الرئيسية / تقارير وحوارات / قيادي ناصري يكشف حقائق تاريخية (من حرب أغسطس الى العلاقة بين الغشمي والحمدي وصالح)
قيادي ناصري يكشف حقائق تاريخية (من حرب أغسطس الى العلاقة بين الغشمي والحمدي وصالح)

قيادي ناصري يكشف حقائق تاريخية (من حرب أغسطس الى العلاقة بين الغشمي والحمدي وصالح)

27 أغسطس 2012 10:15 صباحا (يمن برس)
من عشية الـ26 من سبتمبر 1962م وحتى الثورة الشبابية السلمية وبينهما محطات مفصلية في تاريخ اليمن المعاصر لا يزال الغموض يكتنفها إلى اليوم.. (الجمهورية) تكشف الغطاء عن الكثير منها في حوارها مع القيادي في التنظيم الناصري المناضل حاتم أبو حاتم والذي يروي حقائق وخبايا تنشر لأول مرة ، فإلى نص الحوار

بداية حبذا  لو تعطينا نبذة مختصرة عن نشأة ونضال المهندس حاتم أبو حاتم؟
- أنا المهندس حاتم هادي أبو حاتم ولدت في منطقة نهم، وهي منطقة شبه بدوية عام 1946م، تربيت في هذه البيئة أرعى الغنم وأدرس في المكتب وكنا نتنقل فيما بين القرية ومدينة صنعاء لأن والدي «رحمه الله» كان من الخيالة، في العام 56م كان والدي مقربا من الأمير العباس الذي أعدم في 56م عقب انقلاب الثلايا المشهور  حيث سجن والدي وعدنا إلى القرية، واستطعت أن ألتحق بمدرسة الإصلاح عام 58م، في الصف الخامس، ثم انتقلت إلى المتوسطة التي هي اليوم مدرسة جميل جمال، وهناك تأثرت بأشعار الأستاذ عبدالله البردوني، وأهم ما قرأت له حينها قصيدة شهيرة ذاعت شهرتها، وهي: “لماذا لي الجوع والقصف لك.. يناشدني الحرف أن أسألك» وقد نسخت منها بيدي ما يزيد عن مائة نسخة وكنا نوزعها كمنشورات ضد الإمامة، وقد تنبأ فيها بثورة 62م التي ساهمنا فيها حسب جهودنا حيث كنا نمد الثوار بالماء والكدم، في نفس ليلة 26 سبتمبر، كنت ممن دخل دار البشائر تلك الليلة، ووجدت فيها بعضا من الكتب المتناثرة مثل كتاب «ألف ليلة وليلة» و«المستطرف» وعدة كتب، أخذتها من الدار، ومما أتذكره أني عثرت على ألف ريال “ماريا تريزا” في صرة كبيرة، فتحملتها وهي ثقيلة جدا وكان عمري طبعا لا يتعدى الست عشرة سنة، وعند خروجي من القصر لمحني أحد المواطنين فطعن هذه الصرة وتناثرت الريالات بعد ذلك منها وأخذها هو وغيرها ولم أحصل منها إلا على عشرين ريالا فقط.. في اليوم الثاني اندفعنا إلى العرضي “وزارة الدفاع حاليا” للتجنيد في قوات الحرس الوطني وفي أولى الكتائب لأنه لم يكن هناك جيش بعد الثورة، وقد تحفظ حرس السلاح على الذخائر الموجودة في المخازن إلا أن المشير عبدالله السلال رحمه الله وهو قائد الحرس الملكي وجههم بفتح المخازن وأخذ الذخائر للدفاع عن الإمام البدر، وأنقذ الثوار بهذه الطريقة، وتتالت الأحداث بعد ذلك كثيرا، المهم تدربنا حوالي أسبوعاً في العرضي ثم تم نقلنا إلى صعدة حيث اندلعت الحرب الملكية المضادة للثورة والجمهورية من صعدة، بعد يوم الثورة بعشرة أيام تقريبا، كان يقودها عبدالله بن الحسن، وكانت الحرب شرسة، وقد كان النقل بصعوبة جدا لأن الطريق كانت وعرة جدا، وكنا نحمل السيارة أكثر مما تحملنا في معظم الطريق..

