كشفت التحليلات الاقتصادية الأخيرة عن صدمة مالية مدوية تمثلت في فقدان الريال اليمني لنصف قيمته خلال عامين فقط، حيث تراجع من مستويات 1000-1200 ريال للدولار في عام 2023 إلى 1636 ريالاً حالياً، رغم التحسن الملحوظ الذي شهدته العملة اليمنية مؤخراً بعد انهيارها إلى مستوى 2800 ريال للدولار الواحد.
وتُظهر أحدث الريال اليمني استقراراً نسبياً في التداولات الأخيرة، حيث يتداول الدولار الأمريكي في عدن عند مستوى 1617 ريالاً للشراء و1632 ريالاً للبيع، بينما يسجل في صنعاء 535 ريالاً للشراء و540 ريالاً للبيع.

ويرصد الخبراء الاقتصاديون أن هذا التراجع الصادم في قيمة العملة اليمنية يعكس حجم الأزمة الاقتصادية العميقة التي تواجه البلاد، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى ذروة تاريخية عند 2800 ريال في يوليو الماضي قبل أن تتدخل إجراءات البنك المركزي اليمني لتحقيق تحسن نسبي أعاد السعر إلى مستوياته الحالية.
وتشير البيانات الحديثة إلى أن العملات الأجنبية تشهد تبايناً حاداً في قيمتها مقابل الريال اليمني بين المناطق المختلفة، حيث يصل الفارق بين صنعاء وعدن إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، مما يعكس تأثير الانقسام السياسي على الوضع النقدي في البلاد.
ولعل الأمر الأكثر إثارة للانتباه هو السرعة التي تحسنت بها العملة من مستوى 2800 ريال إلى 1636 ريالاً خلال أقل من أسبوع في نهاية يوليو الماضي، وهو ما يُعزى إلى حزمة إجراءات اقتصادية نفذها البنك المركزي شملت تشديد الرقابة على أسواق الصرافة وضخ سيولة دولارية في السوق المحلية. هذا التحسن المؤقت لا يغير من حقيقة الانهيار الكبير الذي شهدته العملة، حيث كان المواطن اليمني قادراً على شراء دولار واحد بـ 1000 ريال في بداية 2023، بينما يحتاج اليوم إلى 1636 ريالاً للحصول على نفس المبلغ.
وتؤكد التقارير الاقتصادية أن هذا التراجع المستمر في قيمة الريال اليمني يضع ضغوطاً هائلة على القوة الشرائية للمواطنين، خاصة مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية المستوردة التي تشكل جزءاً كبيراً من السلة الغذائية اليمنية. كما يشير مروان الظفاري في تحليله الاقتصادي إلى أن هذا التدهور يؤثر بشكل مباشر على حياة ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على التحويلات الخارجية كمصدر دخل أساسي.
وفي المقابل، تظهر المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين استقراراً نسبياً في أسعار الصرف، حيث يتداول الدولار عند حوالي 535 ريالاً، وهو ما يُعزى إلى تطبيق سياسات نقدية مختلفة وسيطرة أكبر على حركة رؤوس الأموال في تلك المناطق، مما يخلق اقتصاداً منقسماً داخل البلد الواحد ويعقد من مسارات التعافي الاقتصادي الشامل.