الرئيسية / شؤون محلية / 83 دقيقة من الإبهار: السعودية تستعد لأطول خسوف كلي يحول القمر للون الدم في سبتمبر 2025
83 دقيقة من الإبهار: السعودية تستعد لأطول خسوف كلي يحول القمر للون الدم في سبتمبر 2025

83 دقيقة من الإبهار: السعودية تستعد لأطول خسوف كلي يحول القمر للون الدم في سبتمبر 2025

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 06 سبتمبر 2025 الساعة 05:45 صباحاً

تستعد المملكة العربية السعودية لشهود حدث فلكي استثنائي يوم الأحد 7 سبتمبر 2025، حيث سيحدث أطول خسوف كلي للقمر خلال السنوات الأخيرة، والذي سيستمر لمدة 83 دقيقة مذهلة من الإبهار الفلكي المطلق.

يمثل هذا الحدث الفلكي فرصة نادرة للمملكة ومنطقة الشرق الأوسط، حيث سيكون مرئياً بوضوح تام من جميع أنحاء المملكة. وتبدأ الرحلة الفلكية مع دخول القمر في منطقة شبه الظل عند الساعة 6:27 مساءً، ليشرع بعدها في تحوله التدريجي إلى اللون الأحمر الدموي المهيب.

وفقاً للدكتور زكي المصطفى، الباحث بمعهد علوم الفضاء في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، فإن هذا الخسوف يحدث عندما تصطف الشمس والأرض والقمر في خط مستقيم مثالي، مما يجعل الأرض تحجب ضوء الشمس عن القمر ويؤدي إلى تعتيمه بشكل تدريجي.

يبدأ الخسوف الجزئي في الساعة 7:27 مساءً، عندما يشرع القمر بالدخول في منطقة الظل الداخلي للأرض. وهنا تتكشف إحدى العجائب العلمية، حيث يمكن رؤية شكل ظل الأرض المقوس على سطح القمر، والذي استخدمه العلماء قديماً كدليل قاطع على كروية الأرض.

يستمر حدوث الخسوف الكلي للقمر قرابة 83 دقيقة ويُمكِن مشاهدته داخل السعودية

الساعة 8:30 مساءً تشهد بداية المرحلة الأكثر إثارة عندما يصل الخسوف إلى طوره الكلي. في هذه اللحظة المدهشة، يصبح القمر مغموراً بالكامل داخل ظل الأرض، ويبدأ لونه بالتحول إلى الأحمر القاني الذي يُعرف بـ"قمر الدم". هذا التحول اللوني المذهل ينتج عن مرور أشعة الشمس عبر الغلاف الجوي للأرض، حيث تتشتت الأشعة الزرقاء بينما تمر الأشعة الحمراء لتصل إلى القمر وتنعكس منه.

يكشف المهندس ماجد أبو زاهرة، رئيس الجمعية الفلكية في جدة، عن سر إضافي يزيد من روعة هذا الحدث. خلال الدقائق الأولى من الخسوف الكلي، يمكن رصد لون أخضر مزرق ساحر على إحدى حواف القمر باستخدام المنظار أو التلسكوب الصغير. هذا اللون الفريد ينشأ من مرور ضوء الشمس عبر طبقة الأوزون في أعلى الستراتوسفير، حيث يتم امتصاص معظم الضوء الأحمر ويُسمح بمرور الضوء الأزرق.

ما يجعل خسوف سبتمبر 2025 استثنائياً حقاً هو طول مدته الإجمالية. يشير أبو زاهرة إلى أن مدة الخسوف من البداية إلى النهاية ستبلغ 5 ساعات و27 دقيقة، وهي مدة نادرة الحدوث. بينما ستستغرق مرحلتا الخسوف الجزئي والكلي معاً 3 ساعات و29 دقيقة، تمتد فترة الخسوف الكلي وحدها لـ82 دقيقة كاملة، مما يجعلها الأطول من نوعها منذ عام 2018.

يكتسب هذا الحدث أهمية علمية بالغة تتجاوز جماله البصري. فالخسوف الكلي للقمر يوفر فرصة ذهبية للعلماء لدراسة الغلاف الجوي للأرض بدقة متناهية. لون وسطوع القمر أثناء الخسوف يسمح بجمع بيانات دقيقة عن مكونات الغلاف الجوي في طبقة الستراتوسفير، بما في ذلك الهباء الجوي والغازات والرماد البركاني.

الأبحاث العلمية كشفت عن ظاهرة مذهلة أخرى تحدث أثناء الخسوف الكلي: سطح القمر يبرد بسرعة مدهشة، حيث تنخفض حرارته بأكثر من 100 درجة مئوية في أقل من ساعة واحدة. هذا التغير الحراري السريع يساعد العلماء على دراسة الخواص الحرارية لسطح القمر وفهم تركيب التربة والصخور القمرية بدقة أكبر.

يتميز خسوف سبتمبر بتوقيته المثالي للمشاهدة من السعودية، حيث ينتهي الخسوف الكلي عند الساعة 9:53 مساءً، تليه المرحلة الثانية من الخسوف الجزئي حتى الساعة 10:56 مساءً. وتكتمل الظاهرة عند استعادة القمر كامل إضاءته تدريجياً عند الساعة 11:57 مساءً.

يحدث هذا الخسوف في توقيت مميز يقع قبل يومين من وصول القمر إلى نقطة الحضيض، وهي أقرب مسافة له من الأرض. هذا التوقيت يجعل حجم القمر الظاهري أكبر بنسبة 3.2% مقارنة بالمتوسط، مما يضفي مزيداً من الروعة على المشهد.

يحتفي فريق "منارة العُلا" بهذا الحدث من خلال تنظيم فعالية علمية خاصة مساء الأحد لرصد الخسوف. تهدف الفعالية إلى تمكين الحضور من مشاهدة هذه الظاهرة المهيبة مع تقديم شروحات مباشرة حول كيفية تكونها وأثرها العلمي، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للاطلاع على السماء باستخدام التلسكوبات المتخصصة.

من الناحية الفلكية، يؤكد الدكتور المصطفى أن "كاكست" تولي اهتماماً خاصاً برصد الظواهر الفلكية النادرة مثل هذا الخسوف، باستخدام أحدث التجهيزات سواء في المراصد الثابتة أو المتنقلة. ويضيف أن المعهد يمتلك الكوادر العلمية المؤهلة التي تعزز مكانة المملكة كمرجع وطني في هذا المجال المتخصص.

يمكن مشاهدة هذا الحدث الفلكي النادر بالعين المجردة دون الحاجة لأي وسائل حماية، على عكس خسوف القمر الشمسي الذي يتطلب نظارات مخصصة. ويعد اختيار موقع مفتوح بعيداً عن التلوث الضوئي هو الشرط الوحيد للاستمتاع بهذا العرض السماوي المجاني.

تأتي هذه الفعالية ضمن جهود "منارة العُلا" المستمرة في تعزيز الوعي الفلكي لدى المجتمع ومتابعة مختلف الظواهر الكونية، بما يسهم في ترسيخ معاني التدبر والتأمل في آيات الله وعظيم خلقه. وبعد انتهاء خسوف سبتمبر، ستكون الفرصة التالية لمشاهدة خسوف كلي مماثل في 31 ديسمبر 2028، مما يجعل حدث هذا العام فرصة لا تتكرر كثيراً لسكان المنطقة.

شارك الخبر