الذهب الأسود أو Black Gold وهو المصطلح الذي يطلق غالباً على "النفط"، نظراً لقيمته الاقتصادية والمادية، يشكِّل في اليمن واحدة من أبرز الثروات الطبيعية الكفيلة بتغيير الوضع الاقتصادي المتدني لقرابة 30 مليون نسمة في البلاد.
ومنذ أن أشعلت جماعة الحوثي المدعومة إيرانياً، الحرب في البلاد في سبتمبر/ أيلول 2014، وتمددها في أغلب المناطق اليمنية، فيما بقي عدد من المناطق الشرقية بينها مأرب وشبوة تحت سيطرة قيادات بارزة في الدولة تنتمي إلى حزب الاصلاح، بدأت تطفو على السطح الأطماع على الثروة النفطية والغاز.
أمراء الحرب يختلفون كثيراً، لكن قواسم مشتركة عدة تجمعهم، أبرزها "المصالح المشتركة"، وهو ما جمع أقطاب الصراع الديني الشيعي والإخواني في اليمن بعد أن قام الأخير بضخ كميات كبيرة من النفط والغاز إلى خزانة الآخر، ظاهرها توفير خدمات أساسية للمواطن، وباطنها "تقاسم حصص" الثروة القومية، وهو ما كشفه ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، بحسب وثائق حصلوا عليها.
وأكد الناشطون، أن سلطان العرادة، محافظ محافظة مأرب الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية، قدم للحوثيين مشتقات نفطية وغازا منزليا بقيمة 3مليارات دولار خلال 23 شهرا.
وأوضحوا، أن "ما يتم ضخه من البنزين والديزل ومادة الغاز المنزلي إلى جماعة الحوثي بصنعاء تقدر قيمته الشهرية بـ(75) مليار ريال يمني".
مشيرين إلى أنه "من تاريخ 13 يوليو 2018م وحتى اللحظة، لم يُثبت توريد الحوثيين أي مبلغ مالي إلى أي من فروع البنك المركزي الموجودة في المناطق المحررة، أو حسابات شركتي النفط وصافر، أو أي حساب يخص وزارة المالية".
وبينما يجزم الناشطون حصولهم على وثائق حيال هذه التهم، التي يمكن أن تصبح أدلة تلف حبل مشنقة الشعب حول عنق "الحكومة والحوثيين"، نفضوا الغبار من فوق كومة فساد لكليهما.
ففي صنعاء لم يكتف الحوثيون بعدم توريد قيمة النفط والغاز إلى حساب شركة النفط في البنك المركزي، بل عملوا على رفع أسعار صفيحة البنزين والديزل إلى ثلاثة أضعاف، كذلك سعر أسطوانة الغاز المنزلي، وأما في مأرب، 173 كيلومترات شمال شرقي صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فقد حول المحافظ سلطان العرادة الثروة القومية التي تستخرج من باطن الأرض إلى ملكية خاصة بالعائلة وتنظيم جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
وبينما تسعى الحكومة اليمنية -وفق حديث وزير النفط اليمني أوس العود، اليوم الأحد، في مقابلة مع رويترز- إلى زيادة إنتاج النفط الخام بنسبة 25 بالمئة في الأشهر المقبلة، أي بواقع (75) ألف برميل يوميا، "من جميع الحقول النفطية وخاصة نفط خام مأرب ونفط خام شبوة". ما معناه بان إجمالي الصادر الحالي (300) ألف برميل يوميا، وهو ما ينفي صحة تصدير (127) ألف برميل يوميا فقط، بحسب تصريحات سابقة لمصادر حكومية.
مراقبون اعتبروا مساعي الحكومة بزيادة إنتاج النفط ليس إلا زيادة في نهب الثروة، في ظل غياب الدور الرقابي والمحاسبي، ومن المرجح أن يساعد النافذين في زيادة بسط نفوذهم واتساع رقعة استثماراتهم غير القانونية.
وفي ذات الصدد، ذكر ناشطون يمنيون بأنهم حصلوا على وثائق من شركات نفط عالمية تعمل في اليمن بينها شركات أمريكية، كشفت عن تصدير أكثر من (370) الف برميل يوميا، إلا أن الفارق يتم بيعه في السوق السوداء المحلية والدولية عبر شخصيات كبيرة في الدولة بينها "علي محسن الأحمر، وسلطان العرادة وآخرون".
الحكومة تدعم الحوثيين
وأوضحوا، بأنه تم رصد ناقلة نفط تحمل اسم "مراء"، تغادر ميناء الضبة منتصف الأسبوع الماضي، محمَّلة بنصف مليون برميل من النفط، وبقيمة تبلغ (30) مليون دولار أمريكي. وتعد ثاني ناقلة تغادر الميناء.
وقد قامت شركتا "أتلانتيك اويل، وبلاك جولد"، بشراء حمولة الناقلة "مراء" من نجل الرئيس اليمني "جلال هادي" ونائب الرئيس "علي محسن الأحمر"، دون توريد أي مبلغ من القيمة إلى حساب شركة صافر النفطية - حد قولهم.
وتبين لاحقاً بأن الشركتين مملوكتان لجماعة الحوثي وتم تسجيلهما بأسماء "محمد سلام، ويحيى العسلي،
وزياد الشرفي"، في حين أفادت المصادر التابعة لهم بأن شخصاً يدعى "محسن بدران"، وهو أحد أذرع جماعة الحوثي، قام بإيداع نصف قيمة حمولة الناقلة "مراء" لدى شركة الشارقة للصرافة في محافظة مأرب.
أين عائدات النفط؟
خبراء اقتصاديون، تساءلوا عبر "خبر" عن آلية إنفاق عائدات النفط والرقابة عليها في ظل تحول كبار قيادات الدولة إلى تجار في ثروات البر والبحر.
وأكدوا، أن "المصالح المشتركة بين نافذين كبار في الدولة ولدى مليشيا الحوثي هي السبب الأبرز في إطالة الحرب التي تحول امراؤها إلى مستثمرين بالثروة القومية"، لافتين إلى أنهم "سيبقون حجر عثرة في استعادة الدولة"، فضلا عن سعيهم وراء خلق أزمات ومعارك جانبية.