في تطور صادم يتحدى كل التوقعات، يحافظ الريال اليمني على استقراره المذهل لليوم الـ120 على التوالي، محققاً معجزة نقدية في بلد يشهد حرباً منذ 9 سنوات! للمرة الأولى منذ 2015، يتمكن التاجر اليمني من النوم دون قلق من انهيار عملته صباح الغد، في حين تسجل محلات الصرافة في عدن أرقاماً ثابتة لم تشهدها منذ عقد كامل.

سجلت أسواق الصرف مساء الخميس أسعاراً مستقرة بواقع 1617 ريال للشراء و1630 للبيع مقابل الدولار الواحد، بفارق 13 ريالاً فقط يعكس ثقة نادرة في السوق. "هذا الاستقرار يعكس نجاح السياسات النقدية المدروسة التي تبناها البنك المركزي"، تؤكد المصادر المصرفية، بينما يروي سالم باحارثة، صراف في عدن: "لأول مرة منذ 8 سنوات أنام مرتاح الضمير، لوحات الأسعار لم تعد تتغير كل ساعة كما في الماضي المؤلم."

هذا الإنجاز النقدي يأتي بعد تاريخ طويل من التذبذب العنيف الذي شهده الريال منذ اندلاع الصراع عام 2015، حين انهارت العملة من 250 ريال للدولار إلى أكثر من 2000 ريال في أسوأ فتراتها. كما يحافظ قائد سفينة ماهر على ثبات الدفة في عاصفة عاتية، نجح البنك المركزي في تطبيق سياسات نقدية محكمة عبر تدخلات مدروسة في السوق واستقرار نسبي في التحويلات الخارجية. الخبراء يتوقعون استمرار هذا الاستقرار مع ضرورة الحذر من المتغيرات السياسية المحيطة.

بدأت آثار هذا الاستقرار تنعكس إيجابياً على الحياة اليومية للمواطنين، حيث تمكنت فاطمة علي، ربة منزل من عدن، من توفير أموال تعليم أطفالها للمرة الأولى منذ سنوات. "كنت أعيش في خوف دائم من ارتفاع الأسعار المفاجئ، الآن أستطيع التخطيط لمصروف البيت لأسابيع قادمة"، تقول بابتسامة لم تفارق وجهها منذ شهور. هذا الاستقرار فتح نافذة أمل للاستثمار في المشاريع الصغيرة والعقارات، لكن الخبراء ينصحون بالحذر والمتابعة الدقيقة للتطورات السياسية التي قد تؤثر على هذه المعادلة الحساسة.

في عالم يشهد تقلبات اقتصادية عنيفة، يقف الريال اليمني كالصخر أمام العواصف، محققاً استقراراً يحسده عليه العديد من العملات الإقليمية. هذه الفترة الذهبية تتطلب استثماراً حكيماً لبناء قاعدة اقتصادية أقوى تضمن ديمومة هذا الإنجاز. السؤال الذي يؤرق الجميع: هل ستصمد هذه المعجزة النقدية أمام العواصف السياسية القادمة؟