من هم أبرز  رموز الملكية من أبناء صعدة حينها؟
- كثيرون أبرزهم عبدالله حامس العوجري، وكثير ولم يكن مع الجمهورية من صعدة إلا ثلاثة مشايخ فقط، هم الشيخ فيصل مناع وهو حي إلى الآن، والشيخ فايد مجلي، والشيخ حسين الصربي، هؤلاء الثلاثة كانوا في صف الجمهورية أما البقية ففي صف الملكية كلهم تقريبا، وبعد أن وصلنا صعدة تم حصارنا داخل المدينة وهي محصنة طبعا حتى وصلت القوات المصرية وفتحت الخط وأعادونا إلى صنعاء، وذهبت إلى منطقة السر في بني حشيش، وكان والدي قائدا عسكريا ضد قاسم منصر، ومع الجمهورية، وبقيت إلى جواره حتى دعيت إلى منحة دراسية إلى الاتحاد السوفيتي في سبتمبر 63م، وفي الاتحاد السوفيتي درست الثانوية والجامعية والماجستير، ذهبنا بحرا إلى مدينة أوديسا في الاتحاد السوفيتي وكانت رحلة من أغرب الرحلات التي كشفت لنا كم كنا متخلفين في ذلك الوقت، لم نعرف حتى الحمامات واستخداماتها داخل الباخرة!! لم نكن نعرف المكان  المخصص لقضاء الحاجة أصلا، كانت الباخرة عائدة من الهند وفيها “كونتيرات” كبيرة كنا نبقى إلى المساء ونذهب لقضاء الحاجة داخل هذه الكونتيرات، أو حولها، فتضرر البحارة وتعجبوا من هذا الفعل حتى عملوا حراسة لذلك، وفعلا ضبطوا أحد الإخوة وهو يهم بقضاء الحاجة في الكونتيرة داخل الباخرة، فأخبروه بالمرحاض، وطريقة التعامل معه، فرجع إلينا فرحا مستبشرا لأنه اكتشف شيئا جديدا وكأنه “كولومبوس” وعلمنا كيفية استخدام الحمامات، الثانية كانوا يعطون شربة كحساء نتناوله، فكنا نأخذ العيش ونفته فتوت داخلها، ونأكل بأيدينا طبعا فكان البحارة يستغربون منا هذا السلوك العجيب بالنسبة لهم، الأغرب من هذا أنه عندما وصلنا إلى أدويسا، أوصلونا إلى فندق ولأول مرة نرى المفارش والموكيت فخلعنا الجزمات ودخلنا الفندق وكأننا داخلين المسجد، ولم نفعل مثل الذين معنا من الإخوة الأجانب!! كنا لا نجيد اللغة الروسية وكنا نتفاهم مع الروس بالإشارة وقد بذلوا معنا جهودا جبارة في تعليمنا وتثقيفنا وأقدم هنا شكري وتقديري للاتحاد السوفيتي الذي قدم الكثير للدول النامية حينها، وكان المدرسون يدرسوننا من الصباح حتى العاشرة مساء..

ما هو تخصصك الذي اخترته آنذاك؟
- هندسة ميكانيك الطائرات. وكنت أول مهندس في اليمن حاصل على الماجستير في هذا التخصص. عدت بعدها إلى اليمن، فعملت في القوات الجوية في الحديدة من عام 70م إلى 74م حتى قامت حركة 13 يونيو فتم نقلنا من الحديدة إلى صنعاء يوم الحركة نفسها.

هل كان لك انتماء سابق للتنظيم من قبل يوم حركة 13 يونيو؟
- طبعا التحقت بالتيار على يد المرحوم مراد غالب سفير الجمهورية العربية المتحدة في روسيا وكان يهتم بكل عربي على الإطلاق داخل الاتحاد السوفيتي، ودخلت تنظيم الطليعة العربية الذي كان قوميا في طابعه ولا يفرق بين عربي وعربي آخر، كان هذا عام 65م بإشراف المرحوم علي صبري رحمه الله. وواصلت العمل التنظيمي منذ عدت عام 70م على يد المرحوم سالم السقاف وهاشم علي ومارسنا نشاطنا هنا برئاسة عيسى محمد سيف قائد التنظيم ومفكره وقد ربطتني به وبالإخوة الشهداء علاقة قوية جدا ومارسنا نشاطنا بفاعلية خاصة بعد الانقلاب الذي قاده رموز 5 نوفمبر 67م ضد المشير السلال، الذي نعتبره انقلابا على الجمهورية اليمنية، وكانت الوحدة اليمنية بين الشطرين آنذاك تحتل جزءا من أدبياتنا التنظيمية وهمومنا العامة.

هل أضر رموز 5 نوفمبر بالجمهورية ونظامها؟
- من أغرب الأشياء أولاً هو تحالف رموز البعث مع القوى التقليدية في هذا الانقلاب، وأول من قرأ البيان في حكومة 5 نوفمبر هو الأستاذ يحيى الشامي، عضو المكتب السياسي في الحزب الاشتراكي حاليا، وقد كان حينها من أنشط قيادات البعث وأوائلها هو بالمناسبة زميل الشهيد صدام حسين وتنظم في القاهرة، وبعد شهر واحد فقط من قراءته للبيان وجد نفسه في السجن الحربي من قبل القوى التقليدية وكذا الشهيد جار الله عمر الذي كان معهم وفر إلى عدن.

لنعد إلى الخلف قليلا.. ألا ترى أن نظام الجمهورية الأولى كان آيلا إلى السقوط من الداخل بفعل أخطائه الثورية التي مارسها؟
- الأخطاء كانت موجودة والحرب في اليمن شبه عالمية، وتخيل كانت إيران والسعودية والأردن في خندق واحد ضد الجمهورية ومسكنا إيرانيين في صعدة ومسكنا أردنيين وغيرهم..

