في تطور عاجل هز الأسواق المصرية، قفز سعر الدولار الأمريكي إلى مستويات جديدة وصلت إلى 47.50 جنيه، بينما لم يفصل المصريين عن قرار البنك المركزي الحاسم بشأن أسعار الفائدة سوى لحظات قليلة. 550 نقطة أساس - هذا هو حجم التغيير الجذري الذي شهدته السياسة النقدية المصرية خلال العام الجاري، في مشهد لم تشهده البلاد منذ أزمة 2016.
وسط أجواء من الترقب المحموم، تتصاعد حدة التقلبات في أروقة البنوك المصرية، حيث سجل البنك التجاري الدولي أعلى سعر شراء عند 47.42 جنيه مقابل بيع عند 47.52 جنيه. "ميزان المخاطر يميل لأول مرة منذ فترة طويلة تجاه دعم احتمال قوة الجنيه خلال الأشهر المقبلة"، تؤكد رامونا مبارك، رئيسة قسم المخاطر لمنطقة الشرق الأوسط في مؤسسة بي إم أي. محمد السيد، صراف في وسط البلد، يروي مشهداً مؤثراً: "أرى طوابير المواطنين يومياً أمام مكتبي، عيونهم تحمل القلق والترقب، كلهم يسألون: متى سيستقر الدولار؟"
الصورة الأكبر تكشف عن برنامج إصلاح اقتصادي طموح بدأ منذ مطلع العام، حيث خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بمعدل غير مسبوق وصل إلى 550 نقطة أساس. هذا الانخفاض الجذري، الذي أبقى سعر الفائدة عند مستوى 21% تقريباً، يأتي كجزء من استراتيجية محسوبة لمواجهة التضخم المرتبط بارتفاع تكاليف العرض وليس الطلب. الضغوط التضخمية الجديدة نبعت أساساً من قرارات رفع أسعار المحروقات بنسب تراوحت بين 10% و13% في أكتوبر الماضي، إضافة إلى التطبيق التدريجي لقانون الإيجارات الجديد.
التأثير على حياة المصريين اليومية يتجاوز مجرد أرقام على الشاشات. أحمد محمود، موظف حكومي في الأربعين، يعاني من ارتفاع إيجار شقته بنسبة 15% مع زيادة أسعار البنزين، بينما تواجه سارة علي، المستثمرة الصغيرة، فرصة ذهبية مع توقعات ارتفاع الجنيه بنسبة 7% خلال العام الحالي. انقسام المحللين واضح: استطلاع رويترز يظهر تساوياً بين توقعات تثبيت أسعار الفائدة وخفضها بمقدار 100 نقطة أساس، مما يعكس حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق قبل إعلان القرار المصيري.
مع تحسن الاحتياطيات المصرية وتدفق السيولة مدعوماً بالاتفاقات الاستثمارية الجديدة، تتزايد احتمالات تعافي الاقتصاد المصري. الخبراء يحذرون من أن قرار اليوم قد يحدد مسار الاقتصاد للأشهر القادمة: هل سيتمكن البنك المركزي من تحقيق المعادلة الصعبة بين تحفيز النمو الاقتصادي ومواجهة شبح التضخم؟ الساعات القادمة ستكشف عن مصير ملايين المصريين وأموالهم في مواجهة مع المجهول الاقتصادي.