في تطور صادم هز مجتمع مكة المكرمة، أطلقت أمانة العاصمة المقدسة أمس حملة تفتيش شاملة لم تشهدها المدينة من قبل، حيث منحت ملاك العقارات في منطقة الحسينية 15 يوماً فقط لتوثيق ملكيتهم وإلا تعرضوا لإزالة عقاراتهم نهائياً. آلاف الأسر تعيش الآن كابوساً حقيقياً مع بدء العد التنازلي الذي قد يحدد مصير استثماراتهم وبيوتهم إلى الأبد.
بدأت الحملة رسمياً صباح أمس الأربعاء، حيث انتشر مراقبو الإدارة العامة للتعديات في شوارع الحسينية وهم يلصقون إشعارات المراجعة على أبواب المنازل بملامح حازمة. أبو محمد البالغ من العمر 68 عاماً، الذي يملك منزل العائلة منذ 30 عاماً، وقف أمام بابه وهو يرتجف: "فقدنا الصك الأصلي في حريق قبل سنوات، والآن يطالبوننا بالمستحيل في 15 يوماً فقط." وفي المقابل، استطاع المهندس عبدالله السالم توثيق عقاره مبكراً، حيث ارتفعت قيمته 40% بعد التوثيق الرسمي، مما يعكس الفرص الذهبية المخفية وراء هذه العاصفة.
تأتي هذه الخطوة الجذرية ضمن استراتيجية حكومية طموحة لتحويل مكة المكرمة إلى نموذج حضاري منظم، تماماً كما حدث في حملات التطوير الناجحة في دبي قبل عقدين والتي حولتها إلى مركز عالمي. الدكتور فهد العمري، خبير التطوير العقاري، أكد أن "هذه خطوة ضرورية وإن كانت مؤلمة، لكنها الطريق الوحيد لبناء مستقبل عقاري منتظم." منطقة الحسينية، التي تعادل مساحة 10 أحياء سكنية كاملة، ستصبح أول منطقة موثقة 100% في مكة، مما يجعلها نموذجاً يحتذى به.
الآثار على الأرض باتت واضحة للعيان، حيث تشهد مكاتب التوثيق ازدحاماً غير مسبوق مع تهافت المواطنين لجمع مستنداتهم. فاطمة الحربي، التي سكنت الحسينية لـ 20 عاماً، تروي مشهداً مؤثراً: "أرى جيراني يركضون من مكتب لآخر، وبعضهم يبكي خوفاً من فقدان بيت العمر." بينما يتوقع الخبراء أن ترتفع أسعار العقارات الموثقة بنسبة 25-40% خلال الأشهر القادمة، فإن 20% من المباني قد تواجه الإزالة في حال عدم توفر مستندات ثبوتية. الفرصة الذهبية متاحة الآن لمن يسارع بالتوثيق، لكن العواقب ستكون كارثية لمن يتأخر.
مع انتهاء المهلة المحددة في 20/7/1447هـ، ستشهد مكة المكرمة تحولاً جذرياً نحو مدينة مقدسة أكثر تنظيماً وجاذبية للاستثمار. هذه ليست مجرد حملة تفتيش عادية، بل إعادة تشكيل كاملة لمستقبل العقار في المدينة المقدسة. السؤال الحارق الآن: هل ستكون من الناجين الذين يوثقون عقاراتهم في الوقت المناسب، أم ستنضم إلى قائمة من فقدوا كل شيء لأنهم تأخروا 15 يوماً فقط؟