يأتي إلى المنزل في غيابه، وبدأ يصف منزلنا لزوجي وصفاً دقيقاً وتفاصيل الأثاث.

 

جن جنون زوجي وقام على الفور بطردي من المنزل وتطليقي.. بعد أن هدأت الأمور قمنا بالإبلاغ عن رقم الهاتف وتم اكتشاف الشاب، واتضح أنه سبق أن دخل المنزل لتركيب بعض الأثاث فعرف رقم التليفون وتفاصيل البيت والأثاث.. تقول المرأة: أخيراً عدت لمنزلي بعد أن كاد ينهدم، وأصبحت أكره شيئا اسمه تليفون.. ونحن نقول: والله ليس للتليفون ذنب، بل الظالم هو ذلك الشاب.

 

إيذاء الناس في بيوتهم

 

لأن بعض الشباب ليس له هم إلا إزعاج الناس في بيوتهم, والله تعالى حرم الأذى بأي شكل كان، قال تعالى:{ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات...} كم من امرأة مسكينة تقوم من صلاتها على رنين الهاتف، لتسمع الألفاظ البذيئة من شاب ماجن.. وكم من أسرة تتلقى اتصالاً انتقامياً من معاكس كذاب يدعي حدوث مكروه لأحد أفراد الأسرة.. فهذه الممارسات الأخلاقية الخاطئة قد تسبب انحرافاً نفسياً يستمر مع الشاب وإن ترك المعاكسات.

 

ـ أذكر قصة لأحد المعاكسين، هذا الشاب تزوج وترك المعاكسات...يقول: أنا الآن أستعيد كل لحظة من عالم المعاكسات مع زوجتي.. أتصور أنها تمارس نفس الدور.. أسيء الظن في حركة يدها.. التفاتتها، مكالماتها بالهاتف، أشك في كل كلمة تقولها ..إذا قالت: كيف حالك يا فلانة، أقول ما أدري يمكن أنها تكلم رجلا باللفظ المؤنث.

 

الأسباب

 

لقد كان لهذه الظاهرة أسباب أدت لانتشارها وتأججها ومن أهم هذه الأسباب:

 

أولاً ـ الفراغ والبطالة فمع انتشار البطالة ووجود الفراغ القاتل، والساعات الطويلة.. أصبحت كثير من أوقات شباب الإسلام ضائعة وساعاتهم طويلة وفارغة بلا عمل ولا وظيفة، ولا كسب ولا تحصيل ولا طاعة، فلما لم تجد ما يشغلها في الصالح المفيد شغلوها بالطالح الضار، فراحت ساعاتهم في المعصية واللهو، واللعب والحرام واللغو، ومعاكسة كل جنس نظيره.

وقد صدق أبوالعتاهية حين قال:

 

إن الفراغ والشباب والجدة

                       مفسدة للمرء أي مفسدة

 

فينبغي على شبابنا أن يعرفوا للوقت قيمته، ويشكروا لله نعمته، فإن "الفراغ والصحة نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس".

 

واسمع إلى ابن مسعود رضي الله عنه يقول: “ إني لأمقت الرجل أن أراه فارغاً ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة”..

 

إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يدا...

 

ولم أقتبس علماً فما هو من عمري

 

فالقضاء على أوقات الفراغ في حياة الشباب ينبغي أن يكون من أول ما يوجه الآباء المصلحون عنايتهم له، ولا يشترط أن يقضي الشباب فراغه في الحفظ وتعلم العلم، بل كل حسب وجهته: {قد علم كل أناس مشربهم} فمن كانت وجهته علمية فلينهل من منابع العلم، ومن كان له تميز في مجال فليذهب إلى ما يهواه طالما لا يتعارض وتعاليم ديننا الحنيف من تجارة نافعة، أو صناعة مفيدة، أو حرفة شريفة، حتى لا يندم على شبابه حين يسأل عنه فيما أفناه، وعن عمره فيما أبلاه، فتكون الإجابة: قضيته في معاكسة الفتيات والتشبيب بالمسلمات، والولوغ في الأعراض والحرمات. فما أعظم الندم ولات حين مندم!

