بعد 60 يوماً من الانتظار والترقب المؤلم، أشرقت شمس الأمل أخيراً على آلاف الأسر النازحة في اليمن، حيث أعلنت وزارة النقل رسمياً عن صرف مرتبات شهرين كاملين - يناير وفبراير 2025 - لموظفيها من فئة النازحين. هل تخيلت يوماً أن صوت رنين الهاتف يمكن أن يحمل خبراً ينقذ أسرة كاملة من براثن الجوع؟ اليوم، هذا الحلم أصبح حقيقة لآلاف الموظفين.
في مشهد أشبه بالمطر بعد جفاف طويل، تدفق الموظفون النازحون صباح اليوم على نقاط الصرف عبر شبكة البنك (عدن حوالة) في مختلف المديريات. أحمد النازح، موظف إداري في وزارة النقل وأب لخمسة أطفال، لم يستطع إخفاء دموع الفرح وهو يقول: "كنت أعيش على الدين والمساعدات، وأطفالي ينتظرون وجبة واحدة في اليوم." الأرقام تتحدث عن نفسها: 100% تغطية لجميع المديريات، وصرف فوري يشمل شهرين من المرتبات المتراكمة.
الخلفية المرة لهذا الحدث السعيد تكشف حجم المعاناة التي عاشها هؤلاء الموظفون، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أزمة صرف المرتبات للموظفين النازحين تفاقمت منذ بداية الصراع في اليمن. د. سالم العولقي، الخبير الاقتصادي، يؤكد أن هذه الخطوة "تشبه إزالة جبل من الأعباء عن أكتاف الأسر النازحة" مقارناً إياها بانفراجات مماثلة حدثت في دول شهدت أزمات اقتصادية. التحدي الأكبر كان في ضمان وصول الأموال لكل موظف في مناطق النزوح المتفرقة.
وبينما انتشر الخبر بسرعة البرق عبر مجتمعات النازحين، تحولت الأسواق المحلية إلى خلية نحل، حيث اندفعت الأسر لشراء الضروريات التي حُرمت منها لشهور. فاطمة محمد، زوجة موظف نازح، تصف اللحظة قائلة: "رائحة الخبز الطازج ملأت البيت لأول مرة منذ شهرين." الخبراء يتوقعون انتعاشاً فورياً في الأسواق المحلية، بينما يحذرون من ضرورة إدارة هذه الأموال بحكمة. السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستمكن هذه الخطوة من كسر حلقة الفقر المفرغة؟
بينما تتعالى أصوات الفرح في منازل الموظفين النازحين، تبقى العيون شاخصة نحو المستقبل، منتظرة إجابة السؤال الأهم: هل ستكون هذه بداية حقيقية لانتظام صرف المرتبات، أم مجرد راحة مؤقتة في رحلة المعاناة الطويلة؟ الوقت وحده سيكشف ما إذا كان هذا الأمل الذي أضاء وجوه الأطفال اليوم سيصمد أمام تحديات الغد.