36,581 استشارياً... رقم يخفي وراءه حقيقة صادمة: ربعهم يتركز في مدينة واحدة! بينما تحتضن الرياض وحدها 25% من استشاريي المملكة، تتقاسم 7 مناطق أخرى نفس النسبة. في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن العدالة الصحية، الأرقام تكشف واقعاً مختلفاً. التفاصيل الكاملة تُعد مصيرية لجغرافيا الرعاية الصحية في المملكة.
كشف تقرير وزارة الصحة لعام 2024 عن وجود 36,581 استشارياً يعملون في مختلف القطاعات الصحية، موزعين بشكل غير متساوٍ عبر مناطق المملكة. وأشار التقرير إلى أن 43% من الأطباء الاستشاريين يعملون في وزارة الصحة، و25% منهم يركزون في الرياض وحدها، ما يبرز فجوة 65%-35% بين الجنسين لصالح الأطباء الذكور. "تقرير وزارة الصحة لعام 2024 يؤكد تفوق الأطباء السعوديين في التخصصات المختلفة"، ما يفتح المجال لآلاف المرضى للسفر مئات الكيلومترات للحصول على استشارة طبية متخصصة.
جهود المملكة لتطوير القطاع الصحي ضمن رؤية 2030 تبرز تركز الاستثمارات في المدن الكبرى، وجاذبية العمل في المراكز الحضرية. وقد شهدت الأعوام السابقة مشاريع صحية ضخمة أنجزت في الرياض والدمام وجدة. إلا أن الخبراء يؤكدون على ضرورة وضع حوافز للاستشاريين للعمل في المناطق النائية لتحقيق توازن صحي.
في الحياة اليومية للمواطن، تعني الأرقام ساعات سفر طويلة للمرضى وتكاليف إضافية للعائلات، ما يضغط على المستشفيات في المدن الكبرى ويؤدي إلى إهمال طبي محتمل في المناطق النائية. بينما هناك فرصة لإعادة هيكلة النظام الصحي، يبقى تحذير واضح من تفاقم الفجوات، حيث أن الرضا يسود المدن الكبرى بينما تعاني المناطق النائية من الإحباط.
المختصر أن 36,581 استشارياً يعكسون نجاحاً في الكم وتحدياً في التوزيع. بإمكان المملكة تحقيق توزيع عادل من خلال السياسات الصحيحة، لكن الاستراتيجية العاجلة لإعادة توزيع الكوادر الطبية أضحت ضرورة. ويبقى السؤال الأهم: "هل ستنجح المملكة في تحويل هذا الإنجاز الكمي إلى عدالة جغرافية حقيقية؟"