الرئيسية / شؤون محلية / بعد 8 سنوات من الحرب وخسائر بـ126 مليار دولار.. كيف يستعيد اليمن حيويته الاقتصادية بين دعم الأردن ومصافي عدن؟
بعد 8 سنوات من الحرب وخسائر بـ126 مليار دولار.. كيف يستعيد اليمن حيويته الاقتصادية بين دعم الأردن ومصافي عدن؟

بعد 8 سنوات من الحرب وخسائر بـ126 مليار دولار.. كيف يستعيد اليمن حيويته الاقتصادية بين دعم الأردن ومصافي عدن؟

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 13 سبتمبر 2025 الساعة 07:25 مساءاً

يواجه اليمن تحديات جمة لاستعادة حيويته الاقتصادية بعد ثماني سنوات من الحرب المدمرة التي خلفت خسائر اقتصادية هائلة بلغت 126 مليار دولار، وسط مساعي حثيثة تتركز بين الدعم الأردني الراسخ ومشاريع إعادة تشغيل البنية التحتية النفطية في عدن، مما يفتح نافذة أمل لإحياء الاقتصاد اليمني المنهك.

تشهد الجهود الرامية لإعادة بناء الاقتصاد اليمني زخماً متزايداً، حيث أكد الملك الأردني عبد الله الثاني دعم بلاده المستمر لجهود التوصل إلى حل سياسي يعيد الأمن والاستقرار لليمن، وذلك خلال استقباله رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في العاصمة الأردنية عمان.

وأشار الملك عبد الله خلال اللقاء إلى ضرورة إنهاء الأزمة في اليمن بما يضمن وحدته واستقراره وسلامة أراضيه، مؤكداً دعم الأردن للجهود المبذولة لتجديد الهدنة اليمنية. كما أشاد العليمي بجهود الأردن لإنهاء الأزمة اليمنية، معرباً عن تقديره لدعوات عمان في المحافل الدولية للتوصل إلى حل سياسي يفضي إلى استعادة أمن اليمن واستقراره.

على الصعيد الاقتصادي، تتركز الجهود الحالية على إعادة تشغيل مصافي عدن النفطية التي توقفت لعشر سنوات بسبب الحرب والتدمير، حيث أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عيدروس الزبيدي أن إعادة تشغيل المصافي واستعادة دورها الحيوي في الاقتصاد الوطني تمثل أولوية وطنية لا تحتمل التأجيل.

الملياردير اليمني الشهير الذي حظي بزيارة ملكية من العاهل الأردني عبدالله الثاني شخصيا لمصانعه في المملكة !

وفي إنجاز مهم، أعلن المدير التنفيذي لشركة مصافي عدن المهندس أحمد مسعد سعيد عن جاهزية الوحدات الصغيرة لتكرير 6000 برميل نفط يومياً كمرحلة أولى، موضحاً أن هذه الكمية تم تحقيقها بجهود ذاتية من الفنيين والمهندسين والعمال دون الحاجة لتمويل كبير، حيث اقتصرت التكلفة على شراء غلاية واحدة ومعدات بسيطة جداً.

وأشار المهندس سعيد إلى أن الطاقة الإنتاجية الكاملة للمصفاة تبلغ خمسين ألف برميل يومياً إذا تم استعادة نشاطها بالكامل، مؤكداً أن التشغيل التجريبي سيبدأ الأسبوع القادم لوحدة إنتاج الأسفلت، بينما المنتجات الحالية من المرحلة الأولى ستقتصر على النافطة والمازوت والديزل للسوق المحلي فقط.

يأتي هذا التطور الإيجابي في ظل استمرار التحديات الإنسانية الكبيرة، حيث حذرت منظمة هيومان رايتس ووتش من أن اعتقال ميليشيات والحوثيين للعديد من الموظفين الأمميين مؤخراً قد يؤدي إلى تداعيات إنسانية كارثية في اليمن الذي يعتمد غالبية سكانه على المساعدات الإنسانية.

وأفادت المنظمة بأن قوات تابعة للحوثيين داهمت في الحادي عشر من أغسطس الماضي مكاتب عدة تابعة للأمم المتحدة واعتقلت ما لا يقل عن 19 موظفاً أممياً، مشيرة إلى أن هذه الاعتقالات جاءت بعد ثلاثة أيام من شن الجيش الإسرائيلي هجمات على صنعاء، حيث استخدم الحوثيون هذه الهجمات لمحاولة تبرير تصعيد قمعهم ضد اليمنيين.

وفي الجانب الاقتصادي الإيجابي، يبرز نموذج ملهم للنجاح اليمني في الخارج، حيث قام العاهل الأردني جلالة الملك عبد الله الثاني مؤخراً بزيارة تفقدية إلى منشآت مجموعة الكبوس للتجارة والصناعة والاستثمار في مدينة الموقر الصناعية بالمملكة الأردنية الهاشمية، وهي منشآت مملوكة لرجل الأعمال والملياردير اليمني الشهير حسن الكبوس.

