في تطور صادم هز أروقة السياسة الخليجية، شهدت منشأة العُقْلة النفطية في شبوة اليمنية سيطرة كاملة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، دون إطلاق رصاصة واحدة، بينما تنفذ السعودية أكبر عملية إعادة انتشار عسكري منذ 9 سنوات. هذا التطور المفاجئ يطرح سؤالاً مصيرياً: هل نشهد بداية تقسيم فعلي لليمن؟
صباح الاثنين، استولت قوات المجلس الانتقالي على المنشأة الاستراتيجية في مشهد مثير للدهشة، حيث انسحبت القوات المسؤولة دون مقاومة تذكر. "أستيقظنا على أصوات الآليات العسكرية، لم نعد نعرف من يحمينا ومن نخاف منه" يروي أحمد الشبواني، موظف في المنشأة، صدمته من السرعة المذهلة للأحداث. هذه السيطرة تأتي بعد أسبوع واحد فقط من استيلاء المجلس على مواقع استراتيجية في 3 محافظات: حضرموت والمهرة وشبوة، في حركة تشبه قطع الدومينو المتتالية.
لكن الرد السعودي جاء سريعاً كالبرق، حيث بدأت الرياض أوسع عملية إعادة انتشار لقواتها منذ التدخل الأول في 2015، مستخدمة أوراق ضغط متعددة تشمل تعليقاً جزئياً لحركة الطيران في مطار عدن. هذا التحرك يعكس إدراكاً سعودياً عميقاً لخطورة تمدد النفوذ الإماراتي، والحاجة الملحة لضبط توازن القوى داخل معسكر الشرعية. "هذا التطور يعكس تحولاً جذرياً في استراتيجية القوى الإقليمية تجاه اليمن" يؤكد د. محمد الخليجي، المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الخليجية.
التأثير على الحياة اليومية بدأ يظهر بوضوح، حيث تشهد المحافظات الجنوبية اضطراباً في إمدادات الوقود وقلقاً شعبياً من تجدد القتال. "المسؤولون يهربون وتركونا وحدنا نواجه المجهول" تقول فاطمة العدنية بمرارة، معبرة عن إحباط شعبي متزايد. رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي حذر من أن "أفعال المجلس الانتقالي تقوض شرعية الحكومة المعترف بها دولياً"، بينما رد عمرو البيض من المجلس الانتقالي بأن "المجلس لم يطلب من الحكومة المغادرة". هذا التناقض في التصريحات يكشف عمق الهوة المتزايدة بين حلفاء الأمس.
مع تصاعد التوترات وإعادة رسم خريطة النفوذ، تبقى ملامح المرحلة القادمة غارقة في الضباب. الخبراء يحذرون من سيناريوهات متعددة تتراوح بين التقسيم الفعلي وتجدد الصراع المسلح، بينما الشعب اليمني يدفع الثمن الأغلى. السؤال الآن: هل تنجح الجهود الدبلوماسية في احتواء هذا التصعيد، أم أننا على أعتاب حرب جديدة تعيد تشكيل خريطة المنطقة برمتها؟