أعلنت الشركة العربية للأنابيب "أنابيب" عن توقيع عقد مهم مع فرع شركة كات العالمية المحدودة بقيمة تقارب 107 ملايين ريال. يمثل هذا العقد، الذي وُقّع يوم الأحد الماضي، حلقة مهمة في سلسلة الجهود المتواصلة لتطوير البنية التحتية للطاقة في المملكة، خاصة فيما يتعلق بمشروع الجافورة الاستراتيجي في مرحلته الثالثة، والذي يعد من المشاريع العملاقة التي تدعم رؤية المملكة 2030.

تفاصيل العقد والشركات المعنية

كشفت الشركة العربية للأنابيب في بيان رسمي نُشر على موقع تداول السعودي أن العقد المبرم مع شركة كات العالمية المحدودة يشمل تصنيع وتوريد أنابيب الصلب الخاصة بمشروع الجافورة في مرحلته الثالثة. وأوضحت "أنابيب" أن مدة تنفيذ العقد ستمتد لتسعة أشهر، مما يعكس حجم وأهمية الأعمال المتضمنة داخل نطاق المشروع، والتي تحتاج إلى فترة زمنية كافية لضمان تنفيذها وفق المعايير الفنية المطلوبة.

وتُعد الشركة العربية للأنابيب إحدى الشركات الرائدة في مجال صناعة أنابيب الصلب في المملكة، بينما تمثل شركة كات العالمية المحدودة شريكًا استراتيجيًا في تنفيذ المشاريع الكبرى في مجال الطاقة. وقد صرحت "أنابيب" في بيانها أنه لا توجد أطراف ذات علاقة في هذه الصفقة، مما يؤكد على شفافية التعاقد وفق الأنظمة واللوائح المعمول بها في السوق السعودي.

أهمية المشروع وتأثيره على القطاع

يأتي هذا العقد في إطار الجهود المتواصلة لتطوير مشروع الجافورة، الذي يعتبر أحد أهم المشاريع الاستراتيجية في قطاع الطاقة السعودي. وتكمن أهمية هذا المشروع في كونه يمثل استثمارًا ضخمًا في مجال الغاز الطبيعي، حيث يقع حقل الجافورة في المنطقة الشرقية من المملكة ويحتوي على احتياطيات ضخمة من الغاز غير التقليدي. ومن المتوقع أن يساهم هذا المشروع في تعزيز مكانة المملكة كلاعب أساسي في سوق الغاز الطبيعي العالمي، إضافة إلى دوره في دعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة للكوادر السعودية.

ويعكس توقيع هذا العقد التزام المملكة بتنويع مصادر الطاقة وتعزيز استخدام الغاز الطبيعي، الذي يعد أنظف أنواع الوقود الأحفوري من الناحية البيئية. كما يسهم المشروع في تحقيق هدف المملكة المتمثل في زيادة نسبة الغاز في مزيج الطاقة المحلي، وخفض الاعتماد على النفط في توليد الكهرباء، مما يتماشى مع استراتيجيات الاستدامة وكفاءة الطاقة. وحسب تقديرات الخبراء في مجال الطاقة، فإن تطوير حقل الجافورة سيكون له تأثير إيجابي على البصمة الكربونية للمملكة على المدى الطويل.

علاوة على ذلك، يُظهر هذا التعاون بين شركة محلية وشركة عالمية نجاح استراتيجية المملكة في تشجيع الشراكات الدولية في قطاع الطاقة، وقدرة الشركات السعودية على المنافسة والمشاركة الفعالة في تنفيذ المشاريع الكبرى. وفي هذا السياق، يشير مراقبون اقتصاديون إلى أن هذه الشراكات تسهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا إلى السوق المحلي، وتعزز من القدرات التصنيعية للشركات الوطنية في مجالات الطاقة المتنوعة، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على تحقيق أهداف المحتوى المحلي ضمن رؤية 2030.

التوقعات المالية والزمنية للمشروع

وفقًا للبيان الصادر عن الشركة العربية للأنابيب، فإن الأثر المالي لهذا العقد سينعكس على النتائج المالية للشركة خلال الربعين الثالث والرابع من عام 2025. ويُظهر هذا التوقيت أن تنفيذ العقد وتسليم المنتجات سيستغرق فترة زمنية تمتد عبر الأشهر القادمة، قبل أن تبدأ الشركة في تحقيق عوائد مالية من هذه الصفقة. ويتوقع محللون ماليون أن يسهم هذا العقد في تعزيز الأداء المالي للشركة، نظرًا لقيمته الكبيرة التي تُقدر بحوالي 107 ملايين ريال، والتي تمثل رافدًا مهمًا لإيرادات الشركة.

وتجدر الإشارة إلى أن مشروع الجافورة يتم تنفيذه على مراحل متعددة، وتُعد المرحلة الثالثة التي يرتبط بها هذا العقد خطوة متقدمة في مسار تطوير الحقل. وبحسب تصريحات سابقة لمسؤولين في قطاع الطاقة السعودي، فإن الإنتاج التجاري من حقل الجافورة قد يبدأ خلال السنوات القليلة المقبلة، مما يعني أن توريد أنابيب الصلب ضمن هذا العقد يأتي في إطار الاستعدادات النهائية للبدء في استغلال احتياطيات الغاز في الحقل. كما يشير خبراء الصناعة إلى أن استخدام أنابيب الصلب ذات المواصفات الخاصة في مثل هذه المشاريع يعكس التزام المملكة بتطبيق أعلى معايير السلامة والجودة في مشاريع الطاقة الاستراتيجية.

يشكل التحالف بين الشركة العربية للأنابيب وشركة كات العالمية نموذجًا للشراكات الاستراتيجية التي تدعم تطوير قطاع الطاقة في المملكة العربية السعودية. ومع استمرار تنفيذ المشاريع الكبرى مثل مشروع الجافورة، تتعزز مكانة المملكة كلاعب أساسي في سوق الطاقة العالمي، وتفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والتطوير في هذا القطاع الحيوي. ويبقى الرهان على نجاح هذه المشاريع في تحقيق التنوع الاقتصادي المنشود وخلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، مما يدعم مسيرة المملكة نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا.