حسب الوثائق ومواقع متخصصة في قطاع الشحن ومصادر أمنية لبنانية، كانت سفينة "الموت" متجهة من جورجيا إلى موزامبيق عام 2013 حين توقفت في بيروت، حيث تم مصادرة حمولتها المكونة من مئات الأطنان من مادة نترات الأمونيوم، دون أن تتضح أسباب هذه الخطوة التي كانت السبب في الكارثة التي ضربت العاصمة اللبنانية، الثلاثاء.
وعادت "سفينة الموت" إلى الواجهة، حين أعلنت الحكومة اللبنانية أن الانفجار الهائل الذي ضرب مرفأ بيروت، نجم عن انفجار مستودع كان يحتوي على 2750 طنا من نترات الأمونيوم، وهي الحمولة التي كانت تنقلها سفينة "روسوس".
وقالت رويترز إن موقع "شيب أريستيد. كوم"، وهو شبكة تتعامل مع الدعاوى القانونية في قطاع الشحن، ذكر في تقرير في عام 2015 أن سفينة "روسوس"، التي تبحر رافعة علم مولدوفا، رست في بيروت في سبتمبر 2013 عندما تعرضت لمشكلات فنية أثناء الإبحار من جورجيا إلى موزامبيق وهي تحمل 2750 طنا من نترات الأمونيوم.
وتفيد وثيقتان اطلعت رويترز عليهما بأن الجمارك اللبنانية طلبت من السلطة القضائية في عامي 2016 و2017 أن تطلب من "المؤسسات البحرية المعنية" إعادة تصدير أو الموافقة على بيع نترات الأمونيوم، التي نُقلت من سفينة الشحن "روسوس" وأُودعت بالعنبر رقم 12، لضمان سلامة الميناء.
وفي حين ذكرت رويترز أن "روسوس" رست في بيروت بسبب تعرضها لمشكلات فنية أثناء الإبحار ونقلت فرانس برس عن مصادر أمنية ترجيحها أن تكون السفينة مرّت على شكل ترانزيت في بيروت، ولم يكن واضحا سبب مصادرة شحنتها.
ففرانس برس تقول إن خلال توقفها، ادعت شركة لبنانية لدى قاضي الأمور المستعجلة على الشركة المالكة لها، فتمّ الحجز عليها من القضاء، ثم إفراغ حمولتها، لأنها كانت تعاني من أضرار واهتراء، وغرقت السفينة لاحقا أمام مرفأ بيروت.
أما رويترز فقد نقلت عن موقع "شيب أريستيد. كوم" قوله إن سبب مصادرة الشحنة يعود إلى أنه وبعد عملية تفتيش السفينة التي أعقبت توقفها في مرفأ بيروت، مُنعت من الإبحار، ثم تخلى عنها مالكوها بعد وقت قصير، مما دفع دائنين مختلفين للتقدم بدعاوى قانونية.
إذا لدينا روايتان، الأولى أن دعوى من شركة لبنانية، لم يتم الإفصاح عن هويتها وأسباب الدعوى، كانت سبب منع السفينة من إكمال رحلتها إلى موزمبيق، أما الرواية الثانية فتفيد بأن سبب منعها كان مشكلات فنية، والدعوى كانت بعد قرار المنع، وهو ما يثير الالتباس.
ماذا حدث بعد ذلك شحنة نترات الأمونيوم تم نخزينها في العنبر رقم 12 المخصص لتخزين البضائع العالقة والمصادرة، وفي يونيو عام 2019، بدأ جهاز أمن الدولة التحقيق في الموضوع، بعدما توالت شكاوى عن روائح منبعثة من المستودع.
وذكر الجهاز، وفق فرانس برس، في تقريره أن "هناك مواد خطرة من الضرورة نقلها"، وأن مادة سائلة من نوع نيتروغليسيرين السريعة الاشتعال كانت ترشح من المستوعب. لكن لم تتم متابعة المسألة. وأوصى جهاز أمن الدولة في تقريره الصادر نهاية 2019 بإصلاح العنبر والتشققات في جداره.
وأقدمت إدارة المرفأ الأسبوع الحالي على إرسال عمال "لتلحيم" تشققات العنبر، وهو ما رجحت تقارير أن يكون سبب وقوع الفاجعة.
بعد الانفجار، سرّب مدير عام الجمارك، بدري ضاهر، مضمون رسالة وجّهها في ديسمبر 2017 إلى قاضي الأمور المستعجلة لتحديد مصير الشحنات.
وجاء فيها إنه يكرّر طلبه إعادة تصدير أطنان نترات الأمونيوم. وأشار في رسالته أيضاً إلى إمكانية بيع المادة لشركة لبنانية بعدما قالت قيادة الجيش إنها ليست بحاجة إليها.
وقال مصدر قضائي لفرانس برس إن صلاحية القضاء اقتصرت على "النظر في قضية حجز الباخرة ومصيرها ومسألة عودتها من حيث أتت، في حين أن لا علاقة له بتخزين المواد الذي يخضع لقوانين وأصول".
وقال الصحافي الاستقصائي رياض قبيسي الذي أجرى تحقيقات عدة عن الفساد في مرفأ بيروت لفرانس برس إن الجمارك تحاول رفع المسؤولية عنها، بعدما كان يجدر بها إعلام الحكومة والمسؤولين بأمر الشحنات.
ويقول "كان يجدر مراجعة الحكومة للتواصل الدبلوماسي مع بلد المنشأ أو بلد المقصد".
ويضيف أن ما حصل يُظهر "حالة الترهل والفساد في جسم الجمارك، وهو أحد أبرز الجهات التي تتحمّل المسوؤلية، لكنه ليس المسؤول الوحيد"، متسائلا "هل تمّ التواصل مع الجهات المختصة للسؤال عن أصول حفظ هذه المواد وكيفية تخزينها؟".
وأصدرت منظمة العفو الدولية بيانا جاء فيه "أيا كان سبب الانفجار، ومنها احتمال أن يكون ناتجا عن كمية كبيرة من نترات الأمونيوم المخزنة بطريقة غير أمنة، تدعو منظمة العفو الدولية إلى وضع آلية دولية.. للتحقيق في ما حدث".