الرئيسية / مال وأعمال / تراجع حاد للعملة في مناطق الشرعية: كيف تؤثر أسعار الصرف في عدن وصنعاء
تراجع حاد للعملة في مناطق الشرعية: كيف تؤثر أسعار الصرف في عدن وصنعاء

تراجع حاد للعملة في مناطق الشرعية: كيف تؤثر أسعار الصرف في عدن وصنعاء

نشر: verified icon مروان الظفاري 17 أبريل 2025 الساعة 11:15 صباحاً

يشهد اليمن هذه الأيام واحدة من أسوأ الأزمات النقدية في تاريخه الحديث، حيث سُجل هبوط قياسي جديد للريال اليمني في مناطق الشرعية. تجلت هذه الأزمة بوضوح من خلال الفارق الكبير في أسعار صرف العملات الأجنبية بين مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ومناطق سيطرة الحوثيين، مما خلق واقعاً اقتصادياً متبايناً في البلاد الواحدة. هذا التدهور المتسارع للعملة يمثل تحدياً إضافياً للاقتصاد اليمني المنهك أصلاً بسبب سنوات من الصراع والانقسام.

الوضع الاقتصادي في اليمن

يعاني الاقتصاد اليمني من تجزئة حادة تعكسها الفوارق الكبيرة في قيمة العملة المحلية بين مناطق النفوذ المختلفة. ففي حين تحافظ المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء على استقرار نسبي في قيمة الريال، تواجه المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية في عدن انهياراً متسارعاً للعملة. وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن هذا التباين يعود لاختلاف السياسات النقدية المتبعة في المنطقتين، حيث تفرض سلطات صنعاء رقابة صارمة على تداول العملات الأجنبية وتمنع التعامل بالإصدارات الجديدة من الريال اليمني، بينما تعاني مناطق الشرعية من غياب السيطرة على الأسواق النقدية ومحدودية الاحتياطي من العملات الصعبة.

وأفادت مصادر اقتصادية بأن انهيار العملة في مناطق الشرعية يأتي نتيجة لعوامل متعددة تشمل انخفاض الإيرادات الحكومية، وتراجع تحويلات المغتربين، وتوقف إنتاج وتصدير النفط والغاز، إضافة إلى الانقسامات السياسية التي أثرت سلباً على الإدارة الاقتصادية. هذا الوضع ألقى بظلاله على القدرة الشرائية للمواطن اليمني الذي بات يعاني من موجة غلاء غير مسبوقة، خاصة مع ارتباط أسعار معظم السلع الأساسية بالعملات الأجنبية. ويذكر أن الحرب المستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات قد أدت إلى تدمير البنية التحتية وانهيار القطاعات الإنتاجية، مما فاقم من حدة الأزمة الاقتصادية.

أسعار الصرف الحالية

كشفت البيانات الاقتصادية المتداولة عن فوارق صادمة في أسعار الصرف بين مناطق سيطرة الحكومة الشرعية في عدن ومناطق سيطرة الحوثيين في صنعاء. ففي صنعاء، بلغ سعر شراء الدولار الأمريكي 535 ريالاً، في حين وصل سعر البيع إلى 537 ريالاً، وبلغ سعر شراء الريال السعودي 139.8 ريالاً، وسعر البيع 140.2 ريالاً. هذه الأسعار تعكس استقراراً نسبياً مقارنة بما يحدث في مناطق أخرى من البلاد. وبحسب متعاملين في سوق الصرافة، فإن هذا الاستقرار يعود إلى الإجراءات الصارمة التي تفرضها السلطات في صنعاء على المضاربين والمتلاعبين بالعملة، إضافة إلى تحكمها بحركة تداول العملات الأجنبية.

