من المنتظر أن تنهال مليارات الدولارات على اليمن في صورة معونات، لذا تدعو الوكالات الإنسانية إلى مزيد من الشفافية في تخصيص تلك الأموال، محذرةً من أن الأموال المخصصة للوضع الإنساني المزري في البلاد لا تبدو كافية.
وفي اجتماع لما يسمى تجمع أصدقاء اليمن في نيويورك مؤخراً، تعهد المانحون بتقديم 1.5 مليار دولار لليمن، بالإضافة إلى 6.4 مليار دولار تم التبرع بها خلال مؤتمر عقد في المملكة العربية السعودية في وقت سابق من هذا الشهر. ولكن على الرغم من كل هذه الأموال المتاحة، لا تزال نسبة تمويل نداء الأمم المتحدة لجمع الأموال لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة في اليمن أقل من 50 بالمائة. ويساوي النقص في تمويل النداء - أقل من 300 مليون دولار بقليل - أقل من 4 بالمائة من إجمالي الأموال التي تم تخصيصها في الاجتماعين، ولكن الجهات المانحة تركز على الاحتياجات السياسية والأمنية والتنموية الكلية أكثر منها على القضايا الإنسانية، كما يقول عمال الإغاثة.
من جهته، أكد بيتر رايس، منسق منتدى المنظمات الدولية غير الحكومية، الذي يمثل أكثر من 50 منظمة غير حكومية دولية في اليمن، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "هناك حاجة إلى تحقيق التوازن الصحيح. لقد تغير الوضع الإنساني كثيراً خلال عام 2011، وإذا لم يتم التصدي للاحتياجات الإنسانية الكبيرة، فستتأثر مسيرة التنمية في اليمن بشدة على المدى الطويل". فلا يعرف أكثر من نصف سكان اليمن - 12 مليون شخص - من أين ستأتي وجبة طعامهم التالية. ويعاني مليون طفل من سوء التغذية الشديد، وقد نزح أكثر من نصف مليون شخص بسبب صراعات منفصلة في شمال وجنوب البلاد. ارتفعت نسبة الفقر، وعادت الحصبة وشلل الأطفال إلى الظهور، وأكثر من 12 مليون شخص لا يحصلون على مياه الشرب الآمنة. كما أن اليمن موطن لربع مليون لاجئ.
وفي بيان مشترك صدر مؤخراً، قالت ثماني منظمات غير حكومية تعمل في اليمن: "لا يوجد أي سبب لتنفيذ استجابة إنسانية تعاني من نقص في التمويل". ويشير البعض إلى عدم جدوى برامج التنمية الطويلة الأمد في خضم الأزمات. فوفقاً لأوسان كمال، مسؤول المناصرة في المنتدى اليمني للإغاثة والتنمية (YRDF)، وهي مؤسسة خيرية مظلة، أنشأها اليمنيون المقيمون في المملكة المتحدة: "لن تستطيع أبداً أن تطور أو تثقف شخصاً عندما يكون جائعاً." ويقول البعض الآخر أن الأزمة قد تعرض العملية الانتقالية برمتها للخطر. فقد أكد إسماعيل ولد شيخ أحمد، منسق الأمم المتحدة للشؤون الانسانية في اليمن، في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية: "إذا لم نعالج ونواجه الأزمة الإنسانية والاقتصادية اليوم، لن يكون هناك استقرار سياسي."
تنفيذ الوعود
في عام 2011، أدى انعدام الأمن إلى الحد من عمل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، ولكنها وسعت نطاق عملها في جميع أنحاء البلاد هذا العام، وها هي تشكو الآن من نقص الأموال الذي يحد من نشاطها. ويقال أن دولة قطر تعهدت بتقديم 500 مليون دولار للعمل الإنساني خلال الاجتماع الذي عقد في نيويورك. وبالمثل، تعهدت الجهات المانحة في مؤتمر الرياض بتقديم 647 مليون دولار لتلبية "الاحتياجات الإنسانية العاجلة وإعادة الإعمار"، ولكن لم يحدد أي من الاجتماعين كيفية تخصيص هذه الأموال، أو ما إذا كان سيتم توجيهها من خلال الأمم المتحدة وشركائها.
