في تطور صادم هز الشارع المصري، احتاج المواطن إلى 13 جنيهاً إضافياً لكل 1000 جنيه من مشترياته الاعتيادية خلال أكتوبر الماضي فقط. بينما كان المصريون يتنفسون الصعداء لانخفاض التضخم السنوي من 10.3% إلى 10.1%، ضربتهم موجة ارتفاع شهرية جديدة بقوة 1.3% في شهر واحد. كل يوم تأخير في فهم هذه الأرقام المدمرة يعني المزيد من التآكل في قوتك الشرائية، والسؤال الملح: هل انهارت القوة الشرائية فعلاً أم أن الأسوأ قادم؟
كشف الجهاز المركزي للإحصاء عن أرقام مقلقة تفضح حجم الكارثة الصامتة التي تعصف بجيوب المصريين. ارتفاع أسعار الخضروات بنسبة 12.9% في شهر واحد فقط، يعني أن كيلو الطماطم الذي كان بـ10 جنيهات أصبح 11.3 جنيه. أم سارة من المعادي تحكي مأساتها: "فاتورة التسوق الأسبوعية قفزت من 350 إلى 400 جنيه، واضطررت لحذف الخضروات من قائمة المشتريات أحياناً." المشهد في الأسواق صادم: مواطنون يقفون حائرين أمام أكشاك الخضروات، يحسبون ويعيدون الحساب بينما تنطلق تنهيدات اليأس من صدورهم.
هذا الارتفاع الخطير ليس وليد اللحظة، بل جزء من موجة تضخمية مدمرة تشهدها مصر منذ سنوات، تأكل الرواتب مثل النار التي تأكل القش الجاف. البيانات الرسمية تكشف أن الألبان والجبن والبيض ارتفعت بنسبة 1.9%، بينما قفزت أسعار الأمتعة الشخصية بنسبة مرعبة وصلت إلى 5.5%. د. سامي الخبير الاقتصادي يحذر: "العوامل الموسمية تلعب دوراً، لكن هذا الارتفاع الحاد في الخضروات يذكرنا بموجات التضخم المدمرة في السبعينيات." الأرقام تصرخ بحقيقة مؤلمة: أسعار الخضروات ترتفع بسرعة الصاروخ بينما الرواتب تتحرك بسرعة السلحفاة.
الواقع المرير يضرب كل بيت مصري بلا استثناء. كريم المهندس يروي تجربته المؤلمة: "لاحظت ارتفاع فاتورة التسوق الأسبوعية من 400 إلى 450 جنيهاً، رغم شرائي لنفس الكميات." الأرقام الصادمة تكشف أن الأسرة التي تنفق 3000 جنيه شهرياً تحتاج الآن إلى 39 جنيهاً إضافياً فقط لتحافظ على نفس مستوى المعيشة. لكن وسط هذا الكابوس، تظهر بارقة أمل صغيرة: انخفاض أسعار الفواكه بنسبة 10.6%، مما منح أحمد التاجر فرصة ذهبية حقق من خلالها أرباحاً إضافية بنسبة 15%. الرعاية الصحية تشهد كارثة حقيقية بارتفاع أسعارها 27.7% سنوياً، مما يعني أن تكلفة العلاج زادت بأكثر من الربع في عام واحد.
التضخم المدمر بنسبة 1.3% في شهر واحد ليس مجرد رقم، بل صرخة ألم من ملايين الأسر المصرية التي تواجه تآكلاً حاداً في قوتها الشرائية. الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير الاقتصاد المصري ومستقبل معيشة المواطنين. على الحكومة والشعب العمل معاً بحكمة لمواجهة هذا التحدي الوجودي قبل فوات الأوان. السؤال المصيري الذي يؤرق الملايين الآن: هل ستستمر هذه الارتفاعات الجهنمية أم أنها مجرد عاصفة مؤقتة؟ الإجابة ستحدد مستقبل كل أسرة مصرية.