في كشف صادم هز ضمائر العالم، أعلنت منظمة الهجرة الدولية أن 4.8 مليون يمني يعيشون كلاجئين في وطنهم المدمر - رقم يفوق تعداد دول عربية كاملة. والأكثر إثارة للسخرية أن المبلغ المطلوب لإنقاذ هذه الملايين من الموت المحقق يساوي ثمن يخت ملياردير واحد: 102.8 مليون دولار فقط. كل ساعة تمر دون استجابة تعني وفاة المزيد من الأطفال والنساء الأبرياء في صمت مطبق.
من قلب جنيف، أطلقت منظمة الهجرة الدولية صرخة استغاثة عاجلة تطالب المجتمع الدولي بتوفير 102.8 مليون دولار لإنقاذ ملايين اليمنيين من كارثة إنسانية محققة. الأرقام تحبس الأنفاس: 300 ألف مهاجر عالق محاصرون في بلد محطم، يعادل عددهم سكان مدن عربية كاملة. والمفارقة المؤلمة أن التمويل المطلوب انخفض بـ 78.7 مليون دولار عن العام الماضي، ليس لتحسن الأوضاع، بل لتكيف المنظمات مع واقع النقص المرير. "الوضع يزداد سوءاً كل يوم، والعالم يتجاهل أسوأ كارثة إنسانية في عصرنا"، تقول د. سارة المنصوري، خبيرة الشؤون الإنسانية.
خلف هذه الأرقام الباردة تكمن مأساة إنسانية تذكرنا بكوارث البوسنا ورواندا، لكن بصمت إعلامي مطبق. منذ اندلاع الحرب الأهلية المدمرة في 2014، تحول اليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم. النزاع المسلح المستمر، وانهيار الاقتصاد الكامل، وتدهور الخدمات الأساسية، بالإضافة لتأثيرات تغير المناخ القاسي، خلقت عاصفة كاملة من المعاناة. خبراء الأمم المتحدة يحذرون: "بدون تدخل فوري، سنشهد موجة نزوح جماعي نحو دول الجوار خلال أشهر قليلة، وانفجاراً أمنياً قد يهدد استقرار المنطقة بأكملها."
فاطمة الحديدي، أم لأربعة أطفال نزحت من صنعاء منذ ثلاث سنوات، تجسد معاناة الملايين: "نعيش في خيمة ممزقة، أطفالي يشربون من مياه ملوثة ويناوون كل ليلة من الجوع والبرد." هذه المأساة لا تقتصر على اليمن وحده، بل تهدد استقرار المنطقة بأسرها. ارتفاع أسعار النفط بسبب عدم الاستقرار، تهديد طرق التجارة البحرية الحيوية، وموجات اللاجئين المتوقعة نحو دول الخليج، كلها تداعيات مباشرة لهذه الأزمة المتفاقمة. السيناريو المقبل واضح: إما كارثة إقليمية شاملة، أو نهضة إنسانية تاريخية إذا تحرك العالم فوراً.
اليوم، يقف العالم أمام اختبار حقيقي للضمير الإنساني. 102.8 مليون دولار - مبلغ يعادل ميزانية حفل زفاف ملياردير - يمكنه إنقاذ 5 ملايين إنسان من الموت والتشرد. دول الخليج تملك الفرصة الذهبية لتعزيز نفوذها الإنساني وقيادة العالم في هذه المعركة ضد اليأس. المنطقة على موعد إما مع كارثة إنسانية أكبر تهدد الجميع، أو مع نهضة إنسانية تاريخية تُخلد في ذاكرة التاريخ. السؤال الذي يحرق الضمائر اليوم: هل سيقف العالم مكتوف الأيدي أمام أسوأ مأساة إنسانية في عصرنا، أم سينقذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان؟