وأثناء حوارها مع شبكة الأنباء الإنسانية، أشارت كوليت فيرون، مديرة منظمة أوكسفام في اليمن: "الواضح هو من تعهد بتقديم ماذا، ولكن ما هو غير واضح هو أين سيذهب هذا المال على وجه التحديد." وأضافت: "نود بشدة أن نرى تحويل هذه الأموال بشفافية حتى نعرف الغرض الذي ستخصص له ... ما هو المخصص للعمل الإنساني؟ ماذا سينفق على المدى الطويل؟ من الذين ستخصص لهم الأموال؟ من الذي سيدير المشاريع؟" قد تكون بعض هذه الأموال موجهة للمنظمات غير الحكومية في دول الخليج، مثل مؤسسة قطر الخيرية ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان الإنسانية، اللتين تعملان في اليمن دون التنسيق مع الأمم المتحدة. ولكن عمال الإغاثة يسارعون بالإشارة إلى أن الجهات المانحة وعدت بتقديم 5 مليارات دولار لليمن في عام 2006، ولكنها لم تدفع سوى أقل من 10 بالمائة من هذا المبلغ حتى عام 2010.
وقال كمال لشبكة الأنباء الإنسانية: "يبدو الوضع في الوقت الراهن وكأنه تخطيط إطاري. هذا هو شغلنا الشاغل. لدينا هذا المبلغ الهائل من المال - 7.9 مليار دولار - ولا أحد يعرف حقاً أين سيذهب. فقد اعتبر مؤتمر الرياض ناجحاً بسبب التعهدات، ولكن المهم هو الوفاء بهذه الوعود".
قدرة الحكومة
يأتي جزء من حملة تخصيص أموال المساعدات للأمم المتحدة والجهات الفاعلة غير الحكومية رداً على ضعف قدرة الحكومة الجديدة التي تشكلت في فبراير الماضي، بعد الاتفاق على نقل السلطة واستبدال الرئيس السابق علي عبد الله صالح. تقلص الإنفاق الحكومي بشكل كبير في عام 2011، بسبب الاحتجاجات المناهضة للحكومة والاشتباكات العنيفة التي دامت عاماً كاملاً. والآن، تملك وزارة التخطيط والتعاون الدولي رؤية واضحة حول كيفية إنفاق أموال المساعدات، على النحو المبين في البرنامج الانتقالي لتحقيق الاستقرار والتنمية خلال الفترة ما بين 2012 و 2014، والذي يحتوي على قسم إنساني واضح، وبرنامج استثمار المشروع.
وتقول الحكومة اليمنية أن لديها فجوة تمويلية إجمالية تبلغ نحو 11.9 مليار دولار من أصل 14.9 مليار دولار تحتاجها لتنفيذ هذه البرامج، بما في ذلك 4.7 مليار دولار مطلوبة فوراً على المدى القصير. وفي نفس الوقت، ساعدت تعهدات على مدى سنوات عديدة من جهات مانحة مختلفة في تخفيف الضغط المتمثل في الإنفاق السريع، وتعترف الحكومة بعدم قدرتها تاريخياً على استيعاب وإنفاق هذا الحجم من التمويل. ووفقاً لوثيقة أصدرتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي لتحليل قدرتها الاستيعابية، فإنه "على الرغم من التدفق الكبير للموارد الخارجية لدعم جهود التنمية في اليمن خلال السنوات القادمة، لم يتمكن هذا البلد من الاستفادة التامة من مكاسب التعاون الإنمائي."
وتسلط الوثيقة الضوء على عدة أسباب وراء هذا الوضع: ضعف النظم الإدارية والشرائية والمالية؛ عدم القدرة على اجتذاب واستبقاء الموظفين الأكفاء؛ عدم التنسيق داخل الحكومة اليمنية؛ عدم القدرة على توقع تدفقات المعونة؛ عدم توافق الجهات المانحة مع أولويات الحكومة. وما يزيد الطين بلة هي الأضرار الهيكلية التي تم تكبّدها خلال انتفاضة العام. ففي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية، قالت أبريل آلي، إحدى كبار المحللين في الفريق الدولي المعني بالأزمات: "هذا سيكون تحدياً هائلاً، فالحكومة منقسمة بشدة، والقدرات البيروقراطية البسيطة التي تملكها تعطلت لأن بعض الوزارات في حالة من الفوضى - فعلاً في حالة من الفوضى بسبب القتال السابق الذي دمر العديد من المباني، كما سرقت الحواسيب ونهبت المكاتب. ويجري حالياً تغيير وتبديل موظفي الخدمة المدنية، غالباً لأسباب سياسية. وفي ظل البيئة السياسية الحالية، من المحتمل أن تتفاقم مشاكل القدرة الاستيعابية التي كانت موجودة تحت نظام صالح ".
