تشهد ثماني محافظات يمنية هذه الأيام عواصف رعدية استثنائية تُعد الأقوى منذ بداية العام الحالي، حيث تغطي السحب الكثيفة المحملة بالأمطار مساحات تعادل حجم دولة لبنان، مما يثير آمال المزارعين بانتهاء موجة الجفاف التي ضربت البلاد خلال الأسابيع الماضية.
تركزت العاصفة الرعدية بقوة في محافظة تعز، خاصة في مناطق الشمال والوسط، قبل أن تمتد أذرعها نحو ريمة وشرق المحويت وغرب العاصمة صنعاء. المشهد المهيب للسحب الرمادية الكثيفة جعل أكثر من مليون يمني يرقبون السماء بترقب شديد، حيث وصف أحد المزارعين في ريمة اللحظات الأولى قائلاً إن قصف الرعد هز الجبال قبل انتشار السحب كبساط عملاق يحجب ضوء الشمس بالكامل.
أما المحافظات المتأثرة فتشمل إضافة إلى تعز وريمة والمحويت، كلاً من الحديدة وحجة وإب وذمار ولحج، مع امتداد السحب الممطرة حتى محافظة المهرة في أقصى الشرق اليمني. هذا النشاط الجوي الواسع النطاق يحمل أهمية خاصة نظراً لموقع اليمن الجغرافي الاستراتيجي بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، حيث تساعد التضاريس الجبلية المتنوعة على تشكيل هذه الأنماط المطرية الاستثنائية.
المناطق الريفية والزراعية تعيش حالة ترقب مليئة بالأمل، فبعد أسابيع من الجفاف النسبي، تُعتبر هذه السحب الرعدية بمثابة نعمة من السماء للمزارعين الذين ينتظرون إحياء محاصيلهم الذابلة. فاطمة، ربة منزل من تعز، تسارع إلى وضع الأوعية لتجميع مياه الأمطار معتبرة أن المياه أغلى من الذهب في منطقتها، بينما يستعد المزارعون لاستغلال هذه الفرصة الذهبية لري أراضيهم المتعطشة.
غير أن هذه العواصف الرعدية الاستثنائية تحمل في طياتها مخاطر جدية تستدعي الحذر الشديد. المركز الوطني للأرصاد الجوية والإنذار المبكر أصدر تحذيرات مشددة للمواطنين من مخاطر السيول والانهيارات الأرضية في المناطق الجبلية والوديان، داعياً إلى توخي أقصى درجات الحذر والابتعاد عن مجاري السيول وعدم محاولة عبورها أثناء أو بعد سقوط الأمطار.
التأثيرات الفورية للعاصفة بدأت تظهر على أرض الواقع، حيث يواجه السائقون صعوبات جمة في الحركة خاصة على طريق تعز-صنعاء الحيوي، نتيجة تجمع المياه وانخفاض الرؤية بشكل خطير. علي، أحد السائقين المعتادين على هذا الطريق، يحذر من الانزلاقات الطينية والانهيارات الصخرية التي تهدد حركة المرور، بينما تشهد المناطق المرتفعة تكون الضباب والسحب المنخفضة مما يقلل من مستوى الرؤية الأفقية بدرجة كبيرة.
خبراء الأرصاد يشيرون إلى أن هذا النشاط الجوي يذكر بموسم الأمطار الاستثنائي الذي شهدته اليمن عام 2020، لكن مع تغطية أوسع وشدة أكبر هذه المرة. التوقعات تشير إلى استمرار هذه الحالة الجوية خلال الساعات القادمة، مع احتمالية امتدادها إلى مناطق أخرى، مما يطرح تساؤلاً مهماً حول ما إذا كنا نشهد بداية موسم مطري استثنائي قد يغير وجه اليمن الجاف، أم أن هذه مجرد هبة مؤقتة ستنتهي مع غروب الشمس.
في ظل هذه الظروف الجوية الاستثنائية، تدعو الجهات المختصة إلى رفع الجاهزية الميدانية لمواجهة أي طوارئ ناتجة عن غزارة الأمطار أو تدفق السيول، مع التأكيد على أهمية متابعة نشرات الطقس والتقارير اليومية الصادرة عن المركز الوطني للأرصاد لتجنب المخاطر المحتملة وضمان السلامة العامة للمواطنين.