في تطور صادم يهدد بأكبر كارثة إنسانية في اليمن منذ عقد، قرر برنامج الأغذية العالمي خفض مساعداته الغذائية إلى أقل من النصف، تاركاً 1.8 مليون يمني - يعادل مجموع سكان المنامة والدوحة مجتمعتين - بلا مصدر طعام خلال 60 يوماً فقط. الحقيقة المرعبة: طفل واحد من كل أربعة نازحين يقضي يوماً كاملاً بدون طعام، في مشهد يذكر بأسوأ مجاعات التاريخ.
القرار الذي وصفه خبراء بـ"الصاعقة" سيؤثر على 3.4 مليون شخص اعتادوا تلقي المساعدات، ليتراجع العدد إلى 1.6 مليون فقط بداية من يناير 2026. فاطمة أحمد، أم لخمسة أطفال من صعدة، تروي بصوت مرتجف: "منذ ثلاث سنوات ونحن نعتمد كلياً على هذه المساعدات، لا أعلم كيف سأطعم أطفالي بعد يناير." والأرقام تكشف حجم المأساة: 63% من الأسر اليمنية عاجزة عن الحصول على غذاء كافٍ، بينما تنفق الأسرة 70% من دخلها على الطعام - أكثر من ضعف المعدل العالمي.
السبب وراء هذا القرار الصادم يكمن في انهيار غير مسبوق في التمويل الدولي، حيث وصلت نسبة تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025 إلى 24% فقط - أدنى مستوى منذ اندلاع الأزمة عام 2015. الأضرار في موانئ البحر الأحمر فاقمت الوضع، مما أدى لانخفاض واردات الغذاء بنسبة 22% والوقود بنسبة 27%. د. سارة المنصوري، خبيرة الأمن الغذائي في جامعة الدول العربية، تحذر: "نحن أمام كارثة إنسانية وشيكة قد تطال 20 مليون يمني، وهذا مجرد البداية."
الواقع الجديد مرعب: العائلات التي تعتمد على الحبوب والسكر والزيوت فقط، ستفقد حتى هذا الحد الأدنى من الطعام. أبو خالد، تاجر حبوب في عدن، يروي مشاهد مؤلمة: "ارتفعت أسعار القمح 300% خلال عام واحد، والأمهات تتصارع على كيس أرز واحد." النازحون داخلياً يعانون الأسوأ، حيث يقضي 24% من أطفالهم يوماً كاملاً بدون طعام، مقابل 10% في المجتمعات المضيفة. المشهد أكثر إيلاماً: طوابير طويلة من النساء والأطفال ينتظرون تحت أشعة الشمس الحارقة، صوت بكاء الأطفال يملأ الهواء، ومخازن فارغة تحكي قصة مأساة بلا نهاية.
مع اقتراب يناير 2026، يقف العالم على مفترق طرق: إما تدخل دولي عاجل لإنقاذ ملايين الأرواح، أو مشاهدة مجاعة جماعية تذكر بأحلك فصول التاريخ. 60 يوماً فقط تفصلنا عن لحظة الحقيقة، حيث ستجد 1.8 مليون نفس بشرية نفسها وجهاً لوجه مع شبح الجوع. د. محمد الخولاني، خبير اقتصادي يمني، يطالب بتحرك فوري: "لدينا فرصة أخيرة لمنع الكارثة، لكن الوقت ينفد بسرعة البرق." السؤال المصيري الذي يطرح نفسه: هل سيشهد العالم مجاعة جديدة في القرن الحادي والعشرين، أم ستتدخل الضمائر قبل فوات الأوان؟