أما في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية في عدن، فيشهد الريال اليمني انهياراً غير مسبوق، حيث بلغ سعر شراء الدولار الأمريكي 2416 ريالاً، وسعر البيع 2430 ريالاً، في حين وصل سعر شراء الريال السعودي إلى 635 ريالاً، وسعر البيع إلى 637 ريالاً. وبالتالي، أصبح الفارق بين قيمة العملة في المنطقتين يقارب خمسة أضعاف، وهو وضع غير مسبوق في تاريخ اليمن الاقتصادي. وتشير تقارير اقتصادية إلى أن هذا التراجع الحاد وصل إلى أدنى مستوياته منذ بداية الصراع، مما يضع الاقتصاد اليمني أمام تحديات جسيمة تهدد بانهيار شامل للقدرة الشرائية ودخول البلاد في مرحلة من التضخم المفرط.

تداعيات الانهيار الجديد للعملة

لقد أدى الانهيار المتسارع للريال اليمني في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية إلى تفاقم الأزمات المعيشية التي يعاني منها المواطنون. وأوضح خبراء اقتصاديون أن ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية أصبح لا يتوقف في ظل هذا التدهور غير المسبوق لقيمة العملة. فقد شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعات متتالية، مما دفع بالكثير من العائلات اليمنية إلى خفض استهلاكها من الغذاء بشكل يهدد أمنها الغذائي. كما انعكست هذه الأزمة على الخدمات الصحية والتعليمية، حيث أصبحت تكاليفها باهظة بالنسبة لشريحة واسعة من السكان.

علاوة على ذلك، تسبب الانهيار النقدي في تآكل مدخرات المواطنين وفقدان قيمتها الحقيقية، مما أدى إلى انتشار ظاهرة الادخار بالعملات الأجنبية. هذا التوجه ضاعف من حدة المضاربة على العملة المحلية وزاد من الضغط على السوق. بالإضافة إلى ذلك، أشارت تقارير إنسانية إلى تزايد معدلات الفقر والبطالة في المناطق المتضررة، خاصة مع عجز الرواتب والأجور عن مواكبة التضخم المتسارع. وتواجه المنظمات الإنسانية تحديات كبيرة في تنفيذ برامجها الإغاثية بسبب فقدان العملة المحلية لقيمتها وارتفاع تكاليف العمليات اللوجستية.

من جانب آخر، فإن استمرار هذا الانهيار يهدد بتفكك النظام المصرفي في اليمن، حيث تواجه البنوك صعوبات في تلبية طلبات السحب والتحويل، مما أدى إلى فقدان الثقة في القطاع المصرفي. ويزيد من تعقيد المشهد استمرار الانقسام في السياسات النقدية بين صنعاء وعدن، حيث يوجد نظامان نقديان مختلفان في البلد الواحد. ويرى خبراء أن غياب التنسيق بين السلطات النقدية في البلاد يؤدي إلى تفاقم الأزمة وصعوبة إيجاد حلول ناجعة لها، مصرحين بأن الوضع الاقتصادي الحالي قد يدفع البلاد نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة ما لم تتخذ إجراءات عاجلة.

يمثل الانهيار المتسارع للعملة اليمنية تحدياً وجودياً للاقتصاد اليمني ولقدرة المواطنين على الصمود في وجه الأزمات المتلاحقة. فالفجوة الكبيرة في أسعار الصرف بين مناطق الشرعية ومناطق سيطرة الحوثيين تعكس عمق الانقسام في البلاد وتأثيره على الحياة اليومية. يحتاج اليمن بشكل عاجل إلى حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والنقدية المدعومة بتوافق سياسي، إضافة إلى دعم دولي لإنعاش الاقتصاد وإيقاف التدهور المستمر للعملة. كما أن استعادة الموارد الاقتصادية الأساسية كإنتاج وتصدير النفط والغاز يمثل خطوة أساسية نحو استعادة الاستقرار النقدي والاقتصادي في بلد أنهكته سنوات من الصراع والأزمات المتتالية.

اخر تحديث: 19 أبريل 2025 الساعة 06:40 صباحاً
شارك الخبر