الرئيسية / شؤون محلية / كيف تجري الأنهار عكس الطبيعة؟ السعودية تبني شبكة مياه تتفوق على النيل بـ 7500 كيلومتر
كيف تجري الأنهار عكس الطبيعة؟ السعودية تبني شبكة مياه تتفوق على النيل بـ 7500 كيلومتر

كيف تجري الأنهار عكس الطبيعة؟ السعودية تبني شبكة مياه تتفوق على النيل بـ 7500 كيلومتر

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 12 سبتمبر 2025 الساعة 02:20 صباحاً

طورت المملكة العربية السعودية شبكة مياه اصطناعية عملاقة تمتد لأكثر من 14 ألف كيلومتر، متحدية قوانين الطبيعة بطريقة مذهلة تجعل المياه تتدفق من السواحل صعوداً إلى الجبال والمناطق المرتفعة، في انقلاب مدهش لمفهوم الأنهار التقليدية التي تنساب من المرتفعات نحو المنخفضات.

تفوق هذه الشبكة الهندسية الرائدة نهر النيل بأكثر من الضعف في الطول، حيث تصل مسافاتها إلى 14,217 كيلومتراً مقابل 6,650 كيلومتراً لطول النيل التاريخي. وتبدأ رحلة هذه "الأنهار" المبتكرة من محطات تحلية المياه المنتشرة على سواحل المملكة، لتشق طريقها عبر الصحاري والجبال الوعرة وصولاً إلى أقاصي المناطق الداخلية.

Video

الإعجاز الهندسي الحقيقي يكمن في قدرة هذه الشبكة على دفع المياه المحلاة إلى ارتفاعات شاهقة تصل إلى 3000 متر فوق سطح البحر، باستخدام ضغط هائل يبلغ 90 بار. هذا الإنجاز يتطلب تقنيات ضخ فائقة التطور وأنابيب مصنوعة من مواد عالية المقاومة قادرة على تحمل هذا الضغط الاستثنائي، مما يجعل تجربة السعودية نموذجاً هندسياً يُحتذى به عالمياً.

تتصدر محطة رأس الخير على الساحل الشرقي قائمة الإنجازات التقنية الاستثنائية، فهي تعد من أضخم محطات تحلية المياه في العالم بقدرة إنتاجية تتجاوز مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً. وإلى جانب إنتاج المياه، تولد المحطة 2,400 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، مما يجعلها منشأة متكاملة تجمع بين إنتاج أهم ضروريات الحياة.

الابتكار لا يتوقف عند شبكات النقل ومحطات التحلية، بل يمتد إلى منظومة تخزين ضخمة تضم أكبر خزان للمياه العذبة في العاصمة الرياض بسعة تبلغ 3 ملايين متر مكعب. هذه السعة الهائلة تعادل ملء حوالي 9 مليارات قارورة مياه صغيرة، مما يضمن استمرارية الإمدادات المائية للملايين من السكان.

ما يجعل هذا المشروع استثنائياً هو قدرته على قلب معادلة الجغرافيا الطبيعية، فبدلاً من انتظار الأمطار النادرة أو الاعتماد على مصادر مائية محدودة، خلقت السعودية مصادرها المائية الخاصة. هذه "الأنهار" الاصطناعية تنطلق من البحر حيث تتم تحلية المياه، ثم تسافر عبر قنوات وأنابيب متطورة لتصل إلى كل بقعة في المملكة، متحدية الجاذبية والمسافات الشاسعة.

تمثل هذه الشبكة المائية العملاقة قفزة نوعية في مفهوم إدارة الموارد المائية، حيث تحول التحدي الطبيعي المتمثل في شح المياه إلى فرصة للإبداع والتميز التقني. والأهم من ذلك أنها تضع السعودية في موقع الريادة العالمية في مجال الحلول المائية المستدامة للمناطق القاحلة وشبه القاحلة.

النجاح السعودي في بناء هذه الشبكة يثبت أن التقنيات الحديثة قادرة على إعادة تشكيل الجغرافيا وتحدي قيود الطبيعة. فمن خلال الجمع بين تحلية مياه البحر والنقل المتطور والتخزين الذكي، استطاعت المملكة تحقيق الأمن المائي في بيئة صحراوية قاسية، مقدمة نموذجاً ملهماً لبقية دول العالم في التعامل مع أزمات المياه.

شارك الخبر