بعد 10 سنوات من الحرب المدمرة التي شلت معظم الخدمات الحكومية في اليمن، يأتي خبر ينير الأمل في قلوب آلاف المتقاعدين وأسرهم. في زمن توقفت فيه الرواتب وتعطلت الخدمات، تواصل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً الوفاء بالتزامها تجاه من خدموا الوطن عقوداً من الزمن.
أعلنت الإدارة العامة للتقاعد بوزارة الداخلية رسمياً البدء في صرف معاشات المتقاعدين غير المشمولين بالتسويات لشهر سبتمبر 2025 عبر بنك القطيبي وفروعه في المحافظات المحررة. العميد جمال فضل عبدالكريم القطيبي، مدير عام الإدارة، أكد أن "المعاشات ستصرف وفقاً للقوائم المعتمدة تقديراً لخدماتهم السابقة". أم محمد، أرملة شهيد عمرها 65 عاماً، لا تخفي دموع الفرح: "كنت أنتظر هذا المعاش لشراء دواء حفيدتي المريضة، الحمد لله وصل الفرج".
خلف هذا القرار قصة طويلة من المعاناة والصمود. منذ اندلاع الحرب في 2014، شهدت اليمن انهياراً اقتصادياً مدمراً، حيث انخفضت قيمة الريال بنسبة 80% مقابل الدولار. رغم ذلك، حرصت الحكومة المعترف بها دولياً على عدم نسيان من ضحوا من أجل الوطن. يقول الدكتور عبدالله، خبير الشؤون المالية: "صرف المعاشات بانتظام يحافظ على كرامة من خدموا الوطن، وهو استثمار في الاستقرار الاجتماعي". هذا القرار يأتي بعد فترات تأخير وصلت أحياناً إلى 6 أشهر في السنوات الماضية.
التأثير الفوري لهذا القرار يمتد إلى آلاف الأسر في المحافظات المحررة. عبدالرحمن، متقاعد عمره 58 عاماً، يروي: "المعاش بالنسبة لنا مثل الماء للعطشان في الصحراء، به نشتري الدواء والطعام لأطفالنا". العميد المتقاعد أحمد سالم يتطوع لمساعدة زملائه: "نقف معاً في هذه المحنة، كما وقفنا معاً في الخدمة". المشهد في فروع بنك القطيبي يحكي قصة أمل وصمود، حيث تمتلئ الوجوه بالارتياح بعد أشهر من القلق والترقب.
بينما ينتشر الخبر بسرعة البرق بين المتقاعدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة من الحفاظ على هذا الالتزام رغم التحديات الاقتصادية الهائلة؟ الإجابة تكمن في استمرار الدعم والثقة، لأن من خدموا الوطن يستحقون أن يعيشوا بكرامة مهما كانت الظروف صعبة. على المتقاعدين المسارعة لأقرب فرع لبنك القطيبي لاستلام معاشاتهم المستحقة.