 ما ذا عن الجنود أو المدربين الإسرائيليين الذين حاربوا مع الملكيين وأشارت إليهم بعض المراجع التاريخية؟
- ربما سمعت ما قاله بوب دينار أنه وصلت أسلحة بطائرات إسرائيلية وأنزلت على الملكيين بالمظلات وهو اعتراف بالدور الإسرائيلي ضد الجمهورية.. والحقيقة أننا وجدنا أردنيين ومن الممكن أن يكونوا إسرائيليين وكنا نقتلهم مباشرة ولا نحقق معهم، ولم يكن لدينا الوعي السياسي الكافي آنذاك، ووجدنا أيضا بلجيكيين وكانوا مدربين ومرتزقة..وأنا أسميها حرباً عالمية ضد الثورة اليمنية وضد الثورات العربية التي قامت حينها،وقد تحسس البعض من الغربيين وغيرهم من قيام ثورة شعبية بجوار بلاد النفط وكذا وجود الجيش المصري، ففكروا في مصالحهم وربما استفزتهم بعض التصريحات التي كان يطلقها البعض كالبيضاني الذي قال إنه سيحتل آبار النفط، فهب العالم الاستعماري والرجعي ضد الثورة اليمنية..والحقيقة أن الذي أشهد به أن المشير السلال كان من أشرف وأنبل وأطهر من حكموا اليمن بنضال وأمانة وإخلاص لا مثيل لها، ولم يبن حجرة واحدة على بيته التي بناها له البدر وهو رئيس جمهورية. ومن غنم من بيوت الإمامة هما الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والشيخ سنان أبو لحوم في البيوت القديمة في حي الأبهر بصنعاء. أما الثوار فلم يأخذوا شيئا وبقوا على حالتهم المادية الأولى.

 من وجه آخر ألا ترى أن جمهورية 5 نوفمبر التي طالما انتقدتموها قد استطاعت لملمة الشمل اليمني التي أفضت إلى المصالحة الوطنية الشهيرة عام 70م؟
- أنا أرى أن الذي حصل هو العكس، المصالحة بين الجمهوريين والملكيين معروفة وما سبقها من مخاضات وما حصل هو إزاحة للثوار الحقيقيين والسبتمبريين من السلطة مقابل إزاحة بيت حميد الدين، كلهم أزيحوا، وأنا أسميها بتعبير المشير السلال “مخضرية” لأنها مثلت انتكاسة للجمهوريين الحقيقيين وسارت الأمور من سيء إلى أسوأ حتى قامت حركة 13 يونيو بقيادة الشهيد إبراهيم الحمدي.
ـ لكن ألا ترى أن التقدميين من يساريين وناصريين وبعثيين يتحملون جزءاً كبيراً من المسئولية لأنهم القوى المدنية الوحيدة آنذاك لكنهم لم يستطيعوا أن يوحدوا جهودهم لتحقيق مشروعهم فسبقتهم القوى التقليدية؟
- هؤلاء يتحملون الوزر الأكبر، والجزء الأكبر لأنهم عاشوا مراهقة سياسية ويتطاحنون فيما بينهم البين، في 5 نوفمبر تآمروا على التيار الناصري التيار المتقدم آنذاك، وتطاحنوا فيما بعد فيما بينهم، تحكمت القوى التقليدية بدعم إقليمي حتى إنه لم يستطع بعد ذلك وإلى اليوم أن يحكم شخص في اليمن إلا بضوء أخضر من دول الجوار..

بمن في ذلك إبراهيم الحمدي طبعا؟
- بمن في ذلك إبراهيم الحمدي، نعم.

كان الرئيس الحمدي على علاقة جيدة بالشقيقة السعودية من قبل أن يكون رئيسا وعلى وفاق معهم فهل كنتم كناصريين تدركون هذه المعلومة من قبل؟
- قبل 13 يونيو لم نكن قريبين من إبراهيم الحمدي، إنما كنا نؤازره، إبراهيم الحمدي كان ضابطا بارزا في القوات المسلحة، واشتهر أكثر حين تقدم بمشروع إصلاح القوات المسلحة أثناء حكم الرئيس الإرياني، وبدأ إخواننا الشباب في القاهرة بالتواصل معه، وهم رابطة الطلبة اليمنيين بالقاهرة، وكانوا أكثر تيار معبر عن الخط الناصري، كعيسى محمد سيف وسالم السقاف، وغيرهما، وربما كان التواصل معه من العام 70م حين وضع الشهيد إبراهيم الحمدي مطالب القوات المسلحة، وقامت حركة 13 يونيو وكان على مستوى عال من الوعي حيث استطاع أن يتحاور مع مختلف القوى السياسية، ولم تستجب أي قوى لمشروعه إلا الناصريون الذي كان هو في حاجة إليهم لدعمه.
ـقبل 13 يونيو لم يكن الحمدي ناصريا؟
- لا. لم يكن ناصريا، ولم يلتزم إلا في المؤتمر الوطني الذي انعقد بمدينة الحديدة.