تساهم هذه المنشآت الصناعية في دعم الاقتصاد الأردني من خلال توفير 210 فرصة عمل، كما تصدر منتجاتها من الشاي إلى أكثر من 32 دولة حول العالم، مما يعكس قدرة رجال الأعمال اليمنيين على تحقيق النجاح والازدهار في البيئات الاستثمارية المناسبة رغم التحديات التي تواجه بلدهم الأم.

وجاءت هذه الزيارة الملكية في سياق الجهود الرسمية الأردنية لدعم المشاريع الاستثمارية ذات البعد الإقليمي والدولي، وتوفير البيئة المناسبة للمستثمرين العرب الذين اختاروا الأردن وجهة لأعمالهم، خاصة مع نقل العديد من رجال الأعمال اليمنيين لاستثماراتهم إلى دول مجاورة بسبب الأوضاع الاقتصادية في اليمن.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، التقى العليمي خلال زيارته للأردن مع السفير السعودي لدى اليمن محمد الجابر، حيث جدد شكره لجهود السعودية والتزامها بتخفيف معاناة الشعب اليمني ودعم تطلعاته في استعادة مؤسسات الدولة والأمن والاستقرار والتنمية، فيما جدد السفير الجابر استمرار دعم المملكة لمجلس القيادة الرئاسي وجهود الإصلاحات الشاملة.

وشدد الزبيدي خلال اجتماع حول مصافي عدن على أهمية تنظيم سوق المشتقات النفطية عبر حصر عمليات الاستيراد في الموانئ المرخصة فقط ومنع أي ممارسات خارج الإطار الرسمي، مما يعكس سعي الحكومة اليمنية لاستعادة السيطرة على القطاعات الحيوية وتنظيم الأنشطة الاقتصادية.

كما استعرض الزبيدي نتائج التحركات الحكومية لتأمين التمويل اللازم لتشغيل المصفاة، والوقوف أمام ما أنجزته وزارة النفط لتوفير 6000 برميل نفط يومياً لتكريرها كمرحلة أولى بالتوازي مع ترتيبات لنقل النفط الخام لتشغيل محطات الكهرباء في مدينة عدن، مما يشير إلى تكامل الجهود لمعالجة أزمتي الوقود والكهرباء المزمنتين.

وفي تطور يعكس الأوضاع المعقدة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أكد وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان اليمنية نبيل عبد الحفيظ أن هناك تواصلاً حالياً مع مسؤولي هيئات الأمم المتحدة المختلفة في مكاتبها في عدن، مطالباً بضرورة وجود تحرك حقيقي من المنظمات الدولية لحماية موظفيها.

وأشار عبد الحفيظ إلى أن العدد الإجمالي للموظفين الأمميين المختطفين لدى الميليشيات الحوثية بلغ 31 موظفاً حسب رصد الحكومة اليمنية، مؤكداً أن الحكومة أوضحت لمسؤولي الأمم المتحدة استعدادها للقيام بأي دور يمكن القيام به من أجل الحماية وإبعاد الخطر عن موظفي الأمم المتحدة والمشاركة في حملات الضغط للإفراج عن كل المختطفين.

ويأتي تفعيل مصافي عدن في إطار استراتيجية أوسع لإعادة إحياء الاقتصاد اليمني وتقليل الاعتماد على الاستيراد، حيث يمكن للمصافي عند تشغيلها بكامل طاقتها أن تلبي جزءاً كبيراً من احتياجات البلاد من المشتقات النفطية وتوفر العملة الصعبة المطلوبة لاستيراد السلع الأساسية الأخرى.

وتشير التطورات الإيجابية في قطاع النفط إلى إمكانية تحقيق تقدم تدريجي في إعادة بناء الاقتصاد اليمني رغم استمرار التحديات الأمنية والسياسية، خاصة مع توفر الإرادة السياسية والدعم الإقليمي والدولي لهذه الجهود، والاستفادة من الخبرات اليمنية المتراكمة في الخارج كما يظهر في نموذج الكبوس الناجح في الأردن.

كما تبرز أهمية الاستقرار السياسي كشرط أساسي لازدهار الاستثمارات وعودة رؤوس الأموال اليمنية للداخل، حيث يمكن للحل السياسي الشامل أن يفتح المجال أمام عودة الملايين من الدولارات التي هاجرت مع أصحابها إلى دول الجوار، مما يمكن أن يسهم بشكل كبير في عملية إعادة البناء والتنمية الاقتصادية المستدامة في اليمن.

شارك الخبر