في تطور صادم هز المملكة من أقصاها إلى أقصاها، أصدر المركز الوطني للأرصاد تنبيهات حمراء وبرتقالية شملت 9 مناطق كاملة، في أكبر حالة جوية تضرب أكثر من 50 مدينة ومحافظة خلال 19 ساعة متواصلة من الفوضى الطبيعية. ملايين السعوديين يستيقظون اليوم على كابوس حقيقي من سيول جارفة وصواعق رعدية وانعدام شبه كامل للرؤية، في مشهد لم تشهده المملكة منذ سنوات.
تحولت السماء السعودية إلى ساحة حرب طبيعية، حيث تتصارع كتل هوائية باردة قادمة من الشمال مع الهواء الدافئ فوق تسع مناطق في آن واحد. أكثر من 15 مليون مواطن ومقيم باتوا في دائرة الخطر المباشر، بينما سجلت محافظات الرياض والشرقية أعلى درجات التأهب مع تنبيهات برتقالية تحذر من "شبه انعدام في مدى الرؤية وجريان السيول". أحمد السعدون، سائق توصيل في الرياض، يروي رعبه: "خرجت فجراً لأجد الطرق تحولت لأنهار، والسماء تقصف بالرعد كأنها حرب حقيقية".
هذا النوع من العواصف الشاملة يتكرر كل 3-5 سنوات، لكن شموليته هذه المرة استثنائية تماماً، حيث تذكرنا بعاصفة الرياض الشهيرة 2018 التي شلت العاصمة لساعات طويلة. الدكتور محمد العامر، أستاذ الجغرافيا المناخية، يؤكد أن التيارات الهوائية القطبية الباردة تصطدم بعنف مع الهواء الدافئ فوق المملكة، مما يخلق "خلاط عملاق" من الفوضى الجوية. المركز الوطني للأرصاد حذر بوضوح: "الوضع الجوي غير مستقر وخطير، والأسوأ لم يأت بعد، والذروة متوقعة في الصباح الباكر".
من الرياض شرقاً إلى جازان جنوباً، تعيش الأسر السعودية ليلة لن تنساها، حيث أُلغيت رحلات جوية وأُغلقت مدارس وتعطلت الحركة المرورية في مشهد يحبس الأنفاس. فاطمة الزهراني، ربة منزل في الطائف، تحكي: "سمعت صوت الرعد مثل انفجار، وأطفالي يختبؤون تحت الأغطية من الخوف". الدكتورة سارة الأحمد، خبيرة الأرصاد في المركز الوطني التي تراقب الوضع على مدار الساعة، تؤكد أن "المساحة المتأثرة تعادل ثلاث دول أوروبية مجتمعة، والرياح بقوة محرك طائرة". بين خائف من السيول ومبتهج بالأمطار المنقذة للزراعة، ينتظر السعوديون انتهاء هذا الكابوس الطبيعي.
تسع مناطق، تسعة عشر ساعة من الرعب، وملايين الأرواح في مواجهة مباشرة مع قوة الطبيعة الجامحة. خبراء الأرصاد يتوقعون انحسار العاصفة تدريجياً مع نهاية اليوم، لكن التحذيرات لا تزال قائمة: ابقوا في منازلكم، تجنبوا الطرق غير الضرورية، واتبعوا تعليمات الدفاع المدني. السؤال الذي يحير الجميع الآن: هل ستمر المملكة من هذه المحنة الطبيعية بأقل الخسائر، أم أن الساعات القادمة تخبئ مفاجآت أخرى أكثر رعباً؟