الرئيسية / تقارير وحوارات / الإنترنت في اليمن .. خِدمة أم خُدعة ؟!
الإنترنت في اليمن .. خِدمة أم خُدعة ؟!

الإنترنت في اليمن .. خِدمة أم خُدعة ؟!

25 أغسطس 2012 11:01 صباحا (يمن برس)
في الكثير من بلدان العالم الثالث والأول يمثل قرار اختيار مزود الإنترنت بالنسبة للأفراد موضوعاً سهلاً قد لا يكون التحري قبل اتخاذه أمراً وارداً؛ وذلك لسبب بسيط هو أن هناك قائمة طويلة من الشركات التي تتنافس على تقديم هذه الخدمة للمستخدم بأسعار تنافسية وخدمات مميزة، وهي في الغالب أسعار رمزية، سواء كان المزود سيوصل الخدمة سلكياً أو لاسلكياً.

بل وفي بعض البلدان خدمة الإنترنت مجانية، وليس هناك أية رسوم تدفع سواء عند التوصيل أو مقابل الاستخدام، لكن الأمر مختلف تماماً لدينا، فثمة مزود واحد يحتكر الخدمة في الأرض ويفرض شروطه وأسعاره التي يراها مناسبة. فإذا ما قرر الفرد اليمني أن يحصل على خدمة النت لاسلكياً فالخيارات المتاحة له سيئة وبدائية - من خلال السرعات المتوفرة وأماكن التغطية المتاحة - وباهظة التكاليف، حتى إنه قد يصل سعر القيقا الواحد ما يقارب 1629.43 دولاراً أمريكياً.

فكيف يحصل هذا الاستغلال البشع للمواطن اليمني المسكين من قبل شركات الاتصالات وتحت وصاية وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات؟.

من الواضح جداً أن ما يدور على أرض الواقع لا يبشر بأن اليمن في طريقها لمواكبة التحولات التي صنعتها ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فمعظم الخدمات - إن لم نقل جميعها - التي تقدمها شركات الاتصالات في اليمن تعد الأسوأ بل والأغلى ثمناً - على الأقل مقارنة بدول الجوار - ومع ذلك تصر جميع شركات الاتصال الثابت والسيار على مواصلة الأداء بنفس التجهيزات والتقنيات المتأخرة كثيراً.

ولعل الترتيب الذي تحتله اليمن في ذيل قائمة الدول العربية من حيث عدد المستخدمين للإنترنت كان حصيلة تلك السياسات العقيمة والاستغلالية، فماذا ننتظر من وزارة موقعها الإلكتروني غير متاح أصلاً على الشبكة العنكبوتية؟.

قد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم أن هناك مبالغة كبيرة في سعر الإنترنت اللاسلكي الذي ذكرته في مطلع هذا المقال، بل وقد لا يصدق بأن سعر قيقا بايت من البيانات قد يصل سعره إلى هذا المبلغ الخيالي (1629.43دولاراً أمريكياً)، وقد يتصور أيضاً أن ثمة تحامل تجاه شركات الاتصالات التي تبيع هذه الخدمة هو الدافع وراء هذه المبالغة.

في الحقيقة الرقم كبير جداً وخيالي، ولكن مع هذا فاليمني يدفع هذا المبلغ فعلاً لقاء التزود بواحد قيقا بايت إنترنت من على هاتفه المحمول.
دعونا نبسط الأمر أكثر: إحدى شركات الهاتف المحمول في اليمن تبيع لعميلها 3ك.ب إنترنت بريال يمني واحد؛ أي أن سعر 1م.ب يساوي 341,33 ر.ي، وبهذا فسعر 1ق.ب يساوي 349525,33 ر.ي.

فتصور عزيزي القارئ لو أنك قررت التزود فقط بسبعة قيقا شهرياً، كم ستدفع عندها؟ الرقم كبير، ويمكن تبيع البيت “عشان” تسدد الفاتورة.

هل ترون كم من الظلم والجور يتم بحق هذا المواطن؟ وهل من العدل أن ندفع سبعة عشر ضعفاً ما يدفعه المواطن في الجارة السعودية لنفس الخدمة مع فارق كبير في الجودة بين الخدمة المقدمة في بلادنا، وتلك المقدمة في البلد الجار والفارق لصالحهم؟.