 طيب لو سألتك عن المعادلة الطردية التي تبنتها القوى الإقليمية  التي أتت بالقوى التقليدية بعد 5 نوفمبر وهي نفسها  التي أزاحتهم أثناء وبعد حركة 13 يونيو؟  
- هي لم تزح القوى التقليدية إنما لم تجعلها ظاهرة في الحكم، بعد 5 نوفمبر كان الظاهر شكلا أن الذي يحكم هو عبدالرحمن الإرياني، رحمه الله ،وكان رجلا عالما ووطنيا وذا بعد تاريخي وطني مشرف وناصع، ومع هذا لم يرضخ للشروط المجحفة من قبل تلك القوى ولم يكونوا راضين عنه، كان حريصا على استقلالية القرار السياسي اليمني ولذلك لم يكونوا راضين عنه، وقد صارحه بذلك الشيخ الأحمر وقال له الأشقاء لا يريدونك، وقد ذكر هذا الشيخ عبدالله في مذكراته. ورأى الأشقاء في إبراهيم الحمدي الشخص المناسب لأن له سمعته الحسنة في القوات المسلحة ولكن ليس له ظهر قبلي، وليس له حزب، فطمعوا في إدارته من عندهم على طريقتهم، وكان للشيخ عبدالله بن حسين الأحمر دور كبير في ذلك، والشيخ عبدالله من المناضلين الكبار ومن المدافعين عن الوحدة وله تاريخ جيد، وكان مقاتلا شرسا ضد الملكيين، وأذكر له موقفا شجاعا ذات مرة أنه بينما كانوا يصلون الظهر يوما في إحدى الجبهات فضربت المنطقة وهم يصلون بقذيفة هاون وفر الجميع وبقي الشيخ عبدالله لوحده يصلي حتى أكمل الصلاة، وقد كان الشيخ طبعا صديقا حميما للملكة..

 متى بدأ أول ارتباط للشيخ عبدالله بالمملكة؟
- لا أعرف هذه الحقيقة، وقد وجد فيه السعوديين الرجل الصادق في تعاملاته وكان صادقا بالفعل، إذا وعد لا يخلف، فهذا الذي جعل المملكة تتمسك به خاصة بعد إدراكهم أن الملكيين لن يعودوا إلى الحكم وأن عهدهم قد ولى، وكذا كان علي عبدالله صالح إلا أنه انقلب عليها فتآمر على المملكة مع صدام حسين ، الشيخ عبدالله لم يكن يكذب، وكان يقول الصدق، أذكر أني سألته عقب انتخابات 2006م بسبب موقفه من ابن شملان ووقوفه مع علي عبدالله صالح، فأجابني بالحرف الواحد: “الملك عبدالله هو الذي أمرني وأنا لا أستطيع أن أعمل رأسي برأس الملك عبدالله” وهذا من لسانه وفي بيته، كان رحمه الله ، رجلاً صادقاً لا يكذب، وإذا اختلف لا يتآمر بغدر مع أحد.

 إلى أي حد ساهمت المملكة في صعود الرئيس الحمدي؟
- أولا قناعتي الشخصية أنه لا يمكن أن يكون الرئيس الحمدي رئيسا ما لم تكن السعودية راضية عنه، كانت راضية عنه إلى حد كبير كوجه جديد وذي سمعة طيبة ومثقف وواع ومقبول شعبيا وليس له القوة التي يتمرد بها عليهم، فكانت السعودية والمشايخ يتوقعون أنهم سيمررون ما يريدون عن طريقه.

 هل نستطيع القول إن القوى التقليدية بعد 5 نوفمبر قد فشلت في تمرير سياسة المملكة حتى أتت على إثرها حركة 13 يونيو؟
- أعتقد أن الفشل هو من المملكة نفسها، مثلا هي تعطي مرتبات للمشايخ والمسئولين وبعض المثقفين ، هذه المبالغ لو أنها قدمتها في مساعدات للشعب اليمني لكان أجدى ولكسبت الشعب اليمني كله، لكنها خلقت بهذا الدعم مراكز قوى هذه المراكز يمكن أن تنقلب عليها إذا ما وجدت دعما أكثر من أية جهة أخرى ناهيك عن أن هذا الأسلوب حول جزءا من اليمنيين إلى مرتزقة يبحثون عن الرزق ولو على حساب الوطن، كان الأولى على السعودية أن تقف إلى جانب الحمدي  الذي كان يحمل مشروعا لبناء دولة صحيحة  لأن استقرار اليمن عامل مهم في أمن السعودية وللخليج بشكل عام، سياستهم هذه مناقضة حتى لمصالحهم هم وندعوهم لإعادة النظر في هذه السياسة، وهاهم اليوم يعانون جراء دعمهم لعلي عبدالله صالح.

 كم ظلت فترة الوفاق بين الحمدي والسعودية وكيف بدأ الخلاف يسري بينهما؟
- استمرت فترة لا بأس بها ثم بدأت تتأرجح، خاصة بعد أن بدأ إبراهيم يزيح مراكز القوى التقليدية التي كانت مسيطرة على القوات المسلحة، مثل بيت أبو لحوم ومجاهد أبو شوارب، لأنه لأول مرة يتوحد  الجيش وقد كان الجيش قبل ذلك عبارة عن جزر وإقطاعيات لشخصيات وقوى قبلية، ولم تكن وزارة الدفاع تعرف شيئا عن القوات المسلحة، فعمل على توحيد الجيش وهنا بدأ الانزعاج منه، كان إذا حصل فساد أو تمرد لا يستطيع القائد العام ولا رئيس الأركان أن يأمر وحدة من الوحدات بالخروج، بل يجمعهم جميعا وكل واحد منهم يأتي بمجموعة، لما عرفوا أن الرجل كان يريد أن يبني دولة تحسسوا من ذلك وقد زارهم في رمضان قبل وفاته وعاد غاضبا  وقد رأيت عليه علامات الغضب بعد أن قابلته عقب عودته وقد ألقى خطابا في الحديدة قبل مقتله بأسبوع وقال فيه:
 ولست أبالي حين أقتل مسلما  على أي جنب كان في الله مصرعي
بعدها بأسبوع واحد قتل.

