الرئيسية / مال وأعمال / حصري: لماذا يدفع أهل عدن مليون ونصف بينما أهل صنعاء 487 ألف فقط؟
حصري: لماذا يدفع أهل عدن مليون ونصف بينما أهل صنعاء 487 ألف فقط؟

حصري: لماذا يدفع أهل عدن مليون ونصف بينما أهل صنعاء 487 ألف فقط؟

نشر: verified icon مروان الظفاري 21 نوفمبر 2025 الساعة 08:40 مساءاً

في مفارقة صادمة تكشف حجم الانقسام الاقتصادي المدمر في اليمن، يدفع مواطنو عدن مليوناً ونصف المليون ريال مقابل الجنيه الذهبي الواحد، بينما يحصل عليه أهل صنعاء بـ487 ألف ريال فقط - فارق مليون ريال كامل يعكس واقعاً اقتصادياً منقسماً كالبلاد نفسها. في 72 ساعة فقط، شهدت أسواق صنعاء انهياراً تدريجياً فقد فيه الذهب 16 ألف ريال، بينما بقيت أسعار عدن مستقرة كجزيرة وسط عاصفة اقتصادية محتدمة.

تحكي قصة أحمد الحديدي، الموظف الحكومي من صنعاء، مأساة حقيقية عاشتها آلاف الأسر اليمنية. "شاهدت مدخرات عشرين عاماً من العمل تتبخر أمام عيني خلال ثلاثة أيام فقط"، يقول أحمد وهو يتأمل جنيهاته الذهبية التي فقدت ثلث قيمتها. في المقابل، تبتسم فاطمة العولقي، التاجرة الماهرة من عدن، وهي تراقب استقرار أسعار السوق في مدينتها. رائحة القلق تملأ أزقة الأسواق الشعبية في صنعاء، بينما تتردد أصوات المساومة بثقة في محلات صاغة عدن.

الجذور العميقة لهذا الانقسام السعري تمتد إلى عام 2015، عندما انقسمت اليمن سياسياً واقتصادياً بين حكومتين متنافستين. كارلو ألبرتو دي كاسا، المحلل في مؤسسة سويسكوت، يوضح الصورة العالمية: "أسعار السوق الفورية مستقرة مع إقبال المستثمرين على شراء الذهب كتحوط ضد حالة عدم اليقين". لكن هذا الاستقرار العالمي لم يمنع العاصفة المحلية من اجتياح أسواق صنعاء، حيث تراجعت العقود الآجلة للذهب عالمياً بنسبة 0.64% بينما انهارت الأسعار محلياً بوتيرة أسرع.

تأثير هذا الزلزال الاقتصادي يتجاوز أرقام التداول ليصل إلى قلب الحياة اليومية للملايين. سالم المنصوري، الصائغ الخمسيني من صنعاء، يصف المشهد: "المحل الذي كان يستقبل 50 زبوناً يومياً، بات يشهد زيارة 10 أشخاص فقط، معظمهم يسأل عن الأسعار ثم يغادر مذعوراً". في المنازل اليمنية، تجد الأمهات صعوبة في تأمين الذهب لبناتهن المقبلات على الزواج، بينما يحتار الآباء في حماية مدخرات العائلة من التآكل المستمر. الخبراء يحذرون من سيناريوهات أكثر قتامة قادمة مع تعمق الأزمة السياسية.

بينما تستمر العواصف الاقتصادية في هز أركان الأسواق اليمنية، يبقى السؤال الأهم معلقاً في أذهان الملايين: هل ستجد مدخراتك الذهبية ملاذاً آمناً وسط هذا الإعصار المدمر، أم أنها ستكون ضحية أخرى لانقسام وطن ممزق بين مدينتين وحكومتين وحلمين متناقضين؟ الإجابة قد تحددها الساعات القادمة في أسواق لا تعرف الرحمة.

شارك الخبر