في تطور صادم يكشف عن حقيقة مرعبة، تشهد اليمن انقساماً اقتصادياً لم يسبق له مثيل: الدولار الواحد يباع بـ 536 ريال في صنعاء بينما يكلف 1627 ريال في عدن - فجوة تزيد عن 1091 ريال تصعق المواطنين وتنذر بكارثة اقتصادية حقيقية. هذا يعني أن ما تشتريه بدولار واحد في الشمال، يكلفك ثلاثة أضعاف في الجنوب، في نفس البلد وبنفس العملة!
وفقاً لآخر البيانات الصادرة عن "الأركويش" اليوم الثلاثاء، فإن أسعار الصرف تكشف عن واقع مؤلم: فجوة بنسبة 204% تجعل المواطن اليمني يعيش في كوكبين اقتصاديين مختلفين. "أصبحت أحسب كل ريال قبل شراء الخضار"، تقول فاطمة العدنية بصوت مرتجف، "راتب زوجي لا يكفي حتى لشراء الأساسيات". المشهد نفسه يتكرر في طوابير الصرافات، حيث تبدو الوجوه محبطة وأصوات آلات الحاسبة لا تتوقف.
هذا الانقسام النقدي المدمر ليس وليد اللحظة، بل نتيجة لسنوات من الحرب المستمرة وانقسام البنك المركزي إلى سلطتين منفصلتين. آخر مرة شهد اليمن فجوة مماثلة كانت خلال الأزمة الاقتصادية الكبرى في التسعينيات، لكن الوضع الحالي أكثر تعقيداً وخطورة. الخبراء يحذرون من أن هذا التدهور يجعل الريال اليمني "مثل مريض في العناية المركزة، ينازع بين الحياة والموت"، مع توقعات بانهيار اقتصادي شامل إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة.
التأثير على الحياة اليومية صار كابوساً حقيقياً: الأسر تعيد حساباتها بالكامل، والتجار يواجهون صعوبة في التسعير، حتى شراء الدواء أصبح معضلة اقتصادية. أحمد سالم، موظف في صنعاء براتب 200 ألف ريال، يروي مأساته: "لا أستطيع زيارة عدن لأن راتبي كله لن يكفي تكاليف يوم واحد هناك". هذا الواقع المؤلم ينذر بموجة هجرة جديدة وانهيار كامل للطبقة المتوسطة، بينما يستغل بعض التجار الأذكياء هذه الفجوة لتحقيق أرباح مشروعة من التجارة بين المناطق.
مع استمرار تراجع الريال بـ"سرعة الضوء كالانهيار الجليدي المدمر"، تزداد الحاجة الماسة لتدخل إقليمي عاجل لتوحيد أسعار الصرف وإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد اليمني. السؤال المصيري الذي يطرح نفسه: هل سيصحو المجتمع الدولي قبل أن يصبح اليمن أول دولة في التاريخ تنقسم اقتصادياً إلى الأبد؟ الوقت ينفد، والريال ينزف، والمواطن اليمني ينتظر معجزة.