في تطور مفاجئ يبعث الأمل في قلوب آلاف اليمنيين، شهدت 6 محافظات يمنية انفراجة كبيرة مع إعلان 3 بنوك تجارية والبريد اليمني صرف مرتبات الموظفين الحكوميين والعسكريين لأول مرة منذ أشهر طويلة. الطوابير تمتد أمام البنوك والوجوه تشع فرحاً، بينما تتنفس عدن وأبين وشبوة ولحج وحضرموت وسقطرى الصعداء مع عودة نبضة الحياة لاقتصادها المتعثر.
بدأت عجلة الصرف تدور بقوة مع إعلان بنك القطيبي الإسلامي صرف مرتبات سبتمبر 2025 لموظفي أكثر من 15 مكتب حكومي في عدن وأبين، بالإضافة لمرتبات يوليو لمنتسبي 10 وحدات عسكرية تابعة لوزارة الدفاع. فاطمة المدرسة، التي تعمل في مكتب التعليم بأبين، لم تخف دموع الفرح: "لم أصدق الخبر حتى رأيت الأموال بعيني... أخيراً سأتمكن من شراء الدواء لوالدي". المشهد تكرر عبر فروع بنك عدن الإسلامي وبنك البسيري، حيث امتدت الطوابير لمئات الأمتار وسط أصوات التهليل والدعوات.
هذه الخطوة تأتي في إطار خطة الإنفاق المباشر عبر البنوك التي تتبناها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في محاولة لكسر طوق الحصار المالي الذي فرضته جماعة الحوثي على الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتها منذ 2016. د. محمد الاقتصادي، الخبير المالي، يصف الوضع: "هذا إنعاش حقيقي يشبه قطرات المطر الأولى بعد جفاف طويل، لكن النجاح يعتمد على الاستمرارية". الأرقام تتحدث عن تغطية مناطق تضم أكثر من 3 ملايين نسمة، أي ما يعادل 40% من سكان المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية.
التأثير الفوري بدا واضحاً في الأسواق المحلية، حيث شهدت حركة تجارية ملحوظة لأول مرة منذ أشهر. أحمد النازح من حجة، الذي يعيش في عدن منذ 8 سنوات دون راتب ثابت، وقف في طابور بنك الكريمي منذ الفجر: "اليوم أشعر أنني إنسان مرة أخرى، سأدفع إيجار البيت وأشتري ملابس العيد للأطفال". لكن الخبراء يحذرون من مخاطر التضخم المؤقت نتيجة ضخ السيولة المفاجئ، وينصحون الموظفين بـالتوزيع الذكي للمبالغ وادخار جزء للطوارئ المستقبلية.
بينما تحتفل هذه المحافظات بعودة رواتبها، تبقى العيون متجهة صوب المستقبل: هل ستتوسع هذه الانفراجة لتشمل باقي المناطق؟ وهل ستصمد أمام التحديات السياسية والعسكرية المحتملة؟ الإجابة تكمن في قدرة الحكومة على ضمان الاستمرارية والتوسع التدريجي، فالموظفون الذين ذاقوا طعم الأمل اليوم، لن يقبلوا العودة لمرارة الانتظار مرة أخرى.