يمن برس - إسلام أون لاين
بالرغم من المآسي الإنسانية التي خلفتها في الصومال، حيث شردت قرابة مليون شخص، فإن الأمطار والفيضانات تُعَدّ بمثابة سلاح فعّال في يد الميليشيات التابعة لاتحاد المحاكم الصومالية في معاركه ضد قوات الحكومية والإثيوبية قد يساعدها على بسط كامل سيطرتها على الصومال، ويعرقل أي هجوم محتمل للقوات الإثيوبية، بحسب محللين.
وتشير المصادر نفسها إلى أن الأمطار الغزيرة التي بدأت في الهطول مع حلول الخريف، وينتظر أن تستمر حتى منتصف يناير المقبل تُعَدّ "عاملاً أساسيًّا" في قدرة المحاكم على توسيع نطاق سيطرتها وسقوط مدن إستراتيجية في قبضتها. ونجحت المحاكم في الأشهر القليلة الماضية في السيطرة على مدن "كيسمايو، وساكو، وعبد واق، ودين سور"، وتتقدم باتجاه مدن أخرى مثل "بارطيري".
وأرجع المحلل السياسي محمد جوري نجاح التوسعات الأخيرة للمحاكم الإسلامية إلى "أنها تستفيد من موسم الخريف والأمطار الغزيرة والفيضانات بتحركاتها العسكرية، حيث لا تستخدم الآليات العسكرية الثقيلة، بعكس القوات الصومالية الإثيوبية التي تتحرك بواسطة آليات ثقيلة تعيق حركتها الأمطار الغزيرة".
وأوضح أن: "قوات المحاكم تصل إلى المدن سيرًا على الأقدام وبملابس مدنية عادية مما يعطيها خفة في الحركة، فضلاً عن الدعم الذي تحظى به المحاكم من قبل الأهالي والمليشيات المحلية".
أما القوات الإثيوبية -كما يشير جوري- فتجد مشكلة كبيرة في الحركة والوصول لأهدافها؛ بسبب اعتمادها الأساسي على المعدات الثقيلة، مشيرًا إلى أن الوضع العسكري سوف يكون في صالح ميليشيات المحاكم الإسلامية، حتى انحسار موسم الأمطار في الفيضانات منتصف يناير المقبل.
وحول الأهمية الإستراتيجية لتوسعات المحاكم الأخيرة قال جوري لإسلام أون لاين: "سيطرة المحاكم الإسلامية على بعض المدن في الآونة الأخيرة مثل مدينة دين سور تُعَدّ بمثابة إحكام قبضتها على منافذ مهمة لمدينة بيدوا، وبالتالي حصارها من جهة الجنوب".
وتابع: "تفرض المحاكم الآن حصارًا من الجهتين الجنوبية والشرقية لبيدوا وتمنع وصول الإمدادات وخاصة المواد البترولية، ولم يبقَ سوى منفذ وحيد يربط المدينة بالحدود الإثيوبية من جهة الغرب".
وأوضح جوري أنه لم يبق أمام قوات المحاكم سوى السيطرة على مدينة بيدوا - مقر الحكومة الصومالية.
ونقل مراسل إسلام أون لاين عن مصادر مقربة من الحكومة الصومالية أنها تخطط بدعم من إثيوبيا؛ لاستعادة السيطرة على مدينة دين سور.
وذكر رئيس محكمة البيان الإسلامية التابعة لاتحاد المحاكم الشيخ محمد إبراهيم بلال لمحطة الإذاعية المحلية "هون أفريك" أن الأهالي في مدينة دين سور اختاروا حكم المحاكم الإسلامية ولم يكن هناك قتال وتمت سيطرت المحاكم للمدينة بهدوء.
تصاعد المواجهات في 2007
وتوقع تقرير صدر مؤخرًا عن الأمم المتحدة تصاعد المواجهة بصورة أعنف بين المحاكم والحكومة الصومالية المدعومة بقوات إثيوبية قوامها 8 آلاف جندي بعد انتهاء موسم الخريف وانحسار الفيضانات في يناير المقبل.
وفي هذا السياق يرى جوري أن "ساعة الفصل والمواجهات الدامية بين الطرفين ستقترب مع انتهاء موسم المطر، ولكنّ هناك أمورًا أخرى ستزيد من اشتعال الموقف بين الطرفين، منها المشروع الأمريكي المطروح على مجلس الأمن والذي يدعو لسماح نشر قوات إفريقية لدعم الحكومة والذي ترفضه المحاكم الإسلامية بشدة".
وفي خطوة اعتبرها مراقبون تمهيدية لما قد يسفر عنه المشروع الأمريكي صوت البرلمان الإثيوبي الخميس 30-11-2006 على قرار يدعو إلى اتخاذ كافة الخطوات اللازمة بما فيها خوض حرب مباشرة مع المحاكم الإسلامية في الصومال للحد من نفوذ المحاكم، وهو بمثابة ضوء أخضر للقيادة السياسية لشن الحرب.
وتعتبر إثيوبيا نفسها في حالة حرب مع المحاكم، وأن المحاكم تشكل تهديدًا للأمن القومي الإثيوبي، فضلاً عن اتهامها للمحاكم بإيواء عناصر إرهابية تربطها علاقة بتنظيم القاعدة.
أمريكا تغير سياساتها
ويرى مراقبون أن سياسة الولايات المتحدة حيال المحاكم الإسلامية شهدت تغيرًا جذريًّا بعد أن كانت مترددة في السابق، مشيرين إلى أنها تميل الآن لصالح الحكومة الصومالية الضعيفة، وتتهم المحاكم بإيواء عناصر من القاعدة.
ويستدل المراقبون على هذا التغير بأن واشنطن كانت تعارض في السابق نشر قوات لحفظ السلام في الصومال، لكنها تؤيد الآن هذه الخطوة بحسب مشروعها المقدم لمجلس الأمن.
وردًّا على مشروع القرار الأمريكي الداعي لنشر قوات إفريقية في الصومال عقد نائب رئيس المحاكم الإسلامية الشيخ/ عبد الرحمن محمود جنقو السبت 2-12-2006 مؤتمرًا صحفيًّا بمقر المحاكم الإسلامية في مقديشو، ندد فيه بالمشروع قائلاً: "لن نقبل القرار الأمريكي حتى لو صوَّت لصالحه مجلس الأمن".
وأضاف متوعدًا "سنقاتل بأي قوات أجنبية تأتي إلى الصومال بموجب القرار وسنعتبرها قوات محتلة".
وقال بيان صادر عن المحاكم الإسلامية: إن مشروع القرار الأمريكي بمثابة فرض للسياسات الأمريكية بقوة السلاح.
الموقف الإريتري
ومن جانبها حذرت أسمرا على لسان وزير الإعلام الإريتري علي عبدو من فوضى عارمة ستسود الصومال إذا قرر مجلس الأمن إرسال قوات سلام إفريقية لدعم الحكومة الانتقالية.
ووصف عبدو في تصريح لقناة الجزيرة القرار بأنه "كارثة وسيقود منطقة القرن الإفريقي إلى حرب إقليمية، فضلاً عن أنه محاولة لتمرير أجندة أمريكية في المنطقة".
يذكر أن إريتريا من الدول التي تقف وتؤيد المحاكم الإسلامية، فيما تنقسم دول القرن الإفريقي ما بين مؤيد للحكومة الصومالية مثل إثيوبيا وأوغندا ومؤيد المحاكم الإسلامية مثل إريتريا وجيبوتي، ودول أخرى تقف رسميًّا على الحياد مثل كينيا والسودان.