يحمل منفذ الطوال-حرض الحدودي وعداً حقيقياً بتحويل جذري في رحلة المعاناة اليومية لملايين اليمنيين المقيمين في المملكة العربية السعودية، حيث تشير المعطيات الميدانية إلى أن إعادة تشغيل هذا المنفذ ستختصر المسافة الشاسعة التي يقطعونها حالياً من 1500 كيلومتر إلى 200 كيلومتر فقط، وتقلص الرحلة المرهقة من ثلاثة أيام كاملة إلى ثلاث ساعات فحسب.

تتجلى المعاناة الحالية للمغتربين اليمنيين في اضطرارهم لاستخدام منفذ الوديعة كطريق وحيد للعبور الرسمي، والذي يفرض عليهم رحلة شاقة تمتد لثلاثة أيام متواصلة عبر مسافة تقدر بـ1500 كيلومتر. هذه الرحلة الطويلة تحمل معها أعباءً مالية ونفسية هائلة، حيث تتضاعف تكاليف الوقود والإقامة والطعام، فضلاً عن الإرهاق الجسدي والنفسي الذي يصاحب هذه المسافات الشاسعة. الأمر الذي يدفع كثيرين لتأجيل زياراتهم للوطن أو تقليلها إلى الحد الأدنى رغم حاجتهم الماسة لرؤية الأهل والأقارب.
يقع منفذ الطوال-حرض في موقع استراتيجي حيوي يربط منطقة جازان من الجانب السعودي بمنطقة حرض في محافظة حجة اليمنية، وقد كان يُعتبر المنفذ الأكبر والأهم بين البلدين قبل إغلاقه عام 2015 مع اندلاع الصراع وبدء عملية "عاصفة الحزم". خلال فترة تشغيله، شهد هذا المنفذ حركة مكثفة لعبور الركاب والبضائع، وأدى دوراً محورياً في تسهيل التبادل الاقتصادي والاجتماعي بين الشعبين الشقيقين.

التحول المتوقع في أوقات السفر يحمل أبعاداً تتجاوز مجرد الراحة اللوجستية ليمتد إلى تحسينات جوهرية في جودة الحياة للمغتربين اليمنيين. فالقدرة على قطع المسافة في ثلاث ساعات فقط ستمكنهم من زيارة أسرهم بشكل أكثر انتظاماً، مما يقوي الروابط الأسرية والاجتماعية التي تأثرت بشدة جراء صعوبة السفر الحالية. هذا التحسن سيكون له انعكاسات إيجابية على الصحة النفسية للمغتربين، حيث سيقلل من شعورهم المستمر بالغربة والبعد عن الوطن.
من الناحية الاقتصادية، ستؤدي إعادة تشغيل المنفذ إلى توفيرات مالية كبيرة للمسافرين الذين يضطرون حالياً لإنفاق مبالغ طائلة على الرحلات الطويلة. كما ستفتح المجال أمام تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، حيث سيصبح نقل البضائع أكثر سهولة وأقل تكلفة، مما قد يساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي في المناطق الحدودية من كلا الجانبين. هذا التطور سيخفف أيضاً من الضغط على منفذ الوديعة الذي يشهد ازدحاماً شديداً كونه المعبر الوحيد المتاح حالياً.

رغم التقارير المتداولة في الأشهر الأخيرة حول تحضيرات محتملة لإعادة فتح منفذ الطوال-حرض، يبقى الوضع الرسمي للمنفذ محاطاً بالغموض. فبينما تشير بعض التقارير غير الرسمية إلى استعدادات جارية لإعادة تشغيله خلال الأسابيع المقبلة، تؤكد مصادر أخرى عدم وجود أي إعلان رسمي من السلطات اليمنية أو السعودية بهذا الشأن حتى تاريخه. حالياً، يقتصر استخدام المنفذ على إيصال المساعدات الإنسانية، وهو ما يعكس استمرار التحديات الأمنية في المنطقة الحدودية.
تتصاعد المطالبات الشعبية والتجارية يوماً بعد يوم لإعادة فتح هذا المنفذ الحيوي، خاصة من قبل المغتربين اليمنيين الذين يعيشون حالة ترقب مستمر لأي تطورات إيجابية. هذه المطالبات لا تنبع فقط من رغبة في تسهيل السفر، بل من حاجة عميقة لإعادة ربط العلاقات الإنسانية والتجارية التي تأثرت جذرياً جراء إغلاق هذا المعبر الاستراتيجي لما يقارب العقد من الزمن، والذي كان يمثل شريان الحياة الرئيسي بين الشعبين الشقيقين.