في تطور صادم هز الساحل اليمني، تعرض أكثر من 50 ألف مواطن في مديريتي زبيد والتحيتا لخطر مجهول عندما اجتاحت سحابة سوداء كثيفة المنطقة مساء اليوم، محولة النهار إلى ليل دامس خلال دقائق معدودة. لأول مرة في التاريخ اليمني الحديث، تتساقط مادة سوداء غامضة من السماء، تاركة وراءها أسئلة مرعبة: هل هو رماد بركاني من إثيوبيا أم مواد كيميائية من تفجيرات الحوثيين؟ الإجابة قد تحدد مصير آلاف الأرواح.
فاطمة أحمد، أم لثلاثة أطفال من زبيد، تصف اللحظات المرعبة: "شاهدت السماء تتحول للأسود فجأة، وبدأ ابني الأصغر المصاب بالربو بالسعال الشديد حتى اضطررت لنقله للمستشفى." المشهد تكرر في عشرات المنازل، حيث غطى الغبار الأسود مساحة تزيد عن 200 كيلومتر، من الخوخة جنوباً حتى عدن شرقاً. محمد صالح، مزارع من التحيتا، يروي: "بدا الأمر وكأن نهاية العالم حلت، مزرعتي اختفت تحت طبقة سوداء كثيفة خلال دقائق."
الغموض يتعمق حول السبب الحقيقي، بين روايتين متناقضتين تحملان تبعات خطيرة. الرواية الأولى تشير إلى نشاط قتالي حوثي باستخدام مواد متفجرة إيرانية في خطوط التماس، ينبعث منها دخان أسود قد يحتوي على مواد كيميائية ضارة. الرواية الثانية تربط الحادثة بالنشاط البركاني في إثيوبيا، حيث تحمل الرياح الرماد البركاني عبر البحر الأحمر. د. عبدالله المخلافي، خبير البيئة، يحذر: "هذه أول مرة نشهد ظاهرة بهذا الحجم، والأمر يستدعي تحليلاً عاجلاً قبل أن تتفاقم الأضرار الصحية."
التأثيرات بدأت تظهر سريعاً على الحياة اليومية للمواطنين، حيث أُجبرت العائلات على البقاء في منازلها وإغلاق النوافذ بإحكام. مرضى الربو والجهاز التنفسي يواجهون خطراً مضاعفاً، خاصة مع تحذيرات الأطباء من احتمالية احتواء الغبار على غاز ثاني أكسيد الكبريت إذا كان مصدره بركانياً. المزارعون يخشون على آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، بينما يترقب الصيادون تأثير التلوث على مياه البحر الأحمر. علي الحكيمي، متابع للشؤون البيئية، يقول بقلق: "حذرت منذ أسابيع من وصول تأثيرات البراكين الإثيوبية، لكن لم أتوقع بهذا الحجم المدمر."
الساعات القادمة ستحدد مصير المنطقة، بين كارثة بيئية طبيعية قد تنتهي خلال أيام، أو فضيحة استخدام مواد كيميائية محظورة قد تترك آثاراً دائمة. الخبراء ينصحون السكان بتجنب الخروج وارتداء الأقنعة الواقية، بينما تتصاعد الدعوات لتدخل دولي عاجل لكشف الحقيقة. هل سيكشف التحليل المخبري عن كارثة طبيعية أم عن جريمة حرب جديدة؟ 50 ألف مواطن يمني ينتظرون إجابة قد تنقذ حياتهم أو تدمرها إلى الأبد.