ووفقاً لوائل زقوت، مدير البنك الدولي في اليمن، حققت الحكومة نجاحاً معقولاً في إدارة برامج الإغاثة على نطاق ضيق، مثل الصندوق الاجتماعي للتنمية وبرنامج تحسين الوصول إلى المناطق الريفية. وأضاف أنها تعاني عند تنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبيرة، مثل الطرق الكبرى أو محطات الطاقة. ويحاول البنك الدولي مساعدة الحكومة على "ترتيب البيت من الداخل،" على حد قول زقوت، من خلال تطوير الآليات التي من شأنها الإسراع في مرحلة التصميم والعطاءات وإزالة العقبات التي تعيق التنفيذ.
الفساد
تعهدت الحكومة الجديدة أيضاً بالقضاء على الفساد والرشوة اللذين كانا شائعين في ظل النظام القديم. وللمرة الأولى، وقّعت على إطار المساءلة المتبادلة مع الجهات المانحة، الذي يضع خطة لمراقبة تنفيذ التمويل. كما التزمت بإنشاء محكمة لمكافحة الفساد ونظام لفحص التعيينات في المناصب العليا. وأضاف زقوت في تصريحه لشبكة الأنباء الإنسانية أن "لديهم استعداد للقيام بذلك، ولكنني غير متأكد مما إذا كانت لديهم القدرة على القيام بذلك. ولكن بدعم من المجتمع الدولي، والمشاركة المستمرة معهم، من المحتمل تحقيق هذا الهدف".
ويبقى البعض الآخر أكثر سخرية. ففي حديثها إلى مجموعة أشخاص في العاصمة اليمنية صنعاء لمناقشة ما إذا كانت المساعدات الخارجية مفيدة لليمن، أفادت أطياف الوزير، وهي مدونة يمنية ومستشارة تنمية: "لدينا حكومة فاسدة تفتقر إلى القدرة على التعامل مع قدر كبير من المساعدات. فقبل أن نواصل ضخ المعونة، ينبغي أن نبني قدرات الحكومة ونتأكد من أنها أكثر شفافية بحيث يصل المال فعلاً إلى الشعب الذي خصص من أجله".
دور المجتمع المدني
كان أحد الاقتراحات المطروحة بعد مؤتمر الرياض، والذي رحبت به القيادة اليمنية، هو إنشاء صندوق دولي يمكن من خلاله توجيه أموال المساعدات لمنع الفساد. وقال النشطاء أنه على المجتمع المدني اليمني أن يكون له دور أيضاً في تطوير ورصد آليات المساءلة. وهم يرغبون أيضاً في لعب دور في إيصال المعونات.
قبل أن نواصل ضخ المعونات، ينبغي أن نبني قدرات الحكومة ونتأكد من أنها أكثر شفافية بحيث يصل المال فعلاً إلى الشعب الذي خصص من أجله
وقال هاني البنا، رئيس المنتدى الإنساني، في مؤتمر عقد مؤخراً في الكويت أن الجهات المانحة تتباطأ حتى الآن في تمويل المنظمات غير الحكومية اليمنية لأنها "لا تملك القدرة على إنفاق هذه الأموال". ويهدف المنتدى الإنساني إلى تحسين الحوار بين وكالات المعونة في العالم الإسلامي ونظرائها في النظام المتعدد الأطراف. وطالب العديد من مؤيدي المجتمع المدني بتوجيه المزيد من المساعدات المتدفقة الحالية نحو تقوية حوالى 6,000 منظمة غير حكومية يمنية مسجلة، عن طريق تدريبها على المبادئ الإنسانية وقواعد السلوك وإدارة المشاريع والمحاسبة المالية والرصد والتقييم.
هذا من شأنه أن يسمح لهم بلعب دور أكبر في إيصال المساعدات، خاصة في المناطق النائية غير الآمنة التي تخضع للسيطرة القبلية، أو التي لا يمكن للجهات الحكومية أو وكالات الإغاثة الوصول إليها. وقال كمال أنه سيساهم أيضاً في تحقيق المصالحة الوطنية من خلال تمكين الناس العاديين من أن يكونوا جزءاً من عملية التحول في اليمن. وأفاد قائلاً: "نعم، هناك قلق بشأن القدرات، ولكن ... لدينا بعض المنظمات التي لديها بعض القدرات، ومع قدر ضئيل من التدريب، يمكن تقديم برامج رائعة،" مضيفاً أن "كيفية المضي قدماً هامة جداً. فقد حان الوقت الآن لتمكين اليمنيين من تقديم الاستجابة الإنسانية".