 هل كانت ثمة علامات أو تكهنات بمقتله؟
- كثيرة.. أنا شخصيا قال لي أحد الضباط الكبار إن الحمدي ضد المشايخ وبالتالي يجب وضع حد لنهايته وقد قال لي هذا الكلام باعتباري ابن شيخ، وكان هذا الرجل صديقي، وقد أبلغت الأخ سالم السقاف وكان مدير مكتب رئاسة الدولة، كما أنذره آخرون أيضا بعضهم لا يزالون أحياء، وكان الغشمي يظهر أمامه أنه وفي معه. وكان يرى في نفسه أنه هو البديل لإبراهيم الحمدي مع أني كنت أرى أنه مجرد رئيس مؤقت في فترة انتقالية فقط، أذكر أنه أخبرني الأخ أحمد العماد الله يرحمه كان سكرتير الغشمي وجاء له  إلى المكتب لمقابلة الغشمي وكان عند الغشمي وفد آخر فجلس الهديان مننتظرا وبدأ يسأله: هل راتبك يكفيك؟ فقال له لا يكفيني لكن الفندم الغشمي ما يقصر معي، فقال له إذا تحتاج من الفلوس ما تحتاج أخبرنا فقط وسنساعدك، بعدها دخل عند الغشمي وبعد المقابلة أخبر أحمد العماد الغشمي بكل ما دار بينهما سابقا، فقال الغشمي: هااا يشتوا عملاء غيري؟!!! والله لا أقلب الطاولة على رؤوسهم. وطبعا كان الغشمي محدود الوعي والثقافة والمعرفة ومع هذا كان يعتبر نفسه الكل في الكل حتى إنه تمرد على الشيخ عبدالله وعلى سنان أبو لحوم ولم يسمح لهما بالعودة إلى صنعاء أثناء ترؤسه أبدا، وكان يستهدفهما وأنا ممن عرض علي اغتيال الشيخ سنان أبو لحوم وقد قلت هذا سابقا ورفضت، فهو كان يخاف منهم.

حتى تلك الفترة أين كان الرائد علي عبدالله صالح؟
- كان علي عبدالله صالح جزءا  من شلة الغشمي وكان مقربا منه، وكان العصا الغليظة لأحمد الغشمي، في الوقت الذي كان الغشمي العصا الغليظة لإبراهيم الحمدي، وقد تم تعيين علي عبدالله صالح قائدا للواء تعز لأنه كان ضد علي أبو لحوم، ومن العجيب أن علي عبدالله صالح ينكر أنه كان في صنعاء من أساسه يوم مقتل الحمدي، ولكني شاهدته بأم عيني في نادي الضباط بعد مقتل الحمدي بساعات،

هل تم استلام جثته من أهله؟
- لا. نقلت إلى جوار بيت عبد العزيز عبد الغني في الصافية، يقال لها بيت الظرافي، مع جثة أخيه عبدالله وطبعا شكلت لجنة برئاسة علي الشيبة رئيس الأركان حينها، وقد سمعت من الأخ أحمد العماد أن الشيبة جاء ليقابل الغشمي فقالوا له: هو مشغول، وكان الشيبة غاضبا جدا فرفع صوته خارج الغرفة وأصر على الدخول، فقال الغشمي: “قولوا له يروح له وإلا ألحقه به” فخاف الشيبة كثيرا، وراح وغلق على نفسه في بيته لمدة أربع عشرة سنة حتى مات ولم يكن يخرج أبدا.

 هل دفنوا جثتيهما معا؟
- طبعاً جاء سالمين من الجنوب وهو الذي واراه التراب بنفسه، وقد رمي الغشمي بأحذية المشيعين يومها.

 برأيك لما ذا قضية مقتله لا تزال غامضة حتى الآن على الرغم من مضي عقود عليها؟
- أعتقد أن القضية شاركت فيها المخابرات الفرنسية أيضا، تخلت عن فتاتين من مواطنيها وهذه الدول لا تسكت عن مواطنيها أبداً.

 فرنسا استلمت مقابلها خمسة ملايين دولار؟
- حتى ولو استلمت هذه مسألة أخرى، والحقيقة أن مقتله جاء أثناء اشتداد الحرب الباردة التي كانت في أبشع صورها آنذاك، وقد كان الشطران على وشك التوحد.

 هل كان الغشمي هو البديل الثابت بعد الحمدي في نظر من أنهوا الحمدي؟
- حسبما أعرف أنه كان بمثابة الرئيس الانتقالي فقط، وأنا أشك حتى الآن في مسألة مقتله بالطريقة التي أشيعت، البعض يقول إن الإنفجار وقع من الدور الأسفل، لكني لا أستطيع أن أجزم بصحتها.

