في غضون ساعات قليلة، تحولت سماء حائل من صفاء مشرق إلى ظلام دامس مع رياح عاتية تبلغ سرعتها 80 كم/ساعة، مصحوبة بصواعق رعدية مرعبة وسيول جارفة تجتاح الطرق والمناطق المفتوحة. المركز الوطني للأرصاد يصدر أقوى تحذير أحمر لمنطقة حائل منذ 5 سنوات، محذراً من أن هذه العاصفة المدمرة ستستمر حتى الساعة 11 مساء اليوم - ولا وقت للمجاملة!
العاصفة الهائلة التي تضرب حائل الآن تحمل في طياتها مظاهر متعددة من الدمار والخطر، حيث تسببت الرياح القوية في تدني الرؤية الأفقية إلى أقل من 100 متر، مما أدى لتوقف حركة المرور بالكامل على الطرق السريعة. "تحذير أحمر من عاصفة استثنائية تضرب حائل وتهدد السلامة العامة"، أكد المركز الوطني للأرصاد في بيان عاجل. أبو محمد، سائق شاحنة من الرياض، علق على الطريق السريع لحائل لأكثر من ساعتين بسبب انعدام الرؤية قائلاً: "المطر كالشلال والرياح تهز الشاحنة كورقة شجر".
هذه العاصفة الاستثنائية تأتي ضمن موجة طقس غير اعتيادية تؤثر على المملكة، ناتجة عن منخفضات جوية قوية وتغيرات في أنماط الرياح الإقليمية. خبراء الأرصاد يقارنون هذه العاصفة بعاصفة شتاء 2018 التي أدت لامتلاء جميع سدود المنطقة، لكن هذه المرة الرياح أقوى والصواعق أكثر كثافة. د. عبدالله الحربي، خبير الأرصاد الجوية، حذر قائلاً: "قوة هذه العاصفة تشبه إعصاراً استوائياً من الدرجة الأولى، والقيادة في مثل هذه الظروف انتحار محقق".
بينما يواجه السائقون والمواطنون رعباً حقيقياً من قوة العاصفة، يحتفل المزارعون بقدوم هذا الخير المنتظر منذ شهور. سعد الشمري، مزارع من حائل، ينتظر هذه الأمطار منذ 6 أشهر لإنقاذ مزرعته، يقول بفرحة غامرة: "هذا المطر سيحيي أرضنا ومواشينا بعد موسم جفاف قاسي". أم سلطان، ربة منزل من حائل، تصف المشهد: "الرعد يهز البيت والمطر كالشلال، لكن قلبي يفرح برائحة التراب المختلطة بالمطر". السلطات تدعو جميع المواطنين لتجنب الخروج والبقاء في منازلهم حتى انتهاء التحذير، مع ضرورة فصل الأجهزة الكهربائية.
مع انتظار انتهاء هذه العاصفة المدوية مساء اليوم، تتجه الأنظار نحو الفوائد طويلة المدى من امتلاء الآبار وتحسن المراعي وازدهار البيئة الزراعية في المنطقة. الخبراء يؤكدون أن كمية الأمطار المتوقعة تكفي لملء 10 آلاف حوض سباحة أولمبي، وستكون بداية موسم زراعي استثنائي في حائل. ضرورة اتباع إرشادات السلامة والبقاء في المنازل حتى انتهاء التحذير أمر لا جدال فيه. لكن السؤال المحير: هل ستكون هذه العاصفة بداية موسم مطري استثنائي يغير وجه الزراعة في المملكة؟
