يواجه أكثر من 11 مليون يمني تحولاً جذرياً في حياتهم اليومية بفضل الدعم السعودي الجديد البالغ 368 مليون دولار، والذي يعد خطوة استراتيجية لمواجهة الأزمات المتفاقمة التي تضرب اليمن منذ سنوات. هذا الدعم الضخم، الذي يأتي عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، يستهدف قطاعات حيوية متعددة تشمل البنية التحتية والخدمات الأساسية والتعليم والأمن الغذائي.
تشمل المبادرة السعودية الجديدة دعماً مباشراً لعجز موازنة الحكومة اليمنية، حيث سيخصص 85% من هذا الدعم لصرف مرتبات موظفي الدولة، مما يعني استقراراً مالياً مباشراً لمئات الآلاف من الأسر اليمنية. كما يتضمن الدعم توفير المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء في مختلف المحافظات، مما سيؤدي إلى زيادة ساعات التشغيل وتحسين مستوى الخدمات الكهربائية بشكل ملموس.

على صعيد البنية التحتية، أطلق البرنامج السعودي مشروعاً ضخماً لتوسعة وإعادة تأهيل طريق العبر الاستراتيجي الدولي، الذي يربط بين المملكة العربية السعودية والمحافظات اليمنية. هذا المشروع سيعزز الروابط الاقتصادية بين البلدين ويسهل حركة التجارة والمسافرين، بينما سيحسن التنقل الآمن بين المدن اليمنية، مما يعني فرصاً اقتصادية جديدة للملايين من اليمنيين.
في محافظة عدن تحديداً، نفذ البرنامج السعودي مشاريع إعادة تأهيل أربعة طرق داخلية رئيسية تشمل طريق ساحل أبين وطريق كالتكس - الحسوة وطريق شاهيناز وطريق التسعين. هذه المشاريع ستحدث نقلة نوعية في الحركة المرورية داخل المدينة وستسهل وصول المواطنين إلى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، مما يعزز النشاط التجاري ويحسن جودة الحياة اليومية بشكل مباشر.

التطوير التعليمي يحتل مكانة خاصة في هذا الدعم، حيث يتابع البرنامج السعودي تنفيذ مشروع الشهادات الدولية المهنية في التدريس، الذي يستهدف تأهيل 200 معلم ومعلمة من محافظات عدن وحضرموت وتعز. يمتد البرنامج التدريبي على مدى سبعة أشهر من التدريب المكثف، حيث يكتسب المشاركون 50 مهارة تربوية وعملية تسهم في تطوير أدائهم التعليمي وفق أحدث الممارسات العالمية.
وعلى الصعيد الأمني والبيئي، واصل المشروع السعودي لنزع الألغام "مسام" جهوده المهمة في تطهير الأراضي اليمنية، حيث تمكنت فرقه من نزع 805 ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة خلال الأسبوع الماضي فقط. منذ بداية شهر أكتوبر، نجح المشروع في إزالة 4130 لغماً وذخيرة غير منفجرة، وتطهير مليون و100 ألف و201 متر مربع من الأراضي اليمنية، مما يساهم في استعادة هذه الأراضي للاستخدام الآمن وحماية أرواح المواطنين.

الدعم السعودي يأتي في ظل ظروف إقليمية ودولية معقدة، حيث تواجه اليمن أزمات متداخلة تشمل الصراع المستمر وتداعياته الاقتصادية والإنسانية. وفي الوقت نفسه، تشهد المنطقة توترات متزايدة تؤثر على الاستقرار والأمن، مما يجعل هذا الدعم التنموي أكثر أهمية في توفير بديل عملي للعنف والفوضى.
من ناحية أخرى، تواجه الجهود الإنسانية في اليمن تحديات جمة، خاصة مع توقف المساعدات الأممية في مناطق سيطرة الحوثيين منذ أكثر من شهرين، مما حرم ملايين اليمنيين من المساعدات الطارئة. في المقابل، يستمر وصول المساعدات إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، حيث ساعد برنامج الأغذية العالمي حوالي 3 ملايين شخص خلال شهر سبتمبر الماضي.

يُذكر أن البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن نفذ حتى الآن 265 مشروعاً ومبادرة تنموية في ثمانية قطاعات أساسية وحيوية تشمل التعليم والصحة والمياه والطاقة والنقل والزراعة والثروة السمكية وتنمية القدرات الحكومية والبرامج التنموية، وذلك في مختلف المحافظات اليمنية. هذه المشاريع تعكس الرؤية الشاملة للدعم السعودي الذي يستهدف جميع جوانب الحياة في اليمن ويسعى لتحقيق التنمية المستدامة وبناء مستقبل مزدهر للشعب اليمني.
وأكد رئيس الوزراء اليمني الدكتور سالم بن بريك أن هذا الدعم السعودي يمثل محطة جديدة في مسيرة الإخاء والتكامل بين البلدين، مشيراً إلى أن الاتفاقات الموقعة تمس جوهر احتياجات الشعب اليمني وتلبي أولوياته. وأضاف أن المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، تتخذ موقفاً ثابتاً ومبدئياً إلى جانب اليمن في معركته من أجل الاستقرار والتعافي.
على مدى ما يقرب من 60 عاماً، كان برنامج الأغذية العالمي سندا للشعب اليمني. ينضم البرنامج إلى الأمين العام وجميع الشركاء في المجال الإنساني في الدعوة إلى الإفراج الفوري غير المشروط عن عمال الإغاثة المحتجزين تعسفياً من قبل سلطات الأمر الواقع الحوثية، بمن فيهم 21 من موظفي البرنامج. pic.twitter.com/9GLmfBKqSs
— WFP Yemen (@WFPYemen) September 17, 2025
التأثير المتوقع لهذا الدعم السعودي سيمتد ليشمل تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية لملايين اليمنيين، من خلال استقرار الرواتب وتحسين الخدمات الأساسية وتعزيز البنية التحتية. كما سيساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النشاط الاقتصادي، خاصة في قطاعات التعليم والنقل والخدمات. هذا التحول الإيجابي يأتي في وقت حرج تشهد فيه المنطقة تحديات متزايدة، مما يجعل من هذا الدعم نموذجاً للتنمية المستدامة وسط الأزمات.