كيف كانت علاقة الغشمي بعلي عبدالله صالح بعدها؟
- ما أعرفه أن الغشمي وجهنا بتعليمات بعدم السماح لعلي عبدالله صالح بالطلوع من تعز إلى صنعاء، ووجه بعدم مغادرته تعز إلا بإذن منه شخصيا، وهذا منذ صعد الغشمي إلى السلطة مباشرة..

لمن كانت التعليمات؟
- للقوات الجوية، وأنا كنت حينها نائباً لرئيس القوات الجوية. وفعلاً لم يطلع إلا بعد مقتل الغشمي، وهذا دليل على أنه هو البديل الذي يأتي راكبا الموجة بعد ذلك. وفعلا كان ذلك. وكان الشيخ عبدالله بن حسين رافضا لمسألة طلوعه فقال له أريد أن أنتقم من قتلة الغشمي فقط.

هل هذه العملية امتداد لتداعيات حرب أغسطس الشهيرة بين زملاء السلاح؟
- آه.. حرب أغسطس هذه من أقذر الحروب التي عرفتها اليمن، كانت بين القوى التقليدية وبين قوى الحداثة وإن كانت قد أخذت طابعا طائفيا أو مناطقيا، قوى الحداثة بقيادة الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب نعمان هي التي واجهت الثورة المضادة من الملكيين في الوقت الذي هرب فيه الضباط والمسئولون الكبار، فانتصر هؤلاء الشباب على القوى التقليدية من فلول الملكيين، وبعد النصر جاء هؤلاء التقليديون باحثين عن مناصبهم وقد فروا من العاصمة التي أوشكت على السقوط بأيدي الملكيين لولا هؤلاء الشباب المستنيرين، فحصل الصراع، فاستغلت الصراعات الحزبية بين البعثيين والحركيين، وكان لها تداعيات سيئة منها أن أقصي أبناء تعز وإب من الكليات العسكرية من أحداث أغسطس 68 حتى قيام حركة 13 يونيو 74م، وللأسف أن الإقليم كان دائما في صف الجانب السيء..

 ما يتعلق بالرئيس الحمدي وخلافاتكم معه من الداخل أنتم خططتم لاغتياله يوماً ما؟
- نعم. ولكن ليس بصفتنا ناصريين إنما ضباط الجوية كضباط تماما ولا علاقة لذلك بالحزبية، والسبب قائد القوات الجوية علي الشيبة،  كان سيئا بمعايير ذلك الوقت طبعا وإلا لو كان اليوم موجودا لكان ملاكا، وكان لا يضبط لسانه أثناء التعامل مع الضباط، كنا نريد أن نغيره، ولكن الحمدي زارنا ذات مرة وخطب أمامنا تكريما للقوات الجوية فقد تقرر تعيين قائدها عضوا في مجلس القيادة! وكان هذا القرار مزعجا لنا وكالصاعقة وخاصة الطيارين والمهندسين، وقد أعلن مجلس القيادة التصحيح ومحاربة الفساد، فاجتمعنا أربعة وعشرون مهندسا وطيارا وقررنا احتجاز علي الشيبة وتسليمه كفاسد، وفعلا كان ذلك واتصلت أنا بإبراهيم الحمدي وقلت له إننا احتجزنا الشيبة كونه فاسدا، فانزعج الحمدي وصرخ  هذا عضو مجلس قيادة وهذا انتقاص من هيبة الدولة، فقلت له: أنت قلت لنا نمسك الفاسدين ونقدمهم للعدالة، فقال: سأحاكمكم.. سأعدمكم .. فقلنا له: افعل ما تشاء. وشكل لجنة برئاسة عبدالله عبدالعالم وعضوية علي أبو لحوم وأحمد الغشمي، وجاءوا إلينا وأول ما طلبوا الإفراج عن الشيبة، وطلبوا  منا التصالح معه على أن يتعامل معنا باحترام فقال أحد الضباط: إما أن تقيلوه من عندنا أو ملأنا بطنه رصاص الآن، واحتد الأمر وطلبونا إلى إبراهيم الحمدي فحضرنا مع علي الشيبة وقلنا له : لا يمكن أن نقبل به أبدا مهما كان الأمر. فرد الحمدي لا يمكن أن نقيل القائد بطلب الوحدات، هذه بادرة خطيرة، وردد عبدالله عبدالعالم قائلا: المفروض أن يتم إعدامكم لأن هذا تمرد. فقلت له: انتم الذين تعدموا لأنكم انقلبتم على رئيس الدولة السابق. فقال: نحن انقلبنا حفاظا على كرامة اليمن، فقلت له: ونحن تمردنا عليه حفاظا على كرامتنا، لأن الضابط الذي لا يدافع عن كرامته لا يدافع عن كرامة الوطن. وكانوا مصرين على عدم تغييره، فقررنا أن نضرب مجلس القيادة كاملا بالصواريخ وأعددنا لذلك وكان بين الحراسة الذين معنا مخبرون ونحن لا نعرف، فعبينا طائرتين صورايخ وقلنا يضربوا ويهربوا إلى الجنوب، والشعب اليمني يختار قيادة من جديد، فعرفوا وقرروا إلقاء القبض علينا، جاءني آخر الليل محمد أبو لحوم وكان عضو مجلس قيادة حينها، إلى بيتي وكان بيتي منفردا في الحصبة وقال لي: أنت مسجون. تريدون أن تقتلوا الناس. فنفيت ذلك وقد كان مرهقا من التعب والسهر فقال لي: أنا مرهق الآن أعطني وجهك أنك تروح تسلم نفسك بالصباح للشرطة العسكرية فقلت له هذا وجهي وبالصباح أروح..  هذه العملية تماما ولا علاقة لها بالحزبية أبدا، وقد كان هذا العمل وبينهم وبين حسين المسوري صراع وكنا لا نعرفه ففسرها إبراهيم الحمدي أنها مؤامرة مع حسين المسوري مع أنه لا علاقة له بها.

