في تطور مفصلي يهز الوجدان العربي، تستعد مصر لاستعادة عرشها الذهبي في عالم التلاوة بعد فجوة دامت أكثر من 20 عاماً، حيث كشف النائب جلال القادري أن برنامج "دولة التلاوة" ليس مجرد مسابقة تلفزيونية، بل مشروع قومي لإحياء البلد التي أنجبت 70% من أشهر القراء في العالم الإسلامي. الآن أو أبداً.. مصر تقاتل لاستعادة صوتها الذي أضاءت به العالم لقرون، والسؤال المحوري: هل نشهد ميلاد الجيل الذهبي الجديد؟
في قاعات البرلمان المصري، يرتجف صوت القادري بالإثارة وهو يصف البرنامج بأنه "واحد من أكثر المشروعات الثقافية تأثيراً" ويؤكد أنه يملأ فراغاً طال انتظاره. محمد الشاب البالغ 25 عاماً، خريج كلية التجارة من القاهرة، يروي بدموع الفرح: "كنت أحلم لسنوات أن أصبح قارئاً مشهوراً، لكن لم أجد المنصة.. الآن أشعر أن حلمي أصبح قريباً". هذا ليس مجرد برنامج، بل منقذ لآلاف الأصوات العذبة التي كانت تبحث عن طريقها.
تاريخياً، هيمنت مصر على عالم التلاوة لأكثر من قرن، حيث خرّجت أساطير خلدوا أسماءهم في ذاكرة المسلمين مثل الشيخ عبد الباسط ومحمد صديق المنشاوي ومحمد رفعت. لكن العقدين الماضيين شهدا تراجعاً مؤلماً، كما لو أن نهر النيل توقف عن إرواء أرض القلوب الظمأى للروحانية. د. محمد النقيب، أستاذ علوم القرآن بجامعة الأزهر، يؤكد أن البرنامج "نقطة تحول تاريخية في مسار التلاوة المعاصرة"، مشبهاً تأثيره المتوقع بقوة الينابيع التي تتدفق لتملأ الأودية.
في البيوت المصرية، تتغير الحياة اليومية بشكل ملحوظ. فاطمة، أم لثلاثة أطفال من الإسكندرية، تصف التحول بقولها: "أطفالي أصبحوا يحفظون القرآن ويقلدون المتسابقين، بيتنا امتلأ بأصوات التلاوة العذبة". أحمد المتسابق البالغ 22 عاماً من قرية نائية بصعيد مصر، أصبح حديث وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن اكتشف البرنامج موهبته الفذة. النتيجة المتوقعة صاعقة: عودة التلاوة لتكون جزءاً من النسيج الثقافي المصري، وولادة جيل جديد من النجوم العالميين.
كما يؤكد القادري أن "دولة التلاوة" تمثل رؤية استراتيجية لبناء القوة الناعمة المصرية، فإن السؤال المصيري يطرح نفسه: هل تنجح مصر في استعادة مكانتها كقبلة المسلمين للتلاوة؟ أم تضيع الفرصة الذهبية وتترك المجال لدول أخرى؟ الإجابة تكمن في الأسابيع القادمة، حيث تنتظر أصوات ملايين المسلمين حول العالم أن تسمع مرة أخرى تلك التلاوة المصرية التي تهز القلوب وتضيء الأرواح.