" شبكة ايرين " الانسانية
وفي اجتماع لما يسمى تجمع أصدقاء اليمن في نيويورك مؤخراً، تعهد المانحون بتقديم 1.5 مليار دولار لليمن، بالإضافة إلى 6.4 مليار دولار تم التبرع بها خلال مؤتمر عقد في المملكة العربية السعودية في وقت سابق من هذا الشهر. ولكن على الرغم من كل هذه الأموال المتاحة، لا تزال نسبة تمويل نداء الأمم المتحدة لجمع الأموال لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة في اليمن أقل من 50 بالمائة. ويساوي النقص في تمويل النداء - أقل من 300 مليون دولار بقليل - أقل من 4 بالمائة من إجمالي الأموال التي تم تخصيصها في الاجتماعين، ولكن الجهات المانحة تركز على الاحتياجات السياسية والأمنية والتنموية الكلية أكثر منها على القضايا الإنسانية، كما يقول عمال الإغاثة.
من جهته، أكد بيتر رايس، منسق منتدى المنظمات الدولية غير الحكومية، الذي يمثل أكثر من 50 منظمة غير حكومية دولية في اليمن، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "هناك حاجة إلى تحقيق التوازن الصحيح. لقد تغير الوضع الإنساني كثيراً خلال عام 2011، وإذا لم يتم التصدي للاحتياجات الإنسانية الكبيرة، فستتأثر مسيرة التنمية في اليمن بشدة على المدى الطويل". فلا يعرف أكثر من نصف سكان اليمن - 12 مليون شخص - من أين ستأتي وجبة طعامهم التالية. ويعاني مليون طفل من سوء التغذية الشديد، وقد نزح أكثر من نصف مليون شخص بسبب صراعات منفصلة في شمال وجنوب البلاد. ارتفعت نسبة الفقر، وعادت الحصبة وشلل الأطفال إلى الظهور، وأكثر من 12 مليون شخص لا يحصلون على مياه الشرب الآمنة. كما أن اليمن موطن لربع مليون لاجئ.
وفي بيان مشترك صدر مؤخراً، قالت ثماني منظمات غير حكومية تعمل في اليمن: "لا يوجد أي سبب لتنفيذ استجابة إنسانية تعاني من نقص في التمويل". ويشير البعض إلى عدم جدوى برامج التنمية الطويلة الأمد في خضم الأزمات. فوفقاً لأوسان كمال، مسؤول المناصرة في المنتدى اليمني للإغاثة والتنمية (YRDF)، وهي مؤسسة خيرية مظلة، أنشأها اليمنيون المقيمون في المملكة المتحدة: "لن تستطيع أبداً أن تطور أو تثقف شخصاً عندما يكون جائعاً." ويقول البعض الآخر أن الأزمة قد تعرض العملية الانتقالية برمتها للخطر. فقد أكد إسماعيل ولد شيخ أحمد، منسق الأمم المتحدة للشؤون الانسانية في اليمن، في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية: "إذا لم نعالج ونواجه الأزمة الإنسانية والاقتصادية اليوم، لن يكون هناك استقرار سياسي."
تنفيذ الوعود
في عام 2011، أدى انعدام الأمن إلى الحد من عمل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، ولكنها وسعت نطاق عملها في جميع أنحاء البلاد هذا العام، وها هي تشكو الآن من نقص الأموال الذي يحد من نشاطها. ويقال أن دولة قطر تعهدت بتقديم 500 مليون دولار للعمل الإنساني خلال الاجتماع الذي عقد في نيويورك. وبالمثل، تعهدت الجهات المانحة في مؤتمر الرياض بتقديم 647 مليون دولار لتلبية "الاحتياجات الإنسانية العاجلة وإعادة الإعمار"، ولكن لم يحدد أي من الاجتماعين كيفية تخصيص هذه الأموال، أو ما إذا كان سيتم توجيهها من خلال الأمم المتحدة وشركائها.