جاء بعد الغشمي علي عبدالله صالح وكان الكثير لا يتوقعون بقاءه في السلطة كثيرا، لكنه كان أكبر رئيس حكم اليمن في تاريخه.. كيف تقرأ ذلك؟
- أقول لك بصراحة نحن في البداية كناصريين كنا مع طلوع  علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية وذلك قياساً إلى القاضي العرشي الذي كان رئيساً مؤقتا ًبعد الغشمي، لأنه كان من المحسوبين على القوى التقليدية برئاسة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر التي كانت مصرة عليه فاتخذنا منه موقفاً ، ورأينا في علي عبدالله صالح الأنسب من العرشي، وهو الأضعف ليسهل لنا الوصول إلى الحكم لأننا قد بدأنا العدة طبعا، أعددنا للإنقلاب من بعد مقتل الحمدي مباشرة وكانت الخطة في البداية هي عملية اغتيال فقط للرئيس الجديد، لكن تطورت الفكرة إلى انقلاب كامل، خاصة وأن القوات المسلحة معظمها معنا. كان علي عبدالله صالح الحلقة الأضعف من بين الكل، وكان البعثيون أيضا يحسبون هذا الحساب.

سألتك عن عوامل بقاء علي عبدالله صالح هذه الفترة كلها؟
- القوى التقليدية ورضوخها له، وأذكر ذلك في رسائل الشيخ عبدالله وسنان أبو لحوم اللذين لم يدخلا صنعاء إلا في عهد علي عبدالله صالح، لأن الحمدي كان قد طردهما والغشمي كان يتآمر عليهما، وقد عرض علي ذلك فرفضت، وكان مجاهد أبو شوارب أنظف القوم عقلية قال لي: قبري مفتوح، فقلت له: على بركة الله، المهم كان علي عبدالله صالح يستعطف المشايخ أنني بكم وأنكم الداعم الرئيسي لي وأنكم وأنكم.. وقد كان الداعم الرئيسي له هو الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ومن المعروف أن الشيخ إذا رضي عن أحد فالمملكة تكون راضية عنه، وقد استغل الحكم في الجنوب والخلاف معهم، إبراهيم الحمدي كان قد تفاهم مع الجنوبيين فانزعج السعوديون من ذلك لكن علي عبدالله صالح استفاد من ذلك، وكما قلت قررنا الانتقام فشكلنا لجنة عسكرية من نصار علي حسين الجرباني، وعلي الميموني وحاتم أبو حاتم، ومحمد حسن دارس، حمود عبدالجبار، عبدالله الرازقي ، محسن فلاح وعبده محمد الحكيمي وآخرين منهم ثلاثة لا يريدون أن نذكرهم ولا يزالون من المقربين لعلي عبدالله صالح، فحافظنا عليهم وعلى أسرارهم، فعملنا على استيراد أسلحة من ليبيا، وكانت القيادة برئاسة عيسى محمد سيف مصرة على أن تكون حركة بيضاء لا تسفك فيها الدماء مثل حركة إبراهيم الحمدي نفسه، كان في إصرار على عدم سفك الدماء وهذه معادلة صعبة جدا، فتمت العملية ولم تسفك إلا دماء من أصروا على عدم سفك الدماء. فتم الإعداد وتم اتخاذ القرار بإلقاء القبض على علي عبدالله صالح، وبقينا نراقبه أولاً في عهد الغشمي ثم في عهده، وكانت هناك علاقة جيدة بين عبدالسلام مقبل وعلي عبدالله صالح وكان المكلف بإبلاغنا عن مكانه، وقد عرض عليه العفو بعد المحاكمة فقال: لا ينالني إلا ما ينال أصحابي كلهم. وهذا موثق في المحكمة، وكان علي عبدالله صالح نادما على قتله بعد ذلك. وقلنا عندما يزور وحدة من الوحدات العسكرية التابعة لنا يتم إلقاء القبض عليه، أو في أماكن تواجده التي يتواجد فيها، وكنا نتردد  كثيراً على فرص كثيرة جاءتنا لكن فيها سفك دماء، مثلا قرر أحد الإخوة أن يضربه أثناء العرض العسكري على المنصة، فتم رفض الفكرة لأنه سيتم قتل آخرين معه، ولو تمت لكانت أنجح لكن القيادة رفضت لأنه سيتم قتل أناس أبرياء. وطال الأمد وقررنا أن نحسمها يوم 11 اكتوبر وهي نفس الذكرى الأولى لاغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي، وتم تحديد الموعد، وكانت القوة الضاربة هي لواء العمالقة من ذمار والاحتياطي العام من باجل واللواء الخامس من عمران وقلنا ساعة الصفر تنطلق هذه الألوية إلى صنعاء كلها، وكانت قوات المدرعات واللواء الثالث مضادة للحركة، ولكن ضاع الرئيس من مكانه ولم نعرف أين سار. وطبعا لم يكن لنا تلفونات سيارة مثل اليوم حتى نتابع، راح معسكر المخا ولم نعرف نحن وكان معه عبدالسلام مقبل إلا أنه لم يتمكن من الاتصال بنا وحصلت أول حركة فبلغته إحدى النقاط الأمنية، وهنا بدأ العد التنازلي حتى يوم 15 أكتوبر وقد حشد الشيخ عبدالله بن حسين أكثر من مائة ألف مسلح من حاشد ودخلوا صنعاء للمواجهة، فحصل الانقسام، وبالصدفة فساعة الصفر تمت وعلي عبدالله صالح عند أحد زملائنا في المعسكر إلا أن صاحبنا هذا قد بلغناه من سابق أننا أجلنا الانقلاب. ولو قمنا بالانقلاب يوم 15 لكان النصر أكيدا. المهم تمت الحركة وكان من المقرر أن يهجم على اللواء الأول مدرع “الفرقة الأولى اليوم” اللواء الخامس لكنا فقدنا عنصر المفاجأة وقضى علي محسن على حركة الثوار وقد قلت هذا وبرأته من دماء الشهداء. هو الذي واجه الانقلاب وأخمده، وقد صرح هو بذلك.