 

ضعف الإيمان

 

فأكثر شبابنا رقيق الديانة، قليل الإيمان، ليس له علاقة بالله تعصمه، ولا عبادة تشغله، ولا ورد من القرآن والذكر يؤنس وحشته، فلما أعرض عن الله آخاه الشيطان فاستوحش فذهب يبحث عن شيء يؤنس وحشته ويُذهب عن القلب ظلمته، فما وجدها إلا في مغازلة الفتيات، وخبيث الكلمات، وسماع فاحش القول من الساقطات. يظن أن ذلك يسعد قلبه ويزيل وحشته، ويدخل عليه السعادة والسرور. ولا يعلم صاحبنا أن تلك الوحشة في النفس لن يزيلها إلا معرفة الله، وتلك الظلمة في القلب لا يرفعها إلا نور القرب من الله، وذلك الإصرار على المنكر لن يوقفه إلا الخوف من الله، والإحساس بمعية الله وقربه ومراقبته واطلاعه عليه.

 

رفقة السوء

 

فكم قادت هذه الرفقة إلى بلاء وعناء، وصديق السوء لا يأتي من ورائه إلا الشر، فالطباع سراقة، والمرء على دين خليله.. ومن صادق معاكساً فلابد يوماً أن يعاكس، ومن صاحبت مستهترة فلابد أن يصيبها شيء من استهتارها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونفاخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحاً خبيثة".

 

والصديق المعاكس المتمترس في العلاقات المشبوهة كنافخ الكير لا يهدأ له بال ولا يقر له قرار حتى يوقع صاحبه فيما هو واقع فيه.. فكم من صديق زين لصديقه معاكسة الفتيات، وكم من صاحبة أوقعت صاحبتها في مصيدة المغازلات، فتقترح عليها من تغازل وتعاكس، وربما تعطيها بعض الأرقام، ودروسا في فنون الغزل والمعاكسة، حتى وقعت في براثن ذئب بشري، أو في ورطة لا مخرج منها إلا بعون الساتر الحليم.

 

النت ووسائل الإعلام

 

فما يعرض في إعلامنا أو على شاشاتنا أكثره عهر ودعوات فاضحة ومكشوفة لنزع الحياء وإشاعة الفحشاء، وتهييج للعواطف، وتأجيج للغرائز وإثارة للشهوات.. أغان ماجنة وأفلام خليعة، وكليمات رقيعة، يجأر إلى الله منها العجوز الفاني ذو الإيمان، فكيف بالشباب الفائر قليل الدين وعديم القدرة على الزواج.. فإطلاق النظر في هذه القنوات أو المجلات أو المواقع العفنة في النت، كل ذلك من أعظم دواعي الفتنة، وإثارة الشهوة، ومما يهيج النفس ويهيؤها للبحث عن المعاكسات والمكالمات، ويجعل في النفس جموحاً لتقبل دعوات الفساق، سواء في الهاتف أو غيره. وربما تعب الشاب من المكالمات وما روى غليله فيبحث أو تبحث هي عن علاقة محرمة.. فكف البصر عن النظر إلى الحرام غلق لأعظم أبواب الفتنة، ودرء خطر المعاكسات وصدق من قال:

 

كل الحوادث مبداها من النظر

 

ومعظم النار من مستصغر الشرر

 

كم نظرة بلغت من قلب صاحبها

 

كمبلغ السهم بين القوس والوتر

 

والعبد ما دام ذا طرف يقلبه

 

بأعين الفيد موقوف على الخطر

 

يسر مقلته ما ضر مهجته

 

لا مرحباً بسرور جاء بالضررِ

 

 تعقيد الزواج وتأخيره وسهولة الحرام وتيسيره

 

فإن الباعث الأكبر على تلك البلية (أعني المعاكسات والمغازلات) إنما هو الشهوة والفراغ، وفي الزواج المبكر حفظ للشباب والبنات، فيجد الشاب المنفذ الحلال لشهوته، ولا يجد فراغ العاطلين لانشغاله بأمور بيته وأولاده.

 

فإذا صعب على أبنائنا طريق الحلال وسهل لهم طريق الحرام، فقل لي بربك ماذا تنتظر من الشباب والفتيات؟!