الجدير بالذكر أن المواطن في السعودية يدفع أكثر من الأمريكي بثلاثة أضعاف.

الأمر لا يختلف كثيراً عندما نتحدث عن الخدمة المقدمة عبر خطوط الهاتف الأرضي؛ فالمواطن اليمني ضحية الاستغلال، ولكن هذه المرة على يد الدولة ممثلة بوزارة الاتصالات التي تصر من خلال سياساتها على عزل المواطن اليمني وإبقائه بعيداً عن فضاء العالم الخارجي. ومما لا شك فيه أن التكلفة العالية والخدمة الرديئة كانتا سبباً رئيساً في حرمان الكثير من اليمنيين من الولوج إلى العالم الافتراضي.

أضف إلى ذلك محدودية الأماكن التي تقدم فيها خدمة الإنترنت عبر الخطوط السلكية، فمثلاً لا تقدم خدمة الإنترنت (ADSL) في كل أرجاء مدينة ذمار، حيث إن هناك أحياء في هذه المدينة الصغيرة لا يمكن توصيل هذه الخدمة فيها، شأنها في ذلك شأن المناطق الريفية المتناثرة على طول وعرض أراضي الجمهورية اليمنية.

في دردشة مع أحد الأصدقاء، وهو طالب يمني يدرس في المغرب، سألته عن خدمة الإنترنت لديهم (مدى توفر الخدمة، السرعة، الاشتراك، رسوم التوصيل، وهل سعر الخدمة مناسب؟)، فأجابني كالتالي: “يا عزيزي في المغرب الخدمة متوفرة في كل مكان وبرسوم رمزية جداً؛ فمثلاً تقدم خدمة الإنترنت السريع “أي دي أس أل” بسرعات عالية تصل إلى 20 م.ب/ث - أي عشرة أضعاف أعلى سرعة متوفرة لدينا - وبسعة تنزيل مفتوحة، باشتراك شهري لا يزيد على 99 درهماً، أي ما يعادل 2500ريال يمني تقريباً، وليس هناك أي رسوم لتوصيل هذه الخدمة، ويكفي أن يكون لديك خط هاتف أرضي فقط، فحتى المودم يقدم مجاناً.

طبعاً هناك تسهيلات تقدم لبعض شرائح المجتمع، فإذا كنت معلماً أو والدك معلماً فلن تدفع سوى 15 درهماً، أي ما يعادل ثلاثمائة وتسعين ريالاً شهرياً. أما الطالب الجامعي فليس عليه أن يدفع درهماً واحداً، ليستفيد من هذه الخدمة؛ لأن الدولة هناك تقدم هذه الخدمة مجاناً للطالب الجامعي، ومن أجل تشجيع الطالب على استخدام الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة تبنت الحكومة المغربية مشروعاً لتمكين الطالب من شراء كمبيوتره الشخصي، وهكذا فهو لا يدفع سوى 95 دولاراً فقط مقابل شراء كمبيوتر شخصي صغير تبلغ قيمته الحقيقية مبلغ 450دولاراً، (وهذه العروض جميعها ليست حكراً على الطالب المغربي فقط).

في الجزائر لا يختلف الأمر كثيراً كما أكد لي صديق آخر يدرس في هذا البلد الجار للمغرب.

قد يصاب المرء بالإحباط فعلاً إذا ما قارن ذلك بما هو الحال عليه في اليمن، فمن الواضح أن استغلالاً بشعاً في حق المواطن اليمني تمارسه الدولة - ممثلة بوزارة الاتصالات - ويمارسه أيضاً القطاع الخاص (ممثلاً بشركات الاتصالات الخاصة).

في الأخير لن أطيل على القارئ الكريم، فالحديث حول الظلم الذي يرتكب بحق اليمني الذي يستخدم الإنترنت سلكياً أو لاسلكياً لا ينتهي عند هذا الحد، ويمكن للقارئ التحقق بنفسه من خلال البحث على محرك قوقل.
شارك الخبر