في قرار صادم هز أركان المجتمع المالي السعودي، أصبح 20 مليون ريال فقط هو المبلغ الذي يفصل آلاف الخريجين عن دخول عالم الاستثمار الذي كان محرماً عليهم بالأمس. استيقظ أكثر من 15 ألف خريج في تخصصات المحاسبة والمالية ليجدوا أنفسهم مؤهلين للاستثمار في السوق الموازية "نمو" - في أكبر انفتاح مالي تشهده المملكة منذ عقود. القرار نافذ فوراً، ولا مجال للانتظار أو التأجيل.
في تطور مفاجئ اعتمده مجلس إدارة هيئة السوق المالية، تم تخفيض متطلبات رأس المال بنسبة 50% من 40 إلى 20 مليون ريال، مع إلغاء كامل لشرط الـ10 صفقات الفصلية. أحمد المالكي، خريج محاسبة حديث من جامعة الملك سعود، يصف لحظة سماع الخبر: "شعرت وكأن باباً مقفلاً منذ سنوات انفتح فجأة أمامي... الحلم الذي كان مستحيلاً أصبح حقيقة في يوم واحد". د. فهد الشريف، أستاذ المالية في جامعة الملك عبدالعزيز، يؤكد: "هذا القرار سيضخ دماء جديدة في السوق ويزيد السيولة بشكل كبير جداً".
سوق "نمو" الذي كان حكراً على النخبة المالية لسنوات، يفتح أبوابه الآن للخريجين في التمويل والاستثمار والمحاسبة والمالية. هذا التغيير الجذري يأتي ضمن رؤية 2030 الطموحة لتنويع الاقتصاد وتطوير القطاع المالي. مثل إزالة سد أمام نهر جارف، ستندفع الاستثمارات بقوة تسونامي مالي حقيقي. المحللون يتوقعون نمواً في حجم التداول يتراوح بين 40-60% خلال الأشهر الستة القادمة، في مشهد لم تشهده الأسواق السعودية من قبل.
سارة العتيبي، محاسبة في شركة كبرى تملك مدخرات تزيد عن 25 مليون ريال، تعبر عن حماسها: "انتظرت هذه اللحظة لسنتين كاملتين... اليوم أستطيع تحويل خبرتي المهنية إلى استثمارات حقيقية". لكن محمد الغامدي، المحلل المالي المخضرم، يحذر: "الفرصة ذهبية بلا شك، لكن الأسواق المالية لا تعرف الرحمة مع غير المتمرسين". التأثير سيمتد إلى المجالس والمقاهي، حيث ستصبح أحاديث الأسهم والاستثمار جزءاً من الحياة اليومية للشباب السعودي. هذا التحول يعني أن جيلاً كاملاً من الخريجين سيدخل عالم الاستثمار بقوة لم نشهدها من قبل.
فتح السوق، تخفيف الشروط، آلاف الفرص الجديدة - ثلاثة عناصر تصنع ثورة مالية حقيقية في قلب المملكة. السؤال اليوم لم يعد "هل ستنجح هذه الخطوة؟" بل "كم ستغير وجه الاستثمار في السعودية خلال العام القادم؟". إذا كنت من خريجي التخصصات المالية وتملك 20 مليون ريال، فالوقت الآن لتحويل شهادتك إلى ثروة حقيقية. لكن تذكر جيداً: في عالم الاستثمار، الفرص الذهبية قد تتحول إلى كوابيس مالية إذا لم تُدار بحكمة وصبر... فهل أنت مستعد لهذا التحدي التاريخي؟