في تطور هائل يهدد بتغيير خرائط الصناعة العالمية، أعلنت أربع شركات صينية عملاقة عن اختيارها للمملكة العربية السعودية كبوابة لنقل تقنياتها المتطورة، بعد أن وقعت اتفاقيات استراتيجية تهدف لتوطين صناعات تعتبر حساسة ومهمة، مما يجعل المملكة في مقدمة الدول الصناعية. للوهلة الأولى يبدو أن الصين قد اختارت السعودية من بين 195 دولة في العالم لتكون شريكها الرئيسي في نقل أسرارها الصناعية لأول مرة لدولة عربية، وهو ما يعكس خطوة تاريخية لافتة. لكن النافذة مفتوحة الآن والفرصة محدودة وسط اشتداد المنافسة.
وزير الصناعة السعودي، بندر بن إبراهيم الخريف، حقق نجاحاً منقطع النظير في مدينة شنغهاي الصينية هذا الأسبوع، حيث أجرى لقاءات مكثفة مع قيادات أكبر الشركات الصناعية الصينية، وبلغ الأمر أثره بتوقيع أربع شركات من أكبر الشركات الصينية الرائدة على اتفاقيات لنقل تقنياتها إلى المملكة في أربعة قطاعات صناعية حساسة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات. وقال مسئول في وزارة الصناعة: "هذه خطوة تاريخية ستغير وجه الاقتصاد السعودي إلى الأبد."
الخلفية لهذا التحرك تعود لسنوات من التخطيط لرؤية 2030، الهادفة لتنويع الاقتصاد السعودي بعيداً عن الاعتماد على النفط. ففي ضوء الظروف العالمية الحالية، مثل الحرب التجارية الأمريكية-الصينية، كانت السعودية تبحث عن فرص جديدة لتعزيز قاعدتها الاقتصادية بتواكب مع خبرات الشركاء الدوليين. يذكرنا ذلك بتحول اليابان الصناعي في الستينات وكوريا الجنوبية في الثمانينات. ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يشهد المشهد الصناعي السعودي تحولاً جذرياً.
من المتوقع أن يجد المواطن السعودي نفسه أمام فرص وظيفية جديدة برواتب مجزية وقدرة على الوصول إلى منتجات محلية متطورة تعكس قدرة المملكة على التحول لمركز صناعي إقليمي خلال الأعوام القادمة. ولكن يجب الانتباه، فالفرصة متاحة الآن للاستثمار والتدريب قبل أن تشتد المنافسة في السوق. من جانبهم، أبدى المستثمرون حماسهم للفرص المتاحة، بينما شعر بعض العمال التقليديين بالقلق حول قدرة التقدم التكنولوجي على المحافظة على وظائفهم. ومن جهته، عبر الخبراء عن إعجابهم بهذه الخطوة الاستراتيجية.
السعودية تدخل في عصر جديد من الصناعات المتقدمة بشراكة استراتيجية مع الصين والتي قد تمهد الطريق لتصبح المملكة قوة صناعية عالمية خلال العقد القادم. الوقت الآن مناسب للاستثمار في المهارات والفرص الواعدة في السوق السعودي. هل ستكون جزءاً من هذا التحول التاريخي أم ستظل في مقاعد المتفرجين؟