تتصاعد أزمة المخابز والأفران في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بوتيرة متسارعة، حيث يقف أصحاب هذه المؤسسات الحيوية على حافة الانهيار الاقتصادي نتيجة موجة غير مسبوقة من ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وفي أحياء المدينة التي تعتمد بشكل أساسي على "الروتي" كجزء لا يتجزأ من وجباتها اليومية، تلوح في الأفق أزمة غذائية قد تضرب الملايين من السكان.
وأطلق أصحاب المخابز نداء استغاثة للجهات المعنية، محذرين من أن الوضع أصبح لا يطاق، وأن حلاً عاجلاً أصبح ضرورة قصوى لإنقاذ هذا القطاع المهم قبل أن يتلاشى تماماً.
التحديات التي تواجه مالكي المخابز والأفران:
يقف مالكو المخابز والأفران في عدن أمام معادلة صعبة جعلت استمرارهم في العمل مسألة غير مجدية اقتصادياً.
فمع الانهيار المستمر للعملة المحلية، أصبحوا يتحملون تكاليف مضاعفة لشراء المواد الأساسية اللازمة لإنتاج الروتي، من الدقيق والزيت والخميرة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود والإيجارات والمرافق الخدمية.
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن عدداً من المخابز أغلقت أبوابها بالفعل، بينما يكافح البقية للصمود وسط استحالة التحكم في أسعار البيع التي لا تتناسب مع تكاليف الإنتاج الحالية،
مما يضع هؤلاء المستثمرين بين خيارين: إما البيع بخسارة، أو الإغلاق النهائي وخسارة مصدر رزقهم.
جهود جمعية المخابز والأفران لحل الأزمة:
في خضم هذه الأزمة المتفاقمة، تقود جمعية المخابز والأفران في عدن حملة متعددة المسارات لإنقاذ القطاع.
وأوضح رئيس الجمعية، عبدالجليل عبده أحمد، أن الجمعية قدمت سلسلة من المذكرات للمسؤولين المحليين تتضمن مطالب واضحة لمراجعة آليات التسعير ودعم المواد الأولية اللازمة للإنتاج.
كما بدأت الجمعية مفاوضات مع الجهات المعنية بهدف التوصل إلى حلول عملية تحمي مصالح جميع الأطراف - المستهلكين والمنتجين على حد سواء.
وبحسب مصادر مطلعة، تبحث الجمعية أيضاً عن آليات تضمن استدامة عمل المخابز على المدى الطويل، وعدم ترك القطاع عرضة لتقلبات السوق المستمرة.
المخاطر المحتملة في حال عدم التدخل
تتجاوز مخاطر الأزمة الحالية حدود الخسائر الاقتصادية لأصحاب المخابز لتمس الأمن الغذائي لشرائح واسعة من سكان عدن.
فمادة "الروتي" ليست مجرد سلعة تكميلية، بل تمثل عنصراً أساسياً في النظام الغذائي اليومي للكثير من العائلات، خاصة ذوي الدخل المحدود.
ويحذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار إغلاق المخابز سيخلق فجوة غذائية كبيرة يصعب تعويضها، وقد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية في مدينة تعاني أصلاً من تحديات معيشية متعددة.
وفضلاً عن ذلك، يمكن أن يتسبب الوضع في فقدان مئات العاملين لوظائفهم، مما يضاعف من الأعباء الاقتصادية على المجتمع المحلي في ظل ارتفاع معدلات البطالة.
يعكس الوضع الحرج الذي تمر به مخابز عدن صورة مصغرة للتحديات الاقتصادية التي تواجه القطاعات الإنتاجية في اليمن.
ويبقى التساؤل قائماً حول قدرة السلطات المحلية على الاستجابة السريعة لهذه الأزمة قبل أن تتحول إلى كارثة غذائية تهدد استقرار المدينة.
إن إنقاذ صناعة الروتي ليس مجرد دعم لقطاع اقتصادي، بل هو حماية للأمن الغذائي وتخفيف للمعاناة اليومية التي يعيشها المواطن العدني في ظل ظروف معيشية قاسية تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.