يشهد الريال اليمني انهيارات تاريخياً وتراجعاً حاداً غير مسبوق مقابل العملات الأجنبية في مختلف المدن اليمنية،
ومع استمرار الانقسامات السياسية والعسكرية التي تعصف بالبلاد.
وتعكس بيانات الصرافة الجديدة في عدن ومأرب وصنعاء حالة من التباين الكبير في قيمة العملة المحلية بين المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً والمناطق التي تديرها جماعة الحوثي، مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي الذي يعاني من آثار الحرب المستمرة منذ سنوات.
الأسعار الحالية للريال اليمني في المدن الرئيسية:
تظهر أحدث البيانات المتداولة في سوق الصرافة تدهوراً واضحاً في قيمة الريال اليمني في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
فقد بلغ سعر الدولار الأمريكي في عدن مستويات قياسية جديدة،
حيث وصل سعر الشراء إلى 2431 ريالاً
والبيع عند 2455 ريالاً،
بينما سجل الريال السعودي 639 ريالاً للشراء و641 ريالاً للبيع.
وتكاد تتطابق الأسعار في مدينة مأرب،
حيث وصل سعر صرف الدولار إلى 2432 ريالاً للشراء
و2456 ريالاً للبيع،
مع تسجيل الريال السعودي مستويات بلغت 640 ريالاً للشراء و642 ريالاً للبيع.
في المقابل، يظهر تباين صارخ في مناطق سيطرة جماعة الحوثي بصنعاء، حيث استقر سعر صرف الدولار أمام الريال اليمن "القديم"، عند مستويات أقل بكثير مقارنة بالمناطق الأخرى،
وذلك بواقع 537 ريالاً للشراء و542 ريالاً للبيع،
أما الريال السعودي فقد بلغ 140.5 ريال للشراء
و141.5 ريال للبيع. هذا التفاوت الكبير يعكس انقساماً اقتصادياً حاداً تشهده البلاد،
ويؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين والقدرة الشرائية في مختلف المناطق.
العوامل المؤثرة في انهيار الريال اليمني:
يأتي هذا التدهور المستمر في قيمة العملة المحلية نتيجة لعوامل متعددة ومتداخلة، أبرزها استمرار الانقسام السياسي والعسكري في البلاد، والذي أدى إلى انقسام المؤسسات المالية وتعدد السياسات النقدية.
إذ تتبنى سلطات صنعاء سياسات اقتصادية مختلفة جذرياً عن تلك المتبعة في مناطق سيطرة الحكومة، بما في ذلك تعاملها مع العملة المحلية والأوراق النقدية المتداولة.
ووفقاً لخبراء اقتصاديين، فإن غياب احتياطيات النقد الأجنبي وتراجع الصادرات وتوقف إنتاج النفط في العديد من المناطق قد ضاعف من الضغوط على العملة المحلية.
كما تلعب الأزمة السياسية المستمرة والصراع العسكري دوراً محورياً في تعميق الأزمة الاقتصادية.
فالتدخلات الخارجية وتعليق المساعدات الدولية في بعض المناطق، إضافة إلى صعوبات تحويل الأموال دولياً وانهيار القطاعات الإنتاجية، أسهمت جميعها في خلق مناخ اقتصادي هش.
يضاف إلى ذلك المضاربة في سوق العملات وما تشهده من تقلبات حادة، وهو ما أشارت إليه تقارير صادرة عن منظمات اقتصادية دولية حول تأثير الأزمة اليمنية على استقرار العملة المحلية والوضع المعيشي للمواطنين.
التبعات الاقتصادية لانهيار الريال:
خلّف الانهيار المستمر للريال اليمني تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة على حياة المواطنين.
فمع كل تراجع في قيمة العملة، ترتفع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية التي يستورد اليمن معظمها من الخارج.
وحسب تقديرات منظمات إنسانية، فقد تضاعفت أسعار المواد الغذائية في العديد من المناطق خلال الفترة الأخيرة، وأصبحت خارج متناول شريحة واسعة من السكان.
ونتيجة لذلك، ارتفعت معدلات الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق، ووصلت مستويات انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات تنذر بمجاعة في بعض المناطق.
علاوة على ذلك، أدى الانقسام في سعر الصرف بين مختلف المناطق إلى تعطيل حركة التجارة الداخلية وتعقيد عمليات نقل البضائع بين المحافظات الشمالية والجنوبية.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن هذا الوضع أدى إلى نشوء أسواق موازية للعملات والسلع، وزيادة في عمليات المضاربة والتهريب.
هذا بالإضافة إلى تآكل القدرة الشرائية للرواتب والمدخرات بالعملة المحلية، مما فاقم من معاناة الموظفين والمتقاعدين الذين يعتمدون على دخل ثابت.
ويلفت مراقبون إلى أن هذا التدهور الاقتصادي يهدد بانهيار شامل للخدمات الأساسية في ظل عجز المؤسسات عن مواكبة الارتفاع في التكاليف التشغيلية.