وأثناء حوارها مع شبكة الأنباء الإنسانية، أشارت كوليت فيرون، مديرة منظمة أوكسفام في اليمن: "الواضح هو من تعهد بتقديم ماذا، ولكن ما هو غير واضح هو أين سيذهب هذا المال على وجه التحديد." وأضافت: "نود بشدة أن نرى تحويل هذه الأموال بشفافية حتى نعرف الغرض الذي ستخصص له ... ما هو المخصص للعمل الإنساني؟ ماذا سينفق على المدى الطويل؟ من الذين ستخصص لهم الأموال؟ من الذي سيدير المشاريع؟" قد تكون بعض هذه الأموال موجهة للمنظمات غير الحكومية في دول الخليج، مثل مؤسسة قطر الخيرية ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان الإنسانية، اللتين تعملان في اليمن دون التنسيق مع الأمم المتحدة. ولكن عمال الإغاثة يسارعون بالإشارة إلى أن الجهات المانحة وعدت بتقديم 5 مليارات دولار لليمن في عام 2006، ولكنها لم تدفع سوى أقل من 10 بالمائة من هذا المبلغ حتى عام 2010.
وقال كمال لشبكة الأنباء الإنسانية: "يبدو الوضع في الوقت الراهن وكأنه تخطيط إطاري. هذا هو شغلنا الشاغل. لدينا هذا المبلغ الهائل من المال - 7.9 مليار دولار - ولا أحد يعرف حقاً أين سيذهب. فقد اعتبر مؤتمر الرياض ناجحاً بسبب التعهدات، ولكن المهم هو الوفاء بهذه الوعود".
قدرة الحكومة
يأتي جزء من حملة تخصيص أموال المساعدات للأمم المتحدة والجهات الفاعلة غير الحكومية رداً على ضعف قدرة الحكومة الجديدة التي تشكلت في فبراير الماضي، بعد الاتفاق على نقل السلطة واستبدال الرئيس السابق علي عبد الله صالح. تقلص الإنفاق الحكومي بشكل كبير في عام 2011، بسبب الاحتجاجات المناهضة للحكومة والاشتباكات العنيفة التي دامت عاماً كاملاً. والآن، تملك وزارة التخطيط والتعاون الدولي رؤية واضحة حول كيفية إنفاق أموال المساعدات، على النحو المبين في البرنامج الانتقالي لتحقيق الاستقرار والتنمية خلال الفترة ما بين 2012 و 2014، والذي يحتوي على قسم إنساني واضح، وبرنامج استثمار المشروع.
وتقول الحكومة اليمنية أن لديها فجوة تمويلية إجمالية تبلغ نحو 11.9 مليار دولار من أصل 14.9 مليار دولار تحتاجها لتنفيذ هذه البرامج، بما في ذلك 4.7 مليار دولار مطلوبة فوراً على المدى القصير. وفي نفس الوقت، ساعدت تعهدات على مدى سنوات عديدة من جهات مانحة مختلفة في تخفيف الضغط المتمثل في الإنفاق السريع، وتعترف الحكومة بعدم قدرتها تاريخياً على استيعاب وإنفاق هذا الحجم من التمويل. ووفقاً لوثيقة أصدرتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي لتحليل قدرتها الاستيعابية، فإنه "على الرغم من التدفق الكبير للموارد الخارجية لدعم جهود التنمية في اليمن خلال السنوات القادمة، لم يتمكن هذا البلد من الاستفادة التامة من مكاسب التعاون الإنمائي."
وتسلط الوثيقة الضوء على عدة أسباب وراء هذا الوضع: ضعف النظم الإدارية والشرائية والمالية؛ عدم القدرة على اجتذاب واستبقاء الموظفين الأكفاء؛ عدم التنسيق داخل الحكومة اليمنية؛ عدم القدرة على توقع تدفقات المعونة؛ عدم توافق الجهات المانحة مع أولويات الحكومة. وما يزيد الطين بلة هي الأضرار الهيكلية التي تم تكبّدها خلال انتفاضة العام. ففي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية، قالت أبريل آلي، إحدى كبار المحللين في الفريق الدولي المعني بالأزمات: "هذا سيكون تحدياً هائلاً، فالحكومة منقسمة بشدة، والقدرات البيروقراطية البسيطة التي تملكها تعطلت لأن بعض الوزارات في حالة من الفوضى - فعلاً في حالة من الفوضى بسبب القتال السابق الذي دمر العديد من المباني، كما سرقت الحواسيب ونهبت المكاتب. ويجري حالياً تغيير وتبديل موظفي الخدمة المدنية، غالباً لأسباب سياسية. وفي ظل البيئة السياسية الحالية، من المحتمل أن تتفاقم مشاكل القدرة الاستيعابية التي كانت موجودة تحت نظام صالح ".