 

إن الزواج عصمة لبناتنا وأعراضنا قبل أن يكون لأبنائنا، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج...”

 

غياب المحرم

 

قال أحد الشباب عندما سئل: لماذا تعاكس؟ قال: البنت هي السبب تخرج متزينة ومتعطرة متكسرة، ولا تريد أن يعاكسها أحد. هذا محال..فالبنت هي التي تدعو الشباب لمعاكستها بطريقة لبسها ومشيها وزينتها وعطرها. وقد نهاها الشرع عن الخروج بمثل هذه الهيئة درءاً للفتنة وصيانة للعرض.

 

كما وأن خروج المرأة وحدها مغر للكلاب النابحة والذئاب الجامحة بالتعرض لها. وقد ذكرت كتب الأدب أن امرأة خرجت لتطوف بالبيت فتعرض لها خليع من هؤلاء، فعادت إلى أخيها فقالت: تعال لتعلمني المناسك، فذهب معها وفي الطريق كان ذلك الشاب ينتظرها فلما رأى معها رجلاً انخنس وذهب، فقالت المرأة بيتاً يكتب بماء الذهب:

 

تعدو الذئاب على من لا كلاب له

                     وتتقي مربض المستأسد الضاري

 

إن الشباب لا يتجرأ على التعرض للمرأة إلا إذا كانت وحدها بدون رجل يدفع عنها، ومن العجب أن يترك رجل زوجته أو ابنته أو أخته تذهب إلى السوق أو غيره وهو في بيته أو مع أصحابه.. ثم يبكي بعد ذلك على ضياع الأعراض.

 

إن الرجال الناظرين إلى النسا

 

مثل الكلاب تطوف باللحمان

 

إن لم تصن تلك اللحوم أسودها

 

ذهبت بلا عوض ولا أثمان

 

ضعف الرقابة

 

قالت إحداهن يوماً: أبي وأمي هما السبب.. فثقتهما الزائدة بي فتحت لي الباب للمعاكسات والمغازلات والخروج دون علمهما، لا يعرفان ما أصنع، وقد كدت أهلك مرات ومرات، وهما في البيت لا يعرفان عني شيئاً.

 

فكل بنت من بناتنا معها جوالها الخاص بها، وفي غرفتها هاتف خاص، وربما تجلس الساعات الطوال مغلقة غرفتها ولا يدري أحد ماذا تصنع ولا مع من تتكلم.

 

ونحن لا نقول لك كن على ابنائك رجل مخابرات، ولكن لا تكن مغفلاً. والثقة الزائدة تضر أحياناً خاصة مع البنات.

 

العلاج

 

كل ما ذكرناه من أسباب فضده علاجه.. لكن الأمر يحتاج إلى مجهودات متكاتفة.. فلابد من شغل أوقات فراغ الشباب، وزيادة الجرعة الإيمانية، والتركيز على التوجهات الأخلاقية، وتوجيه الشباب لاختيار الصحبة الزاكية النقية، وتيسير الزواج على الشباب ومعالجة البطالة المتفشية، ووجود الرقابة المنضبطة.. ولابد من إصلاح وسائل الإعلام فهي أهم وسيل لانتشار هذا الأمر أو الحد منه ومعالجته.. مع وجود العقاب الرادع لمن تسول له نفسه الوقوع في المسلك المشين وإن الله ليزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن.

 

همسة في أذن معاكس

 

اعلم أخي أن أشد الأذى أذى العرض، وإذا كنت لا ترضى أن يؤذيك أحد في أمك أو أختك أو ابنتك أو زوجتك، فكذلك كل الناس لا يرضي ذلك لأهله.. واعلم أيضاً أنك كما تدين تدان, فمن وقع في عرض غيره ربما أوقع الله في عرضه غيره.. والأمر كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:

 

يا هاتكاً حرم الرجال وقاطعاً

 

سبل المودة عشت غير مكرم

 

لو كنت حراً من سلالة ماجد

 

ما كنت هتاكاً لحرمة مسلم

 

من يزن في بيت بألفي درهم

 

في أهله يزنى بغير الدرهم

 

إن الزنا دين إذا أقرضته

 

كان الوفا في أهل بيتك فاعلم

 

"الجمهورية نت"

شارك الخبر