تقليص سقوف الرواتب وإنهاء عصر الإنفاق الجنوني - يشهد الدوري السعودي تحولاً جذرياً نحو الانضباط المالي بعد أن لجأت الأندية إلى تقليص سقوف الرواتب لبعض الفئات من اللاعبين، مع الإبقاء على عقود النخبة فقط، وفقاً للخبير الرياضي الدولي الدكتور محمد فضل الله.
وأوضح فضل الله أن هذا التوجه يشمل التحول من التعاقدات الجماهيرية إلى التعاقدات الوظيفية المرتبطة باحتياجات فنية محددة، فضلاً عن زيادة الاعتماد على اللاعبين المحليين والشباب بدلاً من الاستيراد المكثف للمواهب الأجنبية، معتبراً أن هذا النهج يعكس تطورًا في فلسفة إدارة الموارد البشرية الرياضية.
من الطفرة المالية إلى النضج المؤسسي
وبينما شهد عام 2023 طفرة مالية غير مسبوقة انعكست في صفقات عالمية ورواتب قياسية جذبت أنظار كرة القدم الدولية، يمثل عام 2025 نقطة تحول نحو النضج المؤسسي والاستدامة المالية، حيث انتقلت الأندية من منطق الجذب الإعلامي إلى التخطيط الاقتصادي طويل الأمد.
ويربط الخبير الرياضي هذا التحول بالاستدامة المالية بعد مرحلة التأسيس والترويج العالمي من خلال ضبط الميزانيات وتقليل الخسائر التشغيلية وربط الإنفاق بالعائد الرياضي والتجاري الفعلي، بما يتماشى مع فلسفة الاستثمار طويل الأجل بدل الإنفاق قصير الأجل الذي يحقق صدى إعلاميًا دون مردود مستدام.
نهج أكثر انضباطاً ومحمد صلاح الاستثناء
من جهته، يرى المحلل تشادويك عدم توقع تكرار سيناريو موسم 2023-2024 في المدى القريب، رغم عدم إغلاق الباب أمام صفقات كبرى، خاصة للاعبين بقيمة النجم المصري محمد صلاح، مفسراً هذا التوجه بأنه يعكس نهجاً أكثر انضباطاً وعقلانية في الاستثمار الرياضي.
ووفقاً لتشادويك، فإن التعاقد مع أي لاعب بات مشروطاً بقيمته الفنية والتسويقية وإمكانية إعادة بيعه مستقبلاً، وهو ما يدل على وعي حقيقي بأن تطوير كرة القدم على المدى الطويل عملية معقدة وتحتاج إلى وقت وصبر.
المتغيرات الاقتصادية تعزز الترشيد
وأسهمت المتغيرات الاقتصادية العالمية، وفي مقدمتها ارتفاع تكلفة التمويل، في تعزيز توجه الأندية السعودية نحو ترشيد الإنفاق عبر إعادة ترتيب الأولويات الاستثمارية والتركيز على القطاعات ذات العائد الأكثر استقراراً.
ويتوقع أن يقلص تحسين الانضباط المالي الفجوة بين الأندية الكبرى والمتوسطة، ويرفع كفاءة التخطيط الفني طويل الأمد، ويؤدي إلى تراجع فقاعة الرواتب مع ترسيخ ثقافة الأداء مقابل الأجر.
رؤية 2027... الاستثمار في المواهب المحلية
ويشير تشادويك إلى تحول واضح عن شراء النجوم الأجانب الجاهزين صوب الاستثمار في تطوير المواهب المحلية، مرجحاً أن تتضح ملامح نهج جديد بحلول عام 2027، يستهدف بناء فرق قادرة على المنافسة الفعالة بحلول عام 2034.
وأكد أن توجيه الموارد نحو الأكاديميات واكتشاف المواهب، للذكور والإناث على حد سواء، يمثل خطوة استراتيجية لتعزيز جودة المنتج الكروي على المدى الطويل، وهو ما يفسر تراجع وتيرة التعاقدات الضخمة مع النجوم العالميين لمصلحة استثمارات أكثر استدامة وأقل ضجيجاً إعلامياً.