من قتل الشهداء؟
- الشهداء تمت محاكمتهم محاكمة صورية أظهروا فيها شجاعة نادرة وصفقوا حين صدر الحكم بقتلهم وقالوا: عاشت العدالة، ومن بين هؤلاء عبدالسلام مقبل الذي لو طلب العفو لعفوا عنه ، لكنه قال: لا أريد أن ينالني إلا ما ينال هؤلاء. ويقال إنهم أعدموا جماعيا تحت كلية الطيران عند بيت الرئيس الآن حفروا لهم خندقا وضربوهم بالرصاص وبعضهم دفنوه بالتراب وهم أحياء. وآخرون أيضا قتلوا. وأعرف خمسة أشخاص عذبوا وكانوا يعلقون لأيام ويعذبون حتى حصل عندهم فشل كلوي وماتوا منهم الرائد محمد المرزوقي من البيضاء وغيره.

 من تبنى عملية قتلهم بدرجة أولى آنذاك؟
- سلطة النظام السابق.

 وقد تكلمنا كثيرا عن الماضي لنتكلم عن الحاضر أسألك عن تقييمك للوضع السياسي اليوم؟
- حتى اليوم أقول تم القضاء على الاستبداد والتوريث بشكل نهائي من خلال ثورة الشعب الشبابية السلمية، وأن الشعب اليمني لن يقبل إلا بالمضي إلى الأفضل مهما كان. على الرغم من المبادرة الخليجية التي تشبه مصالحة عام 70م وكأن التاريخ يعيد نفسه بوجه آخر، إلا أن المستقبل لن يقبل إلا ما هو صحيح مع كل المحاولات التي تبذل لعرقلة مسيرة الثورة. الخطوات قد لا تكون مبشرة بصورة جيدا  ،فحكومة الوفاق نفسها التي تعتبر مناصفة بين الفساد وبين الذين لا نعرفهم حتى الآن، في منزلة بين المنزلتين.. المصريون تقدموا كثيرا ونحن لا زلنا بعيدين عن التغيير الحقيقي. مراكز القوى لا يزال صوتها مسموعا.. القضية الجنوبية لم تعالج حتى اليوم. ولا حوار إلا بإعادة المظالم الجنوبية كاملة. القضية الجنوبية مرهونة بقرار سياسي، يجب استعادة كل الأراضي والممتلكات المنهوبة في الجنوب إلى الدولة وإلى أصحابها. عندما توحدت الألمانيتان صدر قرار يحرم على أي مواطن من ألمانيا الغربية أن يشتري أراضي في ألمانيا الشرقية لمدة ثلاثين عاما، وهو شراء ما بالك بالنهب؟  تعويض المتضررين من الموظفين والعسكريين والمدنيين الجميع تعويضا عادلا ومناسبا وكذا الالتزام باتفاقية الدوحة بخصوص إعمار صعدة، يجب أن يتم الحوار بضمانات حتى لا نكرر مآسي الماضي.

 الكلمة الأخيرة مفتوحة؟
- أنصح الشباب أن يتوحدوا وأن يوجدوا رؤية موحدة وقيادة لهم في كل محافظة حتى لا ينحرف مسار الثورة. ولا ييأسوا فكل الثورات العظيمة بقيت تتأرجح لفترات طويلة حتى نجحت، هناك مؤامرة على ثورتنا من الداخل والخارج وعليهم أن يتنبهوا لها. وعلى اليمنيين أن يتسلحوا بالعلم مستقبلا حتى نبني يمنا قويا وآمنا.
شارك الخبر