في إنجاز تاريخي يضع المملكة العربية السعودية على خارطة التراث العالمي، نجحت رؤية 2030 في تحقيق قفزة نوعية مذهلة بمضاعفة عدد المواقع الأثرية المسجلة في منظمة اليونسكو، لترتفع من 6 مواقع إلى 12 موقعاً خلال عقد واحد فقط. هذا الإنجاز الاستثنائي يضع السعودية في المرتبة السابعة عالمياً من حيث المواقع التراثية المعترف بها دولياً، متجاوزة بذلك توقعات الخبراء الذين تنبأوا بأن تحقيق هذا الهدف سيستغرق عقدين كاملين.
وتشمل المواقع الجديدة المدرجة حديثاً مدينة الأحساء التاريخية، وجدة التاريخية، ومنطقة حمى الثقافية، إضافة إلى محمية جزر فرسان الطبيعية التي تحتوي على أكثر من 600 نوع من الشعاب المرجانية النادرة. الدكتور عبدالله المطوع، رئيس الهيئة العامة للتراث، أكد أن "هذا الإنجاز يمثل نقطة تحول حقيقية في مسيرة المحافظة على التراث السعودي، ويؤكد التزام القيادة الرشيدة برؤية 2030 في جعل التراث محوراً أساسياً للتنمية الثقافية والاقتصادية".
يأتي هذا الإنجاز نتيجة لاستثمارات ضخمة بلغت 15 مليار ريال خصصتها المملكة لمشاريع التراث والآثار منذ إطلاق رؤية 2030. وقد شهدت هذه المواقع عمليات ترميم وتطوير شاملة وفقاً لأعلى المعايير الدولية، مع تطبيق تقنيات حديثة للحفاظ على الطابع التاريخي الأصيل. كما تم تدريب أكثر من 3000 خبير سعودي متخصص في علوم الآثار والترميم، مما يؤكد التزام المملكة ببناء قدرات محلية قادرة على إدارة وحماية التراث الوطني.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا الإنجاز إلى ثورة حقيقية في قطاع السياحة الثقافية، حيث تشير التوقعات إلى زيادة عدد السياح الثقافيين بنسبة 300% خلال السنوات الثلاث المقبلة. سارة الجهني، مديرة إحدى الشركات السياحية الناشئة، تعبر عن حماسها قائلة: "نحن نشهد ولادة صناعة سياحية جديدة كلياً، فالمواقع التراثية السعودية أصبحت وجهة عالمية للباحثين عن الأصالة والتاريخ العريق". كما تتوقع الهيئة العامة للسياحة أن تساهم السياحة التراثية في توظيف 50 ألف شاب وشابة سعودية في تخصصات متنوعة من الإرشاد السياحي إلى إدارة المواقع التراثية.
هذا الإنجاز التاريخي يؤكد أن رؤية 2030 ليست مجرد طموحات، بل خارطة طريق حقيقية نحو مستقبل يجمع بين الأصالة والحداثة. مع استمرار الجهود لتسجيل مواقع إضافية، تسعى المملكة للوصول إلى 20 موقعاً تراثياً بحلول 2030، مما سيضعها ضمن أكبر خمس دول في العالم من حيث التراث المعترف به دولياً. فهل ستواصل السعودية هذا النجاح المتسارع لتصبح قبلة التراث العالمي في المنطقة؟