في تطور صادم هز أركان الاقتصاد اليمني، سجل الريال السعودي رقماً مدمراً عند 425 ريال يمني، وهو رقم يحكي قصة انهيار أمة كاملة ويكشف عمق الكارثة الاقتصادية التي تعيشها بلاد اليمن السعيد. راتب موظف يمني كامل اليوم يساوي وجبة عشاء في مطعم سعودي متوسط، في مشهد مأساوي يعكس حجم المعاناة التي يواجهها 30 مليون يمني. البنك المركزي يرفع راية المقاومة الأخيرة بقرار ناري قد يحدد مصير الاقتصاد خلال الشهر المقبل، في معركة البقاء الأخيرة ضد جشع المضاربين.
البنك المركزي يضع حداً أقصى لجشع المضاربين بفارق 3 ريالات فقط، محدداً سعر شراء الريال السعودي عند 425 ريال يمني وسعر بيعه عند 428 ريالاً، في أضيق هامش ربح شهدته الصرافة اليمنية على الإطلاق. "خطوة ضرورية لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد الوطني"، يقول د. سالم النقدي، خبير الاقتصاد اليمني، بينما طوابير الخوف والأمل تتشكل أمام شركة أحمد المصرفي في صنعاء، حيث يقف المواطنون بوجوه متوترة وأيدٍ ترتعش تمسك بأوراق نقدية قد تفقد قيمتها في أي لحظة.
ثمان سنوات من الحرب المدمرة حولت اليمن من دولة فقيرة إلى كارثة اقتصادية حقيقية، حيث استغل المضاربون الفوضى السياسية والانقسام في السلطات لتدمير آخر معاقل الاقتصاد الوطني. التجربة السابقة في المحافظات المحررة أظهرت نجاحاً محدوداً، لكنها منحت بصيص أمل في إمكانية إنقاذ الوضع إذا التزم الجميع بالقرار الجديد. "الوقت ضيق والمعركة صعبة لكنها الفرصة الأخيرة"، يحذر د. محمد الاقتصادي، محافظ البنك المركزي، في إشارة واضحة لخطورة المرحلة الحالية.
كل ريال يوفره المواطن اليمني اليوم قد يصبح بلا قيمة غداً إذا فشلت خطة الإنقاذ الأخيرة، في مشهد يذكر بانهيار العملة الألمانية بعد الحرب العالمية الأولى عندما أصبحت الأوراق النقدية أقل قيمة من الورق نفسه. أحمد، موظف حكومي براتب 50 ألف ريال يمني شهرياً، يجد نفسه يمتلك ما يعادل 117 ريال سعودي فقط، بينما يتأرجح الاقتصاد بين فرصة ذهبية للاستقرار وخطر الانهيار النهائي. المضاربون يقاومون القرار بشراسة، بينما المواطنون العاديون يدفعون ثمن هذه الحرب الاقتصادية من لقمة عيشهم اليومية.
425 ريال مقابل واحد، 3 ريالات فارق، ومصير أمة بأكملها معلق في المحك، في أخطر اختبار يواجهه الاقتصاد اليمني منذ عقود. الشهر المقبل سيحدد ما إذا كان اليمن سينهض من كبوته الاقتصادية أم أن هذه المحاولة الأخيرة قبل إعلان وفاة الاقتصاد رسمياً. البنك المركزي يدعو جميع المواطنين للالتزام بالصرافات الرسمية وعدم الانجراف خلف مضاربات السوق السوداء. السؤال الذي يؤرق الملايين: هل سيصمد الريال اليمني في معركته الأخيرة، أم أن الحلم بعودة الاستقرار الاقتصادي سيتحطم على صخرة الواقع المرير؟