في تطور صادم يهز حياة الملايين، شهدت رسوم المرافقين في السعودية قفزة مدمرة بنسبة 400% خلال 8 سنوات فقط، لتصل إلى 400 ريال شهرياً لكل فرد، بينما يلوح شبح الترحيل الفوري في الأفق بعد 90 يوماً فقط من انتهاء الإقامة. آلاف المقيمين يعيشون كابوساً حقيقياً مع اقتراب المواعيد النهائية، ومصيرهم بات معلقاً بخيط رفيع.

أم محمد، العاملة المنزلية الفلبينية، تقف عاجزة أمام فاتورة سنوية قدرها 4800 ريال لإبقاء ابنها الوحيد معها في السعودية. "راتبي بالكامل لا يكفي لدفع رسوم المرافقين، كيف سأعيش؟" تقول وهي تمسح دموعها. المشهد يتكرر في آلاف البيوت، حيث تواجه الأسر المقيمة ضغطاً مالياً خانقاً لم تشهده من قبل، بينما تدق ساعة العد التنازلي نحو مواعيد لا رحمة فيها.

الجذور تمتد إلى عام 2017 عندما بدأت رسوم المرافقين بـ 100 ريال شهرياً فقط، قبل أن تتصاعد تدريجياً كجزء من رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد السعودي. خبراء الاقتصاد يؤكدون أن هذه الإجراءات تهدف لـ"تنظيم سوق العمل وضمان حقوق جميع الأطراف" كما صرح متحدث وزارة العمل، لكن الواقع يحكي قصة مختلفة من المعاناة اليومية. التصعيد المستمر للرسوم يشبه قطاراً مسرعاً لا يمكن إيقافه، يحطم في طريقه أحلام آلاف الأسر.

محمد السوري، صاحب المحل الصغير، تعلم الدرس بالطريقة الصعبة عندما دفع 1000 ريال غرامة تأخير لمدة شهرين فقط. "لم أتخيل أن التأخير سيكلفني راتب شهر كامل، الآن أجدد قبل الموعد بشهرين" يقول بمرارة. في المقابل، استطاع أحمد الخالدي، المهندس المصري، أن يؤمن مستقبل عائلته من خلال الحصول على الإقامة الدائمة بـ 4000 ريال فقط، واصفاً إياها بـ"القرار الذي غيّر حياتي". الفرق بين القصتين يكمن في سرعة اتخاذ القرار والاستفادة من الفرص المحدودة المتاحة.

مع انطلاق العام الجديد، تقف الملايين من الأسر المقيمة أمام مفترق طرق حاسم: إما التكيف مع الواقع الجديد والتضحية بجزء كبير من دخلهم، أو مواجهة مصير مجهول خارج المملكة. الساعة تدق، والخيارات تتضاءل، والسؤال الذي يلاحق الجميع: هل ستكون من الناجين الذين أمّنوا مستقبلهم بالتجديد المبكر والاستفادة من فرصة الإقامة الدائمة، أم من المرحّلين الذين فاتهم القطار إلى الأبد؟