في تطور صادم لم يشهده التاريخ اليمني منذ آلاف السنين، سقطت افتهان المشهري بوابل من الرصاص في جولة سنان وسط تعز، لتصبح أول امرأة يتم اغتيالها في تاريخ اليمن، محطمة بذلك حاجزاً مقدساً ظل محفوظاً لقرون. طلقات نارية من مسافة صفر لم تترك لمديرة صندوق النظافة أي فرصة للنجاة، في جريمة بشعة هزت أركان المجتمع اليمني وأثارت موجة غضب عارمة.
في صباح خميس عادي، تحولت شوارع تعز الهادئة إلى مسرح جريمة دموية. مسلحون مجهولون أطلقوا 15 رصاصة في الرأس والوجه على المشهري أثناء مرورها بسيارتها، في عملية إعدام بشعة شوهت ملامحها حتى لم تعد تُعرف. "بعض ملامحها لم تعد تُعرف من حجم الإصابات المباشرة والقريبة" - هكذا وصفت المصادر المحلية المشهد المروع. سالم المقطري، سائق تاكسي شاهد الحادثة، يقول بصوت مرتجف: "رأيت الدماء تملأ زجاج السيارة، منظر لن أنساه أبداً".
هذا الاغتيال يأتي بعد شهر واحد فقط من سقوط المقدم عبدالله النقيب، مدير شرطة التعزية، في نمط جديد ومرعب يرسم خريطة الموت في تعز. الخبراء يحذرون من محاولة منهجية لضرب الاستقرار وتفكيك النسيج الاجتماعي، حيث يقول د. محمد الحكيمي، خبير الأمن اليمني: "هذا خط أحمر لم نتوقع عبوره أبداً - نقطة لا عودة في تاريخ الصراع اليمني". الجريمة تكسر أعرافاً وتقاليد راسخة منذ قرون، وتتجاوز أحلك فترات الفوضى التي شهدتها البلاد.
كل امرأة في منصب قيادي تشعر اليوم بالخوف، وكل أسرة تفكر مرتين قبل إرسال ابنتها للعمل. عمال صندوق النظافة خرجوا في احتجاجات غاضبة، يقودهم أحمد علي الذي كرس 15 عاماً في الخدمة تحت إدارة المشهري: "لن نصمت على دم مديرتنا، العدالة أو لا شيء". المشهد المؤثر لآليات النظافة تقطع الشوارع الرئيسية يعكس حجم الصدمة التي ضربت المدينة. التأثيرات تتجاوز تعز لتصل كل بيت يمني، حيث تراجع حتمي في مشاركة النساء وانهيار في الثقة بالأمان المحلي يلوح في الأفق.
افتهان المشهري لم تكن مجرد ضحية - كانت رمزاً سقط، وحاجزاً انكسر، وخطاً أحمر تم تجاوزه. ما بعد اليوم لن يكون كما قبله، فالتاريخ اليمني انقسم إلى ما قبل وما بعد هذه الجريمة النكراء. الوقت ينفد أمام السلطات المحلية والأجهزة الأمنية: إما العدالة الآن، أو الفوضى غداً. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل سنقف مكتوفي الأيدي حتى تسقط امرأة أخرى، أم أن صوت افتهان سيكون الأخير؟