بعد 7 سنوات من المعاناة المريرة، تنفس مليون موظف يمني الصعداء أخيراً مع إعلان حكومة صنعاء المفاجئ عن صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025. في خطوة تاريخية لم تحدث منذ سنوات، وصلت الرواتب إلى جيوب اليمنيين في موعدها، مصحوبة بوعود بخطة شاملة لحل أزمة المرتبات المتأخرة التي دمرت حياة الملايين. هذا الإعلان الحكومي جاء كصاعقة أمل وسط ظلمة السنوات السبع العجاف.
الإعلان الرسمي شمل فئات متعددة من المستحقين، من أرامل الشهداء وأبنائهم إلى الموظفين العسكريين والمدنيين، في موجة إغاثة طال انتظارها. "أم محمد"، أرملة شهيد لديها 4 أطفال، تقول وهي تمسح دموع الفرح: "أخيراً سأتمكن من شراء احتياجات أطفالي للمدرسة". وفي مشهد مؤثر آخر، المعلم أحمد سالم الذي ينتظر راتبه المتأخر منذ 6 أشهر، يتطلع بأمل لعلاج ابنته المريضة. طوابير طويلة تشكلت أمام البنوك، ووجوه مرهقة تنتظر بأمل مختلط بالحذر.
هذه الخطوة تأتي بعد أزمة مالية خانقة بدأت مع الصراع عام 2014، عندما توقف انتظام صرف الرواتب آخر مرة. الحرب والحصار وانقسام المؤسسات المالية خلقت كارثة إنسانية حقيقية، حيث فقد 70% من الموظفين قوتهم الشرائية. د. عبدالله المالكي، الخبير الاقتصادي، يعلق: "هذه خطوة إيجابية مهمة، لكننا نحتاج ضمانات حقيقية للاستمرارية". المقارنة صارخة مع الأيام السابقة للحرب، عندما كانت الرواتب تُصرف كالساعة السويسرية.
التأثير على الحياة اليومية فوري وملموس - عودة القدرة على شراء الضروريات، تأمين احتياجات الأسرة، ودفع الديون المتراكمة. فاطمة أحمد، موظفة في وزارة التعليم، تعبر عن مشاعر مختلطة: "فرحنا كبير، لكن نخاف من التأخير مرة أخرى". الأسواق المحلية تشهد تنشيطاً مؤقتاً، وملامح الارتياح بدأت تظهر على الوجوه. لكن السؤال المحوري يبقى: هل ستكون هذه قطرة ماء في صحراء العطش المالي اليمني أم بداية الفرج الحقيقي؟
رغم هذه الخطوة المهمة، فإن التحدي الأكبر يكمن في ضمان الاستمرارية وتوفير الموارد الثابتة. على الموظفين التحلي بالحكمة وتوفير جزء من رواتبهم للمستقبل، فالتجربة الأليمة للسنوات الماضية تفرض الحذر. السؤال المليوني الآن: هل ستستمر هذه الخطة الموعودة أم ستعود المعاناة من جديد؟ الأيام القادمة ستكشف حقيقة هذا الأمل الجديد الذي أضاء قلوب الملايين بعد ظلام طويل.