ووفقاً لوائل زقوت، مدير البنك الدولي في اليمن، حققت الحكومة نجاحاً معقولاً في إدارة برامج الإغاثة على نطاق ضيق، مثل الصندوق الاجتماعي للتنمية وبرنامج تحسين الوصول إلى المناطق الريفية. وأضاف أنها تعاني عند تنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبيرة، مثل الطرق الكبرى أو محطات الطاقة. ويحاول البنك الدولي مساعدة الحكومة على "ترتيب البيت من الداخل،" على حد قول زقوت، من خلال تطوير الآليات التي من شأنها الإسراع في مرحلة التصميم والعطاءات وإزالة العقبات التي تعيق التنفيذ.
الفساد
تعهدت الحكومة الجديدة أيضاً بالقضاء على الفساد والرشوة اللذين كانا شائعين في ظل النظام القديم. وللمرة الأولى، وقّعت على إطار المساءلة المتبادلة مع الجهات المانحة، الذي يضع خطة لمراقبة تنفيذ التمويل. كما التزمت بإنشاء محكمة لمكافحة الفساد ونظام لفحص التعيينات في المناصب العليا. وأضاف زقوت في تصريحه لشبكة الأنباء الإنسانية أن "لديهم استعداد للقيام بذلك، ولكنني غير متأكد مما إذا كانت لديهم القدرة على القيام بذلك. ولكن بدعم من المجتمع الدولي، والمشاركة المستمرة معهم، من المحتمل تحقيق هذا الهدف".
ويبقى البعض الآخر أكثر سخرية. ففي حديثها إلى مجموعة أشخاص في العاصمة اليمنية صنعاء لمناقشة ما إذا كانت المساعدات الخارجية مفيدة لليمن، أفادت أطياف الوزير، وهي مدونة يمنية ومستشارة تنمية: "لدينا حكومة فاسدة تفتقر إلى القدرة على التعامل مع قدر كبير من المساعدات. فقبل أن نواصل ضخ المعونة، ينبغي أن نبني قدرات الحكومة ونتأكد من أنها أكثر شفافية بحيث يصل المال فعلاً إلى الشعب الذي خصص من أجله".
دور المجتمع المدني
كان أحد الاقتراحات المطروحة بعد مؤتمر الرياض، والذي رحبت به القيادة اليمنية، هو إنشاء صندوق دولي يمكن من خلاله توجيه أموال المساعدات لمنع الفساد. وقال النشطاء أنه على المجتمع المدني اليمني أن يكون له دور أيضاً في تطوير ورصد آليات المساءلة. وهم يرغبون أيضاً في لعب دور في إيصال المعونات.
قبل أن نواصل ضخ المعونات، ينبغي أن نبني قدرات الحكومة ونتأكد من أنها أكثر شفافية بحيث يصل المال فعلاً إلى الشعب الذي خصص من أجله
وقال هاني البنا، رئيس المنتدى الإنساني، في مؤتمر عقد مؤخراً في الكويت أن الجهات المانحة تتباطأ حتى الآن في تمويل المنظمات غير الحكومية اليمنية لأنها "لا تملك القدرة على إنفاق هذه الأموال". ويهدف المنتدى الإنساني إلى تحسين الحوار بين وكالات المعونة في العالم الإسلامي ونظرائها في النظام المتعدد الأطراف. وطالب العديد من مؤيدي المجتمع المدني بتوجيه المزيد من المساعدات المتدفقة الحالية نحو تقوية حوالى 6,000 منظمة غير حكومية يمنية مسجلة، عن طريق تدريبها على المبادئ الإنسانية وقواعد السلوك وإدارة المشاريع والمحاسبة المالية والرصد والتقييم.
هذا من شأنه أن يسمح لهم بلعب دور أكبر في إيصال المساعدات، خاصة في المناطق النائية غير الآمنة التي تخضع للسيطرة القبلية، أو التي لا يمكن للجهات الحكومية أو وكالات الإغاثة الوصول إليها. وقال كمال أنه سيساهم أيضاً في تحقيق المصالحة الوطنية من خلال تمكين الناس العاديين من أن يكونوا جزءاً من عملية التحول في اليمن. وأفاد قائلاً: "نعم، هناك قلق بشأن القدرات، ولكن ... لدينا بعض المنظمات التي لديها بعض القدرات، ومع قدر ضئيل من التدريب، يمكن تقديم برامج رائعة،" مضيفاً أن "كيفية المضي قدماً هامة جداً. فقد حان الوقت الآن لتمكين اليمنيين من تقديم الاستجابة الإنسانية".
" شبكة